صبري عبد الحفيظ من القاهرة: كشف ضعف الإقبال في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية عن إصابة المصريين، ولا سيما الشباب بحالة من الاحباط الشديد، فيما استمر كبار السن والنساء في تصدر المشهد الإنتخابي، وصرن أقرب ما يكون إلى "ورقة التوت" التي تستر عورة النظام المصري في كل استحقاق انتخابي، بحسب متابعين.

غير أن دراسة حديثة تشير إلى تراجع مشاركة المرأة في الإنتخابات البرلمانية الحالية، سواء كمرشحة أو ناخبة.

ودعت رئيس المجلس القومي للمرأة السفيرة ميرفت التلاوي الأحزاب السياسية إلى ضرورة الاقتداء بالرئيس السيسي في الإهتمام ودعم المرأة، مشيرة إلى أنه يعتبرها "أيقونة العمل السياسي".

ويصرّ الشباب على العزوف عن المشاركة، بسبب حالة الانسداد السياسي التي تمر بها البلاد وضعف الأحزاب منذ الإطاحة بنظام حكم جماعة الإخوان المسلمين في 3 يوليو/ تموز 2013.

ورغم أن مشاركة النساء في الانتخابات الراهنة تشكل أربعة أضعاف مشاركة الرجال، إلا أن مركز "هردو" قال في دراسة حديثة له إن هناك تراجعا في مشاركة المرأة سواء ترشيحاً أو انتخاباً.

وأوضحت الدراسة التي حملت عنوان "أوضاع النساء في الانتخابات البرلمانية 2015: انتبهت القيادة السياسية (الرئيس عبد الفتاح السيسي) منذ 30 يونيو 2013 إلى دور النساء في دفع الحراك السياسي والمشاركة السياسية، حيث امتلأت ميادين مصر بالنساء فى 30 يونيو، وكذلك في 3 يوليو 2013، وبلغت نسبة تصويتهن 55% فى الاستفتاء على دستور 2014، كما حسمت السباق لصالح الرئيس السيسي في الانتخابات الرئاسية بنسبة 54% من إجمالي أصوات الناخبين.

وأضافت: "هكذا أدركت القيادة السياسية أن الرهان على نسبة تصويت النساء فى الانتخابات البرلمانية لهو رهان رابح لإدراك الاستحقاق الثالث لخريطة الطريق بأعلى نسب مشاركة شعبية ممكنة، ومن هذا المنطلق جاءت دعوة الرئيس السيسي للنساء للنزول للإقتراع في خطابه المذاع بتاريخ 17 أكتوبر 2015، حيث وصف المرأة المصرية بأنها "أيقونة العمل الوطني ورمز التضحية من أجل الوطن"، كما تصدرت دعوات المرأة للمشاركة في التصويت عناوين عدد من الصحف ومواقع الأخبار.

ليس هذا فقط، بل جاء الاهتمام بتأمين مشاركة النساء وطمأنتهن بعدم التعرض لأي انتهاكات أثناء التصويت أو المشاركة، فأصدر المجلس القومي للمرأة تصريحات بتواجد ممثلية خارج اللجان وداخلها وأيضا أرقام مكاتب الشكاوى في المحافظات التي ستجرى بها الجولة الأولى للمعركة الانتخابية لتذليل أي معوقات قد تقف أمام مشاركة النساء، كما وزع المنشورات للتوعية بأهمية المشاركة في التصويت وبدور النساء في تحقيق الاستقرار والدفع بعجلة الديمقراطية.

على عكس المتوقع، بلغت نسب التصويت حتى الآن فقط 2.2%، وبلغت مشاركة النساء أربعة أضعاف الذكور حسب بيان اللجنة العليا للإنتخابات.

ووفقاً للدراسة، فإن كانت النساء ما زلن في صدارة المشهد إلا أن نسبة مشاركتهن قد تراجعت بشكل واضح وهو ما أرجعه البعض إلى الخوف من الانتقادات التى وجهت لممارسات النساء في لجان التصويت سابقا، وأيضا إلى عدم احساسهن بجدوى العملية الإنتخابية، إضافة إلى خوفهن من التعرض لأي عنف في ظل حالة عدم الاستقرار التى تمر بها البلاد.

