دافوس: أكد مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي إبراهيم عبد الكريم علّام أن الوقت حان لمزيد من الخطوات العملية نحو البناء على النجاحات الأخيرة للاستمرار في اقامة علاقة دائمة من الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل بين أديان العالم.

وأوضح المفتي في حوار خاص مع "إيلاف" على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 2016 أن هدف الشريعة الاسلامية ليس اقامة انظمة دينية أو اخضاع غير المؤمنين أو اخضاع الناس الى عقوبة الاعدام بل ان الشريعة بوصفها إرادة الله في خير خلقه من البشر. ولفت المفتي إلى أن الشريعة الاسلامية تضمن حرية الضمير والتعبير في حدود الكرامة العامة، مشيرًا الى ان دار الافتاء مرصد مراقبة الاسلاموفوبيا لمتابعة هذه الجرائم النكراء التي ترتكب ضد الاسلام والمسلمين وفتح قنوات اتصال وحوار مع الاعلام الغربي لتقديم حقيقة الاعتدال في الاسلام.&

في ما يلي نص الحوار كاملا:

بداية، أردتم تقديم نص يضع سائر المسلمين امام واجب حماية الأقليات التي تعيش بينهم.&وهي لفتة طيبة ولكن ألا ترون انها ساذجة بعض الشيء. ففي المملكة العربية السعودية أو الصومال أو المالديف لا يمكن ان يُمارس دين غير الاسلام، وفي مصر يواجه الأقباط خطر استهدافهم باعتداءات. ماذا يمكن ان يفعله نص؟

ليس هناك ما هو ساذج بشأن ضرورة مد جسور التفاهم بين تقاليد الأديان!. ثانياً اسمح لي أن أكون واضحًا بأن هدف الشريعة الاسلامية ليس اقامة انظمة دينية أو اخضاع غير المؤمنين أو اخضاع الناس الى عقوبة الاعدام بل ان الشريعة بوصفها إرادة الله في خير خلقه من البشر، تهدف الى تيسير بركة الله على المسلم وضمان رفاه الانسان في حياته وخلاص البشرية في الآخرة ـ وهي مُثل تشترك بها كل الأديان الابراهيمية.& ويقول الله "لا إكراه في الدين".
لسوء الحظ لا تنقل بعض وسائل الاعلام إلا خطاب واعمال فئة قليلة لكنها مرئية ومخربة الى درجة كبيرة&في العالم الاسلامي.&وهذه تريد بتغطيتها غير المتناسبة للتطرف الاسلامي ان تقول إن هذا الخطاب وهذه الأعمال تمثل عقيدة غالبية المسلمين وممارساتهم.& كما انها تقول تلميحًا أو بصراحة أن الاسلام كان دين عنف منذ بدايته.& وللأسف يجري تكريس هذا الرأي من خلال تمثيل الاسلام في الاعلام الأوسع.& ولهذا السبب يحتاج القادة المسلمون الى حشد المؤيدين لتصحيح انعدام الفهم والعودة من التحيز الى الموضوعية في الاوساط الاعلامية والأكاديمية على السواء.& وعلى البلدان الاسلامية ان تُري العالم كيف ان الاسلام يقوم على التنوع والاحترام المتبادل.&

اعتقد ان الوقت حان لمزيد من الخطوات العملية نحو البناء على النجاحات الأخيرة للاستمرار في اقامة علاقة دائمة من الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل بين أديان العالم. في ما يتعلق بأشقائنا المسيحيين في مصر يكفي القول اننا في مركب واحد ومصممون على رعاية بعضنا البعض في هذا العالم المضطرب.& وسنقف دائمًا بحزم ضد أي& تمييز بحقهم أو بحق أي أقلية اخرى لأن ديننا يقول ذلك.

