يشكل اقتراع البريطانيين اليوم اختبار نوايا مهماً، خصوصًا أن بريطانيا مقسومة بالتساوي بين ضرائب ميليباند ونية كاميرون هجرة الاتحاد الأوروبي، وفي الحالين استقرار البلاد على المحك.

إيلاف - متابعة: أي باب تدق بريطانيا اليوم بإقبال البريطانيين منذ الصباح على الاقتراع لاختيار من سيحكم بلادهم للأعوام الخمسة القادمة؟ سؤال لن ننتظر طويلًا قبل أن نختبر الجواب اختبارًا، خصوصًا أن ثمة خوفاً حقيقياً على استقرار هذه البلاد التي طالما كانت ملاذًا سياسيًا واقتصاديًا للاوروبيين، المتأرجحين مع عملتهم الموحدة، وكوابيس الديون السيادية.

الاحتمالات متساوية

لم يسبق أن أخطأت استطلاعات الرأي البريطانية من قبل، وليس واردًا أن تكون على خطأ اليوم، مع تأكيدها أن أياً من الحزبين لا يملك فرصة حقيقية لتحقيق غالبية تدفعه وحيدًا إلى سدة رئاسة الحكومة. فلا ديفيد كاميرون، زعيم المحافظين، ولا إد ميليباند، زعيم العمال، قادر على إقناع غالبية بريطانية بصوابية آرائه، السياسية والاقتصادية، ليقفوا وراءه جميعًا في غالبية توصله مرتاحًا إلى منصة الفوز والحكم.

فالاحتمالات متساوية، أحدها هو أن بريطانيا ذات التوجه الليبرالي الجديد في الاتحاد الأوروبي قد تجد نفسها بعد انقضاء هذا اليوم ملتزمة بأكبر برنامج لزيادة الضرائب منذ السبعينيات الماضية، إن فاز ميليباند، وثانيها حكومة محافظة ضعيفة يشكلها كاميرون غير مرتاح، إلا إذا استطاع اليوم تحقيق حلمه بمقاعد أكثر من مقاعد منافسه ميليباند، فيشكل حكومة إئتلافية، لا يستطيع معارضوها الاتحاد ضدها، حتى أن حزب الديمقراطيين الليبراليين والحزب القومي الإسكتلندي يريدان إيصال حكومة محافظة ضعيفة، عاجزة عن التشريع، ويمكن ابتزازها سياسيًا بواسطة صقور المحافظين، الذين يريدون إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

لا مبالاة غير مبررة

لا يوجد أي دستور مكتوب يحكم تأليف الحكومات البريطانية، إنما هو عرفٌ وتقليد، لا يقبل إلا بالحكومات القوية القادرة على استخدام سلطاتها كاملة، وهذا ما لا يتوافق مع مفهوم "الحكومة الائتلافية" و "الحكومة الأقلية"، وبالتالي يكمن الخوف في خطر الاطاحة سريعًا بأي حكومة تتخذ من أي من هذين المفهومين شعارًا للحكم، وبالتالي ثمة خوف على إستمرارية الحكم في بريطانيا، رغم أنها موجودة ومتوقعة في كل الحالات، استنادًا إلى تجربة بريطانية في الحكم تضرب جذورها عميقًا في التاريخ الكولونيالي البريطاني، التجربة التي حولت بريطانيا إلى ملاذ استقلالي واستثماري في آن. فهل يمكن أن يكون كل هذا مهددًا بسبب تحولات ممكنة في علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي؟

ما يخيف المراقبين فعلًا هو عدم المبالاة الذي ترتفع وتيرته إزاء المخاطر السياسية التي تهدد بريطانيا، إذ يرون أن السياسة فقدت بريقها& في بريطانيا، طالما أن الاقتصاد بخير وينمو، رغم خطورة هذا اليقين.
فإن النمو السريع الذي حققته بريطانيا لا يمكنه أن يخفي، بأي شكل من الأشكال، أكبر عجز خارجي في العالم.

عمالي ضعيف أو محافظ قوي

أما إذا انجلى هذا اليوم عن فوز عمالي، ولو ضعيفاً، فإن نجاح ميليباند في تنفيذ وعيده الضريبي كفيل بضرب الاستثمار الأجنبي ووقف التدفقات المالية، فيرى العالم مملكة متحدة تردّت سياستها وما نجا اقتصادها.

إلا أن المراقبين يساوون في ذلك بين حكومة عمالية قوية تفرض الضرائب وحكومة محافظة ضعيفة تغادر الاتحاد الأوروبي. وفي الحالين، تتراجع الثقة بسبب ضرائب ميليباند أو بسبب نية كاميرون الخروج من أوروبا.

وهؤلاء المراقبون لا يتجاهلون كل هذه المخاطر التي تُحيق ببريطانيا، ولو كانت أزمتا اليونان المديونة وأوكرانيا التي تهدد بحرب عالمية جديدة تهيمنان على المزاج الدولي. وهم يتوقعون أن يشهد هذا اليوم، السابع من أيار (مايو) انقلابًا بريطانيًا انتخابيًا لصالح كاميرون، فتنام بريطانيا على وسادة حكومة ائتلافية محافظة مستقرة، تستمر معها الظروف الاقتصادية والسياسية التي سادت طوال عهد كاميرون، بلا تغيير، إلا إذا صوّت البريطانيون منذ اليوم على الخروج من أوروبا.