أعلن تنظيم "داعش" رسميًا مسؤوليته يوم الخميس عن هجمات بالأسلحة والقنابل في وسط العاصمة الإندونيسية جاكرتا في وقت سابق ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص خمسة منهم مهاجمون.


بيروت: أعلن تنظيم الدولة الاسلامية الخميس مسؤوليته عن سلسلة التفجيرات التي هزت صباحا العاصمة الاندونيسية، متحدثا عن عملية "نوعية" تخللها تفجير عبوات وهجوم نفذه أربعة انتحاريين، وفق ما اعلن في بيان.

واشار التنظيم في بيان تناقلته حسابات ومواقع جهادية على الانترنت الى انه "في عملية أمنية نوعية، قامت مفرزة من جنود الخلافة في اندونيسيا باستهداف تجمع لرعايا التحالف الصليبي (...) بزرع عدد من العبوات الموقوتة التي تزامن انفجارها مع هجوم لاربعة من جنود الخلافة بالأسلحة الخفيفة والأحزمة الناسفة".

وقتل سبعة اشخاص على الاقل بينهم خمسة مهاجمين، وفق السلطات الاندونيسية في اعتداءات أثارت الفوضى في جاكرتا واستهدفت مقهى تابعًا لسلسلة "ستاربكس" الاميركية، في حي يضم مكاتب لوكالات تابعة للامم المتحدة وسفارات.

وقال وزير الامن الاندونيسي لوهوت بانجايتان بعيد الظهر ان مدنيين قتلا ايضا جراء الهجمات.

وذكر المتحدث باسم الشرطة الوطنية انتون شارليان لوكالة فرانس برس في وقت سابق الخميس "هناك شكوك قوية بانها مجموعة مرتبطة بتنظيم الدولة الاسلامية في اندونيسيا"، مضيفا "بحسب ما شهدناه اليوم، تتبع هذه المجموعات نموذج اعتداءات باريس".

وشهدت اندونيسيا الدولة المسلمة الاكثر اكتظاظا في العالم اعتداءات في منتجع بالي في العام 2002 اوقعت 202 قتيل. ولم تتعرض بعدها لاي اعتداءات على نطاق واسع باستثناء في تموز/يوليو 2009 عندما قتل تسعة اشخاص في هجمات على فنادق فاخرة في العاصمة.

المخاوف الاقليمية تتعزز

تؤكد الاعتداءات التي وقعت الخميس في جاكرتا ونفذتها مجموعة استلهمت على الارجح اعتداءات باريس، اسوأ مخاوف اندونيسيا التي تخشى ان يرتكب مواطنون عائدون من القتال في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية في الشرق الاوسط اعمال عنف في البلاد.

وتحذر دول جنوب شرق آسيا منذ اشهر من مخاطر وقوع اعتداءات، مبدية خشيتها على غرار الدول الغربية حيال نوايا مواطنيها العائدين من سوريا والعراق.

واعقبت الاعتداءات وعمليات اطلاق نار أثارت الفوضى الخميس في جاكرتا، ست سنوات من الهدوء النسبي على اثر حملة قمع نفذتها السلطات وأضعفت الحركات الاسلامية الاندونيسية الأكثر خطورة.

وقال اختصاصي هذه المسائل في جامعة نانيانغ للتكنولوجيا في سنغافورة كومار راماكريشنا "اننا على علم بأن (تنظيم الدولة الاسلامية) يرغب في اقامة اقليم في هذه المنطقة، وبأن بعض المجموعات في هذه المنطقة ... بايعته".

وأوضح ان "الخطر الناجم عن عودة مقاتلين من جنوب شرق آسيا جنحوا الى التطرف في منطقة سوريا والعراق، هو مصدر قلق آخر مع احتمال ظهور +ذئاب معزولة+".

وقال المتحدث باسم الشرطة الوطنية انتون شارليان لوكالة فرانس برس "هناك شكوك قوية بانها مجموعة مرتبطة بتنظيم الدولة الاسلامية في اندونيسيا"، مضيفا "بحسب ما شهدناه اليوم، فان هذه المجموعات تتبع نموذج اعتداءات باريس".

