لندن: عقدت وكالة المخابرات المركزية العاملة مع قوات الجيش الأميركي خلال احتلال العراق، صفقات متكررة لشراء صواريخ محملة بغاز الأعصاب من بائع عراقي سري، في إطار خطة لم يُكشف عنها من قبل، للتوثق من عدم وقوع ما تبقى من أسلحة صدام الكيميائية بأيدي إرهابيين أو جماعات مسلحة، كما أكد مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون. &
&
وبدأت الخطة الغريبة لشراء أسلحة العراق الكيميائية في عام 2005 واستمرت خلال عام 2006 واعتبرها الجيش الاميركي نجاحاً لمنع انتشار هذه الأسلحة. وأدت الصفقات إلى شراء الولايات المتحدة ثم تدمير 400 صاروخ من طراز بوراك، أنتجها النظام البعثي في الثمانينات، لكنّ مفتشي الأمم المتحدة لم يعثروا عليها بعد حرب تحرير الكويت عام 1991. &
وكانت العملية تُدار من محطة وكالة المخابرات المركزية في بغداد، بالتعاون مع استخبارات وحدة عسكرية أميركية وفرق متخصصة بالدفاع ضد الأسلحة الكيميائية وإبطال المتفجرات، كما قال مسؤولون وعسكريون خدموا في هذه القطعات لصحيفة نيويورك تايمز. وكان العديد من الصواريخ في حالة سيئة وبعضها فارغ أو يحمل سائلاً غير فتاك، ولكن البعض الآخر كان يحمل غاز الأعصاب سارين الذي أظهرت التحليلات أن درجة نقائه أعلى مما كانت الاستخبارات تتوقع، نظرًا لقدم المخزون الذي عُثر عليه. &
&
أهم طريقة
وكان شراء صواريخ غاز الأعصاب من البائع العراقي المجهول في عام 2006 أهم عملية للوصول إلى الأسلحة الكيميائية حتى ذلك الوقت من حرب العراق.&
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أن صفقات الشراء عُقدت مع مصدر عراقي واحد، كان متلهفاً على بيع بضاعته. ولكن ما دفعته الولايات المتحدة من المال إلى العراقي ليس معروفًا، ولا هوية هذا البائع أو انتماءاته. ورفض البنتاغون الإجابة عن اسئلة صحيفة نيويورك تايمز في هذا الشأن، لكنه اعترف بدوره بصورة غير مباشرة.&
&
سحب الأسلحة
وقال الجنرال ريتشارد زانر، رئيس الاستخبارات العسكرية الأميركية في العراق عامي 2005 و2006، انه "من خلال صفقات الشراء التي أجرتها وكالة المخابرات المركزية، سُحبت بهدوء من السوق مئات الأسلحة التي كان من الممكن أن يستخدمها ارهابيون". &وأكد جنود سابقون ومسؤولون مطلعون على العملية أن أول صفقة عُقدت في اوائل ايلول (سبتمبر) 2005 حين باع العراقي صاروخاً واحدًا من طراز بوراك. وأتاح الصاروخ ورأسه الحربي لمحللي الاستخبارات اكتساب معلومات جديدة عن لغز قديم. &ففي حرب العراق مع ايران إبان الثمانينات استخدمت القوات العراقية انواعاً متعددة من صواريخ عيار 122 ملم مصممة لرش غازات اعصاب. &
وكانت الرؤوس الحربية لصواريخ بوراك من انتاج محلي عراقي، ولكن صورة واضحة لم تتكون عن عدد الرؤوس الحربية التي أنتجها العراق، أو التي استخدمها خلال الحرب الايرانية ـ العراقية. &
وقال النظام العراقي إنه دمر ما تبقى لديه من هذه الصواريخ، قبل وصول المفتشين الدوليين في أعقاب طرده من الكويت، ولكن أدلة لم تتوفر قط لإسناد ادعائه هذا. &وقال المفتش الأممي وقتذاك، تشارلس دولفر، الذي قاد لاحقاً مجموعة مسح العراق التابعة لوكالة المخابرات المركزية انه "كانت هناك ثغرة كبيرة في المعلومات المتوفرة". &
وازداد اللغز تعقيدًا في عام 2004 واوائل 2005 عندما وقعت القوات الأميركية على 17 صاروخًا من طراز بوراك. ولا تُعرف ظروف عثورها على هذه الصواريخ. ثم أُطلقت عملية "افاريس" كما سميت في حينه للوصول إلى مزيد من هذه الصواريخ. &وبدأت العملية عندما سلمها البائع العراقي اول صاروخ نقله الجيش الأميركي إلى الولايات المتحدة لفحصه. &&
وقال مسؤولون إن البائع العراقي كان يُبلغ وكالة المخابرات المركزية في بغداد على نحو منتظم بأن لديه مزيدًا من الصواريخ للبيع، وكان ضباط الوكالة واستخبارات الجيش وخبراء في الأسلحة الكيميائية يتوجهون بمروحية إلى جنوب شرق العراق للقاء العراقي وإجراء صفقة البيع.
&
تدمير الأسلحة
وكانت شحنات الأسلحة الكيميائية التي يبيعها العراقي تتفاوت في الحجم، بضمنها شحنة ضمت أكثر من 150 رأساً حربياً. وكان الخبراء الأميركيون يسارعون إلى تدمير غالبيتها بتفجيرها، كما كشف المسؤولون لصحيفة نيويورك تايمز، ولكن بعضها نُقل إلى كامب سلاير قرب مطار بغداد لاجراء مزيد من الاختبارات عليها.&
&وقال مسؤولون عسكريون إنهم لا يعرفون اسم البائع العراقي أو ما إذا كان مهرباً أو مسؤولاً عراقيًا سابقاً أو حالياً، لأنه كان أحد مصادر وكالة المخابرات المركزية.&ولكن نشاطاته اثارت مزيدًا من الاهتمام مع استمراره في توفير الصواريخ وبيعها. &
ويعتقد الاميركيون أن الصواريخ التي باعها العراقي كانت تأتي من مكان قرب مدينة العمارة جنوبي العراق التي لا تبعد كثيرًا عن ايران، ولم تتمكن وكالة المخابرات المركزية ولا العسكريون الذين تعاملوا معه من اقناعه بالكشف عن مصدر امداداته. &وقال الجنرال زانر إنهم كانوا يريدون أن يعرفوا مكان وجود الصواريخ الكيميائية، وما إذا كان هناك مصدر رئيسي تخرج منه. & &
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصدر عسكري مطلع على الصفقات أن العراقي أخذ يزداد جسارة وأنه خدع المتعاملين معه مرة واحدة على الأقل ببيعهم صواريخ مليئة بمادة غير غاز السارين.&
& &
وفي عام 2006، قاد العراقي شاحنة محملة بالرؤوس الحربية الكيميائية إلى بغداد "واتصل برجال الاستخبارات ليقول انه سيسلمها إلى جماعات مسلحة إذا لم يأتوا لأخذها"، بحسب المصدر. &
&
واضاف المصدر أن العلاقة ضمرت بعد فترة ليست طويلة على ذلك، ثم انتهت الصفقات التي أدت "إلى تدمير الكثير من الأسلحة الكيميائية".&
&
&
&