مسلمو ومسيحيو مصر في مركب واحد

كيف تعتزمون ترجمة رسالة التسامح هذه في بلدكم مصر الى أفعال؟.
يقوم تقليد مصر الديني على نظرة معتدلة، متسامحة إلى الاسلام. نحن نعتقد بـأن الشريعة الاسلامية تضمن حرية الضمير والتعبير في حدود الكرامة العامة، وتضمن حقوقًا متساوية لسائر المواطنين من كل الأديان. في دار الافتاء التي أتولى رئاستها، نوفر ارشادًا برنامجيًا لكل من يطلبونه، وندعو المواطنين كافة الى ضمان صيانة الأهداف الخمسة الأولى للشريعة، وهي الحفاظ على الحياة والملكية والشرف والعائلة وقيم العقل التي تشترك بها البشرية جمعاء.&
خلال السنوات القليلة الماضية، اتخذت دار الافتاء وما زالت تتخذ خطوات كبيرة& في اعادة بنائها لزيادة انفتاحها وتجاوبها مستخدمة التكنولوجيا الجديدة في هذه الاثناء.&

نحن نصدر آلاف الفتاوى التي تؤكد حقوق المرأة في الكرامة والتعليم والعمل وتولي المناصب السياسية وادانة العنف والارهاب بدوافع دينية. دافعنا عن الحق في حرية الضمير وحرية التعبير في حدود الكرامة الانسانية.&وعملنا على إشاعة التاريخ المشترك والمعتقدات المشتركة بين الاسلام والمسيحية واليهودية وغيرها من الأديان الشرقية، كما أكدنا ان الحكم يجب ان يقوم على العدل وسيادة الشعب. نحن ملتزمون بحرية الانسان والشريعة.& ومع ذلك يجب ان نحقق مزيدًا من التقدم الملموس في تعميق فهم الاسلام.&

ماذا تتوقعون ومتى تكون النتائج محسوسة؟&
نحن كلنا أمل، وعازمون على ان نجعل مصر والعالم أجمع مكانًا أفضل لنا ولأطفالنا.& علينا ان نعترف بأن العالم أجمع والمسلمين بصفة خاصة يواجهون تحديات كثيرة. ومنذ تعييني مفتي الديار المصرية حرصت على التواصل مع العالم أجمع من اجل تعزيز التعايش السلمي ومد جسور التفاهم والتعاون.&

لا بد من مكافحة الايديولوجيات المنحرفة بردود فكرية تفند ايديولوجياتهم الخاطئة.& ولن تكون النتائج الحقيقية لمبادرتنا محسوسة ما لم يُدع الاعلام العالمي وكذلك الباحثون الأكاديميون إلى نشر وبث اصوات علماء الاسلام الحقيقيين، الذين يدحضون الادعاءات الباطلة والفهم المشوه لتفسير القرآن. لكن علينا ان نتذكر بأن النتيجة النهائية لا يمكن ان تكون مرئية من دون احياء وتجديد ، ليس داخل الاسلام فحسب بل داخل كل التقاليد الدينية الكبرى في العالم، وهي تسعى الى ان تكون أمينة على تعاليمها الجوهرية في السلام والعدل لعالم يعاني من امراض المادية والنزعة العسكرية والفقر والمرض.&

هل يجب ان تكون هذه ايضًا اشارة إلى تلك البلدان حيث المسلمون أقلية فيها؟
نعم، يجب. فالمتطرفون الذين يعملون باسم الاسلام ضربوا مناطق عديدة من العالم وما اطلاق النار الأخير في باريس والأحداث المأساوية لهجمات 11 أيلول (سبتمبر) على نيويورك وواشنطن إلا بعض الأمثلة.& ويتساءل المسؤولون في الغرب والشرق ايضا "أين المعتدلون؟". ويشعر كثير من زعماء العالم، وهم لا يرون إلا الغلو الذي ترتكبه اقلية متطرفة باليأس من ايجاد شركاء متقدمين وسلميين ذوي مكانة في العالم الاسلامي.& لذا أعتقد ان مبادرتنا ستعالج الكثير من الأسئلة المهمة مثل كيف يُدار الاندماج دون التهديد بالانصهار؟. وهل هناك مبادئ للممارسة الصالحة يمكن ان نعتمدها جميعا في ما يتعلق بما يعنيه الدفاع عن حرية الأديان من الناحية العملية وحق المرء في ممارسة دينه ايضا؟. وكيف يجد ضمير المتدين مكانه في مجتمعات مختلفة؟.& وسيكون المطلوب التحلي بالشجاعة لكي يسمع كل تقليد دين الآخر حقًا، ولكن علينا ان نجد طرقًا لتيسير التعاطي الجاد مع المخاوف الموجودة.

