اليمن تحت النار والسياسة ينذر بأزمات آتية، خصوصًا أن عبد ربه منصور مستهدف بالتشكيك في شرعيته.

الرياض: منذ أن انتهى مفعول المبادرة الخليجية في شباط (فبراير) 2014، والجدل لا ينتهي بشأن شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بين آراء تطالب بالانتقال من الشرعية السياسية إلى الشرعية الشعبية، وأخرى تعتبر هذه المطالب أصوات تشتيت لصفوف المقاومة الشعبية ولا ينبغي الالتفات إليها قبل إنهاء الانقلاب، ليبقى الرئيس هادي نقطة التقاء لكنه يبقى أيضًا مادة دسمة لجدل سياسي ما فتئ ينتقل من مستوى إلى آخر.

الحكومة الشرعية، بدورها، لم تسلم من معوقات الجدل حول مدى جاهزيتها لتنفيذ واجباتها الوطنية، انطلاقًا من إدارتها المناطق المحررة، فمن مشكك وساخط على إدارتها وإمكانيتها، ومن مشفق ومدافع عن أدائها، مع الأخذ في الاعتبار عدم وجود المؤسسات ولا الإطارات القادرة على تسيير المرحلة، التي فرضتها جملة من المعطيات الميدانية على الأرض وأهمها حالة اللاسلم .

فرصة للعدو

الدكتور وحيد حمزة هاشم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، أوضح ان لا قيمة للشرعية السياسية في ظل حرب أهلية ينتج منها انعدام الامن وانتشار الإشكاليات الاقتصادية إضافة إلى انعدام الحاجات الأساسية للبشر، مشيرًا في حديثه لـ "ايلاف" إلى أن الحكم على الشرعية لا يكون إلا في الدولة المستقرة والنظام السياسي الذي يمتلك معايير واضحة للمدخلات والمخرجات في تحقيق رغبات ومطالبة مواطنيه، مضيفًا: "هذه الحالة غير متوافرة حاليًا في اليمن، ومهما فعلت الحكومة الشرعية من منجزات لا يمكن أن تظهر للعيان، لأن حالة اللاسلم والتفكك والصراع وعدم وجود القانون والنظام ستحجب أي منجزات".

وفي ما يتعلق بالجدل الدائر حول شرعية هادي، قال هاشم: "في أي منظومة سياسية إذا انتهت ولاية الرئيس أثناء حالة الحرب أو أي حالة تمنع التصويت أو الانتخاب، فانه من حق البرلمان إذا كان موجودًا أن يمدد لرئيس الدولة، والسؤال المطروح هو هل هناك برلمان في اليمن، الإجابة لا، هل هناك إمكان للتصويت أو الانتخاب، الإجابة لا، وبالتالي الحديث أو الجدل حول شرعية رئيس، مع عدم توافر أي إطار دستوري لانتخاب رئيس جديد، هو حديث غير علمي ويعطي فرصة للعدو لتشتيت الصفوف".

إشكاليات أمنية

قال المحلل سلطان المهدي إن حالة التقصير في ما يخص فعالية الحكومة في عدن وترتيب أوضاع المناطق المحررة، لاشك أنها ولدت إشكاليات أمنية. أضاف لـ "إيلاف": "لكنها مسألة طبيعية، في أثناء الحروب حيث من الطبيعي أن تكون هناك اختلالات في توفير الخدمات بشكل عام، لكن هناك عمل جاد ومنظم بحسب الإمكانات المتاحة للحكومة الشرعية، كما انه ينبغي على دول التحالف أن تفعَل دورها أكثر في ما يخص مسألة التعاون مع الحكومة الشرعية في إدارة المناطق المحررة، ولاسيما أن المؤسسات المركزية للدولة ما زالت تحت سيطرة الانقلابيين في صنعاء".

وعن عدم شرعية هادي، قال المهدي إن هذه الطروحات ليست صحيحة، وتهدف إلى تنفيذ إرادة الانقلاب بطريقة أخرى. أضاف: "هادي مركز الشرعية اليوم، وعملية انتهاء شرعيته مقولات اعتمد عليها الانقلابيون للانقلاب على كافة المقررات التي اتفق عليها اليمنيون"، مؤكدًا أن التمديد لهادي تم بتوافق كافة الأطراف ثم أتت الحرب، وعملية إعادة بناء التوافق لبناء الشرعية لا يمكن أن تحدث إلا بعد إنهاء الانقلاب، أما قبل ذلك فكل ما يقال ما هو إلا تشكيك وتشتيت صفوف المقاومة الشعبية".

أوضح المهدي انه مهما كان الخلاف مع هادي في إدارة الدولة يظل هو العمود الفقري اليوم للشرعية، "وبالتالي المعركة الأساسية هي معركة عاصفة الحزم والمقاومة الشعبية وكلها تباشر الدفاع عن الشرعية، وهذا المفهوم متجسد اليوم في رئاسة الجمهورية، الرئيس هادي يمثل اليوم المرتكز الأساسي للشرعية، وأي خلل في هذا المرتكز لن يخدم المعركة".

أضاف: "ربما يكون هناك لاحقًا رؤية لتدعيم وبناء وتطوير أداء الحكومة الشرعية بما في ذلك رئاسة الجمهورية، لكن المطلوب اليوم دعم الدولة بما يمكنها من إنجاز أهدافها، وأي كلام غير هذا سوف يؤدي إلى زعزعة الأوضاع ولن يخدم سوى الحوثيين وعبدالله صالح.

تجدر الإشارة إلى أن المبادرة الخليجية التي أتت بالرئيس هادي هي مشروع اتفاق سياسي أعلنته دول الخليج في نيسان (أبريل) 2011 لتهدئة ثورة الشباب اليمنية، عن طريق ترتيب نظام نقل السلطة في البلاد، والتي انتهت بتوقيع جرى في الرياض في نوفمبر 2011 على الخطة للانتقال السياسي، والتي قبل بموجبها على عبدالله صالح على نقل سلطات الرئاسة قانونًا إلى نائبه عبد ربه منصور هادي.

وفي شباط (فبراير) 2012، وافق مجلس النواب على ترشيح هادي كمرشح وحيد للانتخابات الرئاسية المقبلة.