&تتكرر الاعتداءات على الصحافيين العراقيين من قبل عناصر أجهزة الأمن من دون رادع، بشكل اصبح يثير قلقاً&ومخاوف لدى الاسرة الصحافية من ترسخ ثقافة الاعتداء من دون إجراءات فاعلة لردع الفاعلين.

بغداد: مع ردود الافعال الغاضبة على استمرار هذه الاعتداءات، تزداد التخوفات من عدم إمكانية إيقافها... وعلى الرغم من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي نظمتها المؤسسات الصحافية والإعلامية خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن الأمر مرّ بدون اهتمام، حيث بدأ الصحافيون يرون أن أوضاعهم تزداد سوءًا فبعد كل اعتداء يحصل اعتداء آخر.
&
& قتل للكرامة
&
ويؤكد سنان سعدي السبع، الصحافي الذي تعرض للاعتداء من قبل حمايات مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية التابع لمستشارية الأمن الوطني الاسبوع الماضي، انه لم يقتل في مركز النهرين، لكن قتلت كرامته. وقال: "بكيت كثيرًا حينما ضربني وحوش الامن الوطني، كنت اعتقد أن الضرب كان بأيديهم فقط غير أن صديقي حيدر نجم الذي حملني بعد الإصابة اكد لي أن أحد الأشخاص ضربني بكعب المسدس".
&
وأضاف: "بكيت بحرقة وأنا أرى الوحوش يسحلون الزميل احمد البديري إلى القاعة ويركلونه بقوة .. ثم ينهالون بالضرب على زميله المصور علي محمود، نعم تألمت ودخلت المستشفى لكني لم اقتل، الوحوش قتلوا كرامتي، قتلوا احلامي، سيشفى ألم يدي بمرور الايام، لكن كيف سيشفى ألم روحي؟".
&
&الصحافيون مستضعفون&
&
اما الكاتب والمحلل السياسي مازن الشمري، فقد أكد ضرورة أن تكون للصحافة قدرة على تحشيد الشعب على الخروج بتظاهرة، وقال : يكثر الكلام عن حقوق الصحافيين حتى الملل، فيما يبقى من ينادون بمثل هذه الحقوق امام مسؤولية تعريف امكانياتهم في انتزاعها .. وتساءل قائلاً: "هل مقاطعة أخبار أصحاب القامات الرفيعة وألقاب المعالي والسعادة ممكنة؟".
&
وأضاف: "أن أغلبية الشغيلة العاملة في الوسط الصحافي هم من المستضعفين في الأرض لا حقوق لهم في عقود رسمية تضمن لهم حق الاستنكار أو الاعتراض أو الاعتصام والإضراب عن العمل. وتابع: "المطلوب أن نفكر بحلول واقعية في زمان تهمين فيه " المهنية الحزبية " على الرأي العام الشعبي من دون ان تكون لقوى الشعب العاملة في بلاط صاحبة الجلالة تلك القدرة على تحشيد الناس على الخروج بتظاهرة من اجل نصرة حقوقهم أو حقوق زملائهم ووجوب التحذير من أن تتحول تلك الاهانات المفجوعة سواء في ميدان التغطية الاعلامية او امام نصب التحرير الى تجارة رابحة بيد هذا أو ذاك".
&
مقارنة (الأمن) بين عهدين
&
ومن جانبه، أوضح الإعلامي احمد عبد السادة أنه لا فرق بين عهدين، سابق وحاضر، فيهما جهاز أمن، وقال: "في زمن "صدام" كانت أكثر كلمة ترعبنا هي كلمة "الأمن".. وكانت أكثر بناية توقظ فينا ذاكرة الخوف وحكايات التوحش هي بناية "مديرية الأمن العامة" في منطقة البلديات، فكلمة "الأمن" في ذلك الزمن "الغابر" و"الأغبر" كانت تعني الاعتقال العشوائي والتعذيب الوحشي والتغييب والمحو التام، وعندما كان الناس يتهامسون بأن فلانًا "أخذه الأمن" كنا نشعر بأن هذا "الفلان" ابتلعه، بلا رجعة، حوت النظام الذي لا يشبع.&
&
&وأضاف: "وبعد أن تم تحريرنا من "أمن صدام" كنا نتوقع بأن كلمة "الأمن" ستعود إلى مجراها الطبيعي وستجلس في مقعدها المخصص لها بين الكلمات الأليفة، وبأن رجال الامن الجدد تخلصوا من شوارب "البعث" القمعية، لكننا في كل يوم نتفاجأ بأن الكثير من رجال "الأمن الوطني" عندنا لم يتدربوا على احترام المواطن وتوفير الأمن له، بل لا تزال تربية صدام راسخة في نفوسهم وعقولهم، والدليل هو ما تعرض له الإعلامي سنان سعدي السبع، ومعه آخرون، من اعتداء على يد "رجال أمن "، من المفترض أن يوفروا "الأمن" لا الضرب والتنكيل والتعسف".
&
&هشاشة أمنية وقلة وعي&
&
من جهته، تساءل الكاتب والصحافي علي حسن الفواز عن كيفية بناء دولة، وهناك من يشيع الرعب ، وقال: "ما يجري للصحافيين يكشف عن هشاشة أمنية، وعن قلة وعي الجهات الامنية في التعاطي مع المسؤولية الاعلامية...والمشكلة لا تكمن هنا بالاعتذار، بل بضرورة أن تكون حماية اي مسؤول على شيء من اللياقة مع الاخرين، وفي تقديم صورة ايجابية عن عمل هذا المسؤول او ذاك، مثلما هي الكفالة الضامنة والحمائية للصحافيين، وأن أي تجاوز أو خرق لهذه الحماية القانونية ينبغي أن تخضع للحساب القانوني، وأن يسنّ بها قانون، فضلاً عن التعريف بها في وسائل الإعلام...حتى لا يتجرأ احد على التجاوز وعلى ممارسة البلطجة تحت أي مبرر".
&
وأضاف: "كيف لنا ونحن نريد أن نبني دولة، ونريد أن نقول للاخرين إن الحريات مصانة، وأن الديمقراطية تسير على قدمين؟ وكيف نريد أن نسوّق اعلامًا مكفولاً بالحريات مادام البعض يمارس الحق المضاد في إشاعة الرعب والخوف بين الناس؟ انها مفارقة تحتاج الى مراجعة ونقد وموقف حازم".