يتفق محللون سعوديون تحدثوا لـ"إيلاف" على أهمية الزيارة التي أداها أوباما إلى الرياض، وشددوا على أنها زيارة عمل رسمية تتجاوز زيارة العزاء، أرادت واشنطن من خلالها توضيح دور السعودية الاقليمي الوازن والحيوي.


حسن حاميدوي من الرياض: أكد محللون سعوديون أنّ زيارة الرئيس الأميركي باراك اوباما للرياض، على رأس وفد يضم 30 مسؤولاً& كبيرًا هي دلالة مهمة بأن السعودية دولة ذات وزن ثقيل بالمنطقة، إضافة إلى أنّ الزيارة تحمل رسالة تأكيد على دعم الولايات المتحدة وقبولها للتغيير القيادي الذي جرى في هرم السلطة السعودية، فضلاً عن تقديرهم للراحل خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وكان اوباما قد وصل الرياض عصر الثلاثاء 27 يناير، حيث كان في استقباله الملك سلمان بن عبد العزيز شخصيًا و عدد كبير من الأمراء والوزراء الذين حضروا لأرض المطار لاستقباله، ليكون بذلك اوباما الرئيس الوحيد الذي حظي باستقبال رسمي خلاف عشرات رؤساء الدول، الذين زاروا المملكة في الأيام الأخيرة لتقديم العزاء، وهو ما اعتبره المحللون "زيارة عمل رسمية ولم تكن للعزاء فقط".

وزن السعودية في العالم

المحلل السعودي ورئيس قناة "العرب"، جمال خاشقجي أوضح أن الزيارة تضمنت جانبين، تقديم العزاء أولاً وهذا ما رمز إليه وجود شخصيات من الحكومة الأميركية بالإضافة إلى الجمهوريين وشخصيات أميركية مهمة في العلاقات السعودية الاميركية، مثل كوندليزا رايس، جيمس بيكر، جون ماكين.

وأضاف في حديث لـ"إيلاف" أنّ واشنطن حرصت أن تبلغ& العالم بوزن السعودية في المنطقة، وبما تكنه من تقدير للراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز".

خارطة تتآكل

وفي ما يتعلق بالجانب العملي للزيارة، قال خاشقجي إن عدم إجراء مؤتمر صحافي بين الطرفين قد يقلل من احتمالية معرفة القضايا التي تمت مناقشتها "لكن المتفق لدى أي مراقب أن السياسة السعودية الأميركية لم تستطع حتى الآن وقف التداعي في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن خريطة المنطقة في العراق& وسوريا واليمن وليبيا ما زالت تتآكل، وهو ما يستدعي التعاون بين الطرفين بشكل سريع لوقف هذا التداعي وإعادة النظر في سياسات سابقة للانطلاق بسياسات جديدة".

قضايا ملحة

وحول القضايا الملحة، رأى خاشقجي إنه لابد أن يتم تناول ضعف التنسيق ما بين الدول الثلاث الأهم في المنطقة وهي أميركا، رغم إنها غير موجودة بالمنطقة إلا إنها دولة مهمة، والسعودية وتركيا.

وأضاف: "هذه الدول الثلاث هي القادرة على التغيير وعلى انقاذ المنطقة من التداعي، وبقية الدول غير مهمة بالمقارنة مع حجم الانهيارات الجارية".

حليف استراتيجي

من جهته، اتفق الدكتور أنور عشقي، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية، مع خاشقجي حول إن زيارة اوباما وترؤسه وفدًا كبيرًا من السياسيين المخضرمين، تعتبر إشارة مهمة من واشنطن للعالم بأن السعودية هي الحليف الاستراتيجي الأقوى في المنطقة وأنها محل الاحترام والتقدير.

وأضاف لـ"إيلاف": "الوفد الأميركي كان خليطًا بين سلطة تنفيذية وتشريعية وزعماء كبار وفاعلين في واشنطن والشرق الأوسط، مما يدل على أن هناك أفكارًا وحوارًا سيتم بين الجانبين لاسيما في اختلافات الجانب السياسي".

وأشار إلى أنّ الجانبين السعودي والأميركي متفقان على الجانب الاستراتيجي منذ أيام الملك عبد العزيز مؤسس السعودية، إلا أن هناك ثمة اختلافات في التطبيق.

إيران وداعش

واستعرض الدكتور أنور عشقي عددًا من الملفات الشائكة بالمنطقة، مقدمًا رؤيته حول تسويات وحلول يرى أنه من الأفضل أن يضعها الجانب الأميركي في الحسبان.

ففي إيران لابد أن لا تركز واشنطن على الملف النووي فقط، بل يجب أن تعطى النصيب نفسه في ما تمارسه إيران من زعزعة لمنطقة الشرق الأوسط.

وفي ما يتعلق بالحرب على داعش، قال عشقي انه من الأفضل التركيز على سبب وجودها في العراق، حيث كانت نتيجة السياسات الخاطئة التي مارستها الحكومة العراقية السابقة عبر إقصائها جميع الأطراف والتي رأت في داعش محضنًا لها، حيث يتمثل الحل في القضاء على هذا الإقصاء بدعم التوجه الجديد للحكومة العراقية، على حد تعبيره.

أما في سوريا، فيرى عشقي أنّ داعش نمت هناك بسبب وجود ملاذ آمن لها، أنتجته الحرب الأهلية والحل يكمن في إيقاف الحرب في سوريا عبر تسوية وحل سياسي يحافظ على التوازن بين الفريقين المتصارعين، الشعب والمعارضة من جهة، والحكومة السورية من جهة أخرى.

تراخي واشنطن

إلى ذلك، قال جميل الذيابي المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة الحياة - الطبعة السعودية - إن زيارة الرئيس الأميركي أوباما، تؤكد على قوة العلاقة الإستراتيجية والتاريخية بين السعودية وأميركا.

وقال لـ"إيلاف": "العلاقات السعودية - الأميركية& شابها بعض الفتور في الفترة الأخيرة، بسبب تراخي مواقف البيت الأبيض تجاه ما يحدث في المنطقة العربية من اضطرابات ومآسٍ، وكذلك موقفها من البرنامج النووي الإيراني"، متفقًا مع ما ذهب إليه جمال خاشقجي وأنور عشقي.

وقال الذيابي إن زيارة الرئيس أوباما برفقة أهم المسؤولين في إدارته وإدارات أميركية سابقة، مهمة من حيث توقيتها وسرعتها، حيث تأتي بعد أربعة أيام فقط من تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في السعودية، وهو ما يؤكد على حرص واشنطن على التمسك بعلاقتها التاريخية مع الرياض، مبينًا أن الزيارة تؤكد على عمق العلاقة والشراكة القوية القائمة بين البلدين، فواشنطن تنظر بثقة كبيرة الى الرياض في علاقاتها الخارجية، وهو ما اكده التقرير الذي أصدره البيت الأبيض وتناول أهمية العلاقات السعودية – الأميركية، ومدى تأثيرها على الأمن الإقليمي، والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.