مع تحول البشر إلى جنس متعدد الكواكب في المستقبل، تبحث ناسا عمّن يستطيع أن يمنع الإنسان من تلويث الفضاء، والكواكب التي سيستوطنها هذا الإنسان.


إيلاف من لندن: نشرت "إيلاف" أخيرًا نبأ اعلان وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" عن وظيفة شاغرة بعنوان "مدير حماية الكوكب" براتبٍ مغرٍ. وأطلق النبأ موجة من التصريحات المثيرة على الرغم من أن مهمة هذا المسؤول هي في الأغلب منع انتقال متعضيات مجهرية من الأرض إلى كواكب أخرى وبالعكس منع التلوث البيولوجي خلال الرحلات الفضائية. وهذا يعني أن الموظف الجديد سيركز على إبقاء المركبات الفضائية نظيفة، ليس عليها ذرة غبار.

في هذه الأثناء، توقعت مجلة نيوزويك سلسلة من الكواراث المرتبطة بالتغير المناخي، بينها موجات حر قاتلة وجفاف عالمي وحروب لا تنتهي.

ومن السيناريوهات الدنيوية المتوقعة وقوع محرقة نووية وانتشار أمراض ناجمة عن الهندسة الوراثية وتمردات تقوم بها آلات تعمل بالذكاء الاصطناعي، على طريقة روايات الخيال العلمي.

جنس متعدد الكواكب

مع استمرار العالم في تحقيق ابتكارات تكنولوجية متوالية، أعرب قادة مرموقون في هذا القطاع عن تحفظاتهم. وحذر إيلون ماسك، مؤسس شركة تيسلا، من "التهديد الوجودي" الذي يمثله الذكاء الاصطناعي، رابطًا اياه بشيطان يستحضره شخص لن يتمكن من السيطرة عليه.

في منطقة سيليكون فالي، مركز شركات التكنولوجيا في ولاية كاليفورنيا، لم تلق تحذيرات ماسك آذنًا صاغية، على الرغم من أن الفكرة القائلة إن تكنولوجيتنا تفوق قدراتنا على التنافس معها ليست فكرة جديدة.

لعل العالم البيولوجي إي. او. ولسن قد أحسن وصف مشكلة الإنسان الأساسية حين قال: "لدينا عواطف تنتمي إلى العصر الحجري القديم ومؤسسات قروسطية وتكنولوجيا أشبه بالإله".

في هذه الأثناء قرر ماسك، مدفوعًا بمخاوفه، استيطان المريخ من طريق شركته سبايس إكس للتكنولوجيا الفضائية، بأمل أن يصبح الجنس البشري في نهاية المطاف "جنسًا متعدد الكواكب" على حد تعبيره.

لصالح البشرية

فيما يدعو الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنغ، الذي يخشى أن تصبح الأرض كوكبًا غير صالح للعيش، إلى استيطان الفضاء كوسيلة للبقاء على المدى البعيد، يقول جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون، إنه واثق من أن الأرض ستبقى بيتنا، لكنه مقتنع بأن استيطان الفضاء، بما في ذلك القمر، سيمكننا من الاستمرار في البقاء على الأرض. ويريد أن تساهم شركته بلو أوريغون بدور في هذه العملية.
في هذا السياق، يبرز مدير حماية الكوكب في "ناسا" بوصفه بطلًا غير متوقع ومثالًا مهمًا تقتدي به شركات خاصة للرحلات الفضائية، مثل شركات ماسك وبيزوس.

على نقيض المستعمرين الأوروبيين في القرن الخامس عشر الذين نقلوا المرض وانزلوا الدمار بالأميركتين، فإن مدير حماية الكوكب في ناسا يمثل مستكشِفًا حريصًا ومُراعيًا، يتحلى بالجرأة في كل خطواته لأنه يعمل لصالح البشرية والكواكب الأخرى.

وظيفة بالغة الأهمية

يمكن القول بالطبع إن حماية الكواكب من كائنات عضوية مجهرية وظيفة تافهة بالمقارنة مع الاحتكاك عن قرب مع كائنات فضائية عاقلة. وهذا على وجه التحديد ما يجعل الوظيفة بالغة الأهمية. فإن اتقان عملية استكشاف الفضاء والسفر بين الكواكب بكل تفصيلاتها يتطلب وظيفة كهذه.
لا يمكن التنبؤ بعلاقتنا مع الفضاء التي ما زالت في طفولتها، والتشديد على المسؤولية، ولا سيما في هذه المرحلة، يتسم بأهمية بالغة. في هذا السياق، لا تقل مهمة مدير حماية الكوكب عما يشير إليه عنوان الوظيفة.

شهد هذا الصيف رابع أعلى شهور يونيو حرارةً في التاريخ منذ بدء تسجيل درجات الحرارة. وفي منتصف يوليو، انفصل عن القطب الجنوبي جبل من الجليد بحجم ولاية ديلاوير الاميركية. وإذا صحت مخاوف كثيرين من أننا ألحقنا ضررًا لا يمكن إصلاحه بعالمنا، فإن الوقت لم يتأخر عن التعامل بمسؤولية مع العوالم الأخرى.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "نيوزويك". الأصل منشور على الرابط:

http://www.newsweek.com/its-no-joke-nasa-needs-someone-stop-us-polluting-outer-space-649164