وذكرت الدراسة أن نسبة ترشح النساء بلغت 5.6 % في الانتخابات البرلمانية 2015، حيث ترشحت 308 سيدات من أصل 5420 مرشحًا بالنظام الفردي، مما يشير إلى تراجع واضح بعد أن بلغت 9% من إجمالي المرشحين في انتخابات 2011 و8% من إجمالي المرشحين في انتخابات 2010.

كما ترشحت 135 سيدة على القوائم الأساسية من إجمالي 285 مرشحا بما يعادل 47%، وهو ما يشير إلى أن القوائم الحزبية قد إلتزمت بالحد الأدنى لترشح النساء وفقا للقانون رقم 46 لسنة 2014 والمادة 5 به.

ويشير تراجع نسب ترشح النساء في السباق البرلماني 2015 إلى أن الأحزاب السياسية لم يتغير أداؤها، وأن تمثيل المرأة فيها جاء امتثالا للقانون وليس في سياق دعم و تمكين النساء من المشاركة السياسية وصنع القرار، بالإضافة إلي عدم وجود ضمانات كافية في ظل حالة عدم القبول المجتمعي التي تواجهها النساء المرشحات وأيضا عدم قدرة التيارات السياسية على استيعاب الكوادر النسائية ودعمها فما زالت الأحزاب والتيارات السياسية تعتبر ترشح النساء رهانًا خاسرًا.

واعتبرت رئيسة المجلس القومي للمرأة ميرفت التلاوي، أن مشاركة المرأة المصرية بكثافة في جميع الاستحقاقات السياسية يؤشر الى أنها تتمتع بوعي كبير بطبيعة المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر.

وأضافت لـ"إيلاف" أن المرأة بطبيعتها تبحث عن الإستقرار، مشيرة إلى أن الدافع وراء مشاركتها الدائمة في الحياة السياسية عموماً والانتخابات خصوصاً ينبع من رغبتها في تحقيق الإستقرار للوطن، بما ينعكس على إستقرار أسرتها وتوفير فرص عمل لأبنائها.

ودعت التلاوي الى ضرورة أن تولي الأحزاب السياسية اهتماماً أكبر بالمرأة المصرية، وتعتبرها "أيقونة" العمل السياسي، كما يقول عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وقالت الدراسة الحقوقية الصادرة عن مركز "هردو" إن المرأة تصدرت عناوين الصحف ومواقع الأخبار المصرية بأكثر من مائتي عنوان في الانتخابات خلال اليومين المنقضيين، تنوعت العناوين ما بين دعوات للمشاركة وما بين حصر لأعداد النساء المرشحات أو المشاركات في الانتخابات، وما بين بيانات وتصريحات لمراكز ومنظمات حقوق المرأة وإطلالات على مشاركات النساء في الحراك السياسي وأيضا بيانات بخصوص تأمين النساء في العملية الإنتخابية وأرقام مكاتب الشكاوى ورصد الانتهاكات.

أما بخصوص الانتهاكات الموجهة ضد النساء فلم ترصد مؤشرات البحث في عناوين الصحف ومواقع الأخبار سوى بيان المجلس القومي للمرأة بشأن تلقي 27 شكوى دار أغلبها حول خرق الصمت الانتخابي أو توجيه الناخبات أو عمليات شراء أصوات.

تراجع نسب مشاركة النساء كناخبات، قد يرجع بالأساس لإحساسهن بالاستغلال حيث تتم دعوتهن للمشاركة التى لا يجنين ثمارها بعد ذلك في صورة قوانين وتشريعات وسياسات تدعم حقوقهن ومصالحهن بما يشعرهن بعدم جدوى مشاركتهن، ولا يمكن إصدار تشريعات لصالح النساء من برلمان لا تمثل فيه النساء، وهو ما على الدولة مراعاته ليس فقط بطريقة الكوتة بل بدعم النساء كمرشحات وتوفير برامج الدعم المالي والفني لهن وإطلاق حملات توعية موسعة بأهمية التمثيل النسائي في البرلمان، بحسب ذات الدراسة.