غير ان الحصيلة في جاكرتا لا تقارن بحصيلة اعتداءات باريس التي اوقعت 130 قتيلا في 13 تشرين الثاني/نوفمبر.

غير ان المحللين يرون ان منفذي الاعتداءات استهدفوا مراكز لا تحظى بالحماية لإثارة الذعر بين المدنيين. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي اشرطة فيديو مروعة على وقع شعار "لسنا خائفين".

وكانت السلطات اعلنت قبل بضعة اسابيع انها احبطت عملية انتحارية كان من المقرر ان ينفذها متطرفون ليلة رأس السنة.

وفي كانون الاول/ديسمبر، اوقفت الشرطة خمسة اشخاص يشتبه بانتمائهم الى شبكة قريبة من التنظيم الجهادي وأربعة آخرين على اتصال بالجماعة الاسلامية المسؤولة في السابق عن تنفيذ هجمات على نطاق واسع في اندونيسيا.

مخاطر عرفتها اندونيسيا من قبل

ورأى مكتب صوفان غروب للدراسات المتخصص في الاستخبارات انه من اصل 500 الى 700 اندونيسي غادروا للانضمام الى صفوف تنظيم الدولة الاسلامية، عاد العشرات الى البلاد.

والتهديد الناجم عن هؤلاء المقاتلين العائدين ليس جديدا على اندونيسيا.

فما زال مسؤولو مكافحة الارهاب يذكرون الاندونيسيين الذين تدربوا في افغانستان في التسعينات وشنوا اعتداءات لدى عودتهم، منها اعتداءات بالي الدامية عام 2002.

ولاندونيسيا تجربة طويلة في مكافحة الحركات الاسلامية في هذا البلد الذي يعد 225 مليون مسلم من اصل تعداد سكاني قدره 250 مليونا، وغالبا ما كانت حملات القمع التي نفذتها السلطات مكللة بالنجاح.

ونتيجة لذلك، فان الاهداف التي تعرضت لهجمات في السنوات الاخيرة كانت متواضعة بالاجمال وارتبطت بصورة عامة بقوات الامن الاندونيسية.

وحظرت السلطات تقديم اي دعم لتنظيم الدولة الاسلامية ولعقيدته، غير ان الاختصاصيين يخشون الا تكون القوانين الاندونيسية كافية لمواجهة هذه الخطر الحديث، ويبدون مخاوفهم حيال قلة التنسيق بين دول المنطقة.

وقال المحلل روحان غوناراتنا ان "على حكومات المنطقة ان تتعاون معا لمنع قيام كيان تابع لـ +الخلافة+ (التي اعلنها تنظيم الدولة الاسلامية على اراضي سيطرته في العراق وسوريا) لان ذلك سيزيد المخاطر على جنوب شرق آسيا".

واضاف "ثمة مجموعات متمركزة في اندونيسيا والفيليبين في آن، بايعت تنظيم الدولة الاسلامية، وينبغي تفكيك هذه المجموعات".

كما استهدف تنظيم القاعدة ايضا اندونيسيا وباقي دول جنوب شرق آسيا وقد دعا زعيم التنظيم ايمن الظواهري الى "معركة" اقليمية ضد "الكفار" في رسالة هذا الاسبوع وجهها الى مسلمي اندونيسيا والفيليبين وماليزيا والدول المجاورة.

ويسعى المسؤولون عن مكافحة الارهاب في اندونيسيا لاستخدام عدد ضئيل من المقاتلين الذين عادوا محبطين من القتال في الشرق الاوسط، فينشرون رواياتهم عن مسارهم المخيب للأمل لردع غيرهم من الاندونيسيين عن سلوك طريق الجهاد.

غير ان الخطر لن يزول بشكل سريع وقال هوغو برينان المحلل لدى شركة فيريسك مابلكروفت ان "اندونيسيا واجهت خطرا متزايدا العام الماضي" مشيرا الى ان "مؤشرات الخطر كانت واضحة للجميع".

&