وسط مسيرات على نهر التايمز وقرع أجراس وطلقات مدفعية وهتافات التأييد: احتفلت بريطانيا الأربعاء بملكتها إليزابيث الثانية التي سجلت الأربعاء في الساعة 16,30 ت.غ. اطول مدة في الحكم على العرش البريطاني. وتجاوزت الملكة بذلك حكم جدة جدتها الملكة فكتوريا التي جلست على عرش البلاد لمدة 63 عاما و216 يوما بين عامي 1837 و1901.

تسلمت اليزابيث الثانية عرش البلاد في 6 شباط/فبراير 1952 ولم يتجاوز عمرها 25 عاما. واحتفلت باليوم التاريخي بهدوء حيث افتتحت خطا للسكك الحديد في اسكتلندا حيث قالت انها لم تطمح لتحطيم هذا الرقم القياسي في الحكم.

وقالت الملكة في تويدبنك على الحدود مع بريطانيا "اعطى كثيرون معنى اخر لهذا اليوم، بالرغم من انني لم اكن اتطلع لاعطائه هذا المعنى". وقالت الملكة البالغة 89 عاما، "بالضرورة يمر العمر المديد بمراحل عديدة. وحالتي لا تشكل استثناء، لكني اشكركم جميعا هنا وفي الخارج على رسائلكم المؤثرة". وكانت الملكة ترتدي فستانا ومعطفا من اللون الازرق وضعت عليه دبوسا من الماس كانت تملكه الملكة فيكتوريا.

وقبل تدشين اعادة تشغيل خط السكك الحديد الشهير "وايفرلي روت" المتوقف منذ نهاية الستينات، حيت الملكة بابتسامتها وحركة يدها البسيطة المعهودة بعد وصولها الى قرية تويدبنك في قطار بخاري من ادنبرة حشدا غفيرا ضم العديد من الاطفال يلوحون بالاعلام الاسكتلندية والبريطانية.

وحرصا منها للاحتفال باطول حكم ملكي في بريطانيا بعيدا عن الاضواء، ستقيم الملكة مأدبة عشاء في مقر اقامتها الصيفي في بالمورال يشارك فيه حفيدها الامير وليام وزوجته كايت. ورغم تاريخية هذه اللحظة التي تضاف إلى مسيرتها الحافلة، لم تخطط الملكة لأي احتفال. وهي غالبا ما تقول "نو فاس" (لا حاجة للهرج والمرج).

وبالمناسبة نشر القصر الملكي صورة للملكة منهمكة بالعمل امام العلبة الحمراء التي تحتوي على المستندات التي تتسلمها يوميا تقريبا من الحكومة. ومن أمام قصر باكينغهام، صرح المنادي الملكي وهو يرتدي لباسا من القرون الوسطى احمر وذهبيا ويعتمر قبعة عليها ريش نعامة ويحمل جرسا "نحتفل اليوم برقم قياسي ملكي عند الساعة 17,30" (بالتوقيت المحلي). واضاف المنادي ان الملكة ستتجاوز الحكم الذي استمر 23226 يوما و16 ساعة و23 دقيقة للملكة فيكتوريا.

وحتى لو اختارت الملكة شعار الرصانة لهذه الفعاليات في سياق ولاية ملكية لطالما تميزت فيها بالتحفظ، نظمت فعاليات احتفالية عدة في هذا اليوم للاحتفال بـ "الملكة الأعظم" للبريطانيين، بحسب ما كشف استطلاع آراء حديث أجرته "يوغوف".

وتجمع عشرات الأشخاص صباح الأربعاء أمام قصر باكينغهام لالتقاط صور "سيلفي" أمام السياج المذهب للقصر. وقالت الاسترالية جانيس غالاغر (68 عاما) لفرانس برس "انه يوم خاص جدا، نشعر بالتميز لوجودنا هنا ومشاركة هذه اللحظة مع العالم". وقال آدم هردمان وهو بريطاني في الثامنة والعشرين من العمر "انه نجاح كبير ... ونحن بحاجة إلى مواصلته".

أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فقال في بيان "خلال السنوات الـ 63 الأخيرة، كانت جلالتها بمثابة صخرة الاستقرار خلال فترة شهدت بلادنا تغيرات كبيرة". واضاف "لقد امنت تطور هادئا للملكية بتقريبها من الشعب مع الحفاظ على عزتها".

واثناء القاء كاميرون كلمته، توقف النواب عن العمل البرلماني قرابة الساعة 10,30 بتوقيت غرينيتش، تكريما للملكة، في حين قرعت أجراس دير ويستمنستر في قلب لندن في الساعة ذاتها. وشمل برنامج الاحتفالات مسيرة على نهر التايمز لسفن تابعة للأسطول الملكي "غلوريا" تزامنا مع طلقات مدفعية من سفينة "اتش ام اس بلفاست" الحربية التي حولت إلى متحف.

وقد علقت لافتة كبيرة على قمة برج مشغل "بريتيش تيليكوم" في لندن، كتب عليها "فليدم حكمها طويلا". وللمرة الأولى، سمح لطواقم التلفزيون بالانتشار في حدائق قصر باكينغهام. لكن جمعية "ريبابليك" المناهضة للنظام الملكي في بريطانيا انتهزت هذه المناسبة لإطلاق حملة على "تويتر" مع وسم (هاشتاغ) "فلنضع حدا لحكم الملكة"، باعتبار أنه من الأفضل للبريطانيين أن يفكروا في "إصلاح ديموقراطي جذري... لانتخاب من يمثل فعلا الأمة" بدلا من الاحتفال بالملكة.

وعلى الصعيد العالمي، يحمل ملك تايلاند بوميبول ادولياديج البالغ 87 عاما الرقم القياسي لأطول حكم ملكي بعدما تولى العرش في العام 1946. وقد اعتلت إليزابيث المولودة في 21 نيسان/أبريل 1926 العرش في 6 شباط/فبراير 1952 في فترة كان فيها ونستون تشرشل يرأس الحكومة البريطانية، وكان ستالين يتزعم الاتحاد السوفياتي. وبعد ستة عقود، يجمع الخبراء جميعهم في الشؤون الملكية على القول إن الملكة التي لا تزال تتمتع بكامل قدراتها في التاسعة والثمانين من العمر لن تتنحى يوما عن العرش.
&