مسلمو اوروبا في وضع صعب وهم متهمون بعدم الاندماج والعيش في مجتمع منفصل، هل تتابعون هذه التطورات؟

لا شك في اننا نتابع مع شركائنا "ميديا تينور انترناشنال" Media Tenor International التحاملات التي يواجهها المسلمون لا في اوروبا فحسب، بل في مناطق اخرى من العالم بصفة تامة.& وكان بعض المعلقين من العالم غير الاسلامي ينظرون الى أعمال فئة قليلة لكنها مرئية ومخربة في العالم الاسلامي على انها تمثل معتقدات أغلبية المسلمين، مدعين ان الاسلام كان دين عنف من البداية.& وللأسف تكرَّس هذا الرأي من خلال تصوير الاسلام في كثير من وسائل الاعلام.&من خلال هذه التغطية غير الموضوعية للأحداث يروج الاعلام العالمي دون ان يدري. الاسلاموفوبيا التي هي السبب المباشر للكثير من جرائم الكراهية ضد الأقليات المسلمة.&

لهذا السبب، في دار الافتاء قمنا بإنشاء مرصد مراقبة الاسلاموفوبيا لمتابعة هذه الجرائم التي ترتكب ضد الاسلام والمسلمين وفتح قنوات اتصال وحوار مع الاعلام الغربي لتقديم حقيقة الاعتدال في الاسلام.& من الضروري تقديم الاسلام بطريقة اعمق وأكمل مع قدر أكبر من الحساسية والموضوعية في الاعلام والمناهج التعليمية، لا سيما في البلدان غير المسلمة.

بماذا تنصح مسلمي اوروبا؟
نصيحتي لكل المسلمين في اوروبا ان يكونوا سفراء جيدين لدينهم أينما كانوا. أقول لهم: عليكم ان تتذكروا أن هدف الرسول كان نشر رسالة الاسلام الداعية الى الرحمة، وانه وضع نصب عينيه كيف يكون أفضل قدوة للارشاد والمحبة والرحمة.& وأخيرًا ان يعيشوا واضعين في اذهانهم كلام الله في قوله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".&

المرأة متحررة في الاسلام

في اوروبا هناك الكثير من التحامل ضد الاسلام، على سبيل المثال القول إن الاسلام مع اضطهاد المرأة ويدعو الى محاربة الكفار.&ماذا تقولون بشأن هذين الادعائين؟

نحن نشهد ظاهرة فرض فيها متطرفون دون أساس سليم في علم الدين أنفسهم كمراجع دينية رغم انهم يفتقرون الى المؤهلات العلمية لتقديم تفسيرات شرعية في الشريعة والأخلاق.& وان تاريخ الاسلام نفسه لم يواجه في السابق ما يُسمى "قضايا المرأة".& وهكذا كانت الحال رغم التنوع الكبير في العادات والثقافات بين المسلمين، لكن نتيجة لاحتكاكهم مع الغرب وخاصة التاريخ خلال العصور المظلمة، بدأت تُسمع دعوات عن تحرير المرأة.& رغم ان هذه وجدت طريقها الى خطاب من يعيشون في مجتمعات مسلمة، فالحقيقة أن المرأة المسلمة كانت متحررة منذ قرون في ظل الاسلام.& وان المبدأ الأساسي في الاسلام هو ان الرجل والمرأة كلاهما مخلوقان كريمان يتمتعان بالمساواة في الروح والعبادة.&ويترتب على هذه المساواة الروحية والشرعية التكافؤ الذي رآه الاسلام في العلاقات الاجتماعية بين الجنسين.&نحن في دار الافتاء نصدر آلاف الفتاوى التي تؤكد حق المرأة في الكرامة والتعليم والعمل وتولي مناصب سياسية وتدين العنف المدفوع دينيًا ضد المرأة.

أما التصور الخاطئ بشأن محاربة غير المسلمين فهو نتاج ايديولوجيات الغلو عند المتطرفين الذين في الغالب لا يكونون ممن درسوا في مراكز العلم الاسلامية. وتتجاسر هذه الجماعات المتطرفة بإساءة تفسير الاسلام مقتبسة من القرآن اقتباسات انتقائية تناسب اجنداتهم وتلبس آراءها لبوس "المرجعية".& فالاسلام& يقوم على الآية القائلة "لا إكراه في الدين".

هل سمعتم ما حدث ليلة السنة الجديدة في كولونيا؟. إن مئات الرجال المسلمين على ما يُفترض هاجموا نساء في مجموعات.& واستخدمت الشرطة عبارة التحرش الجماعي في وصفه؟.

كما ذكرنا آنفًا نحن في دار الافتاء المصرية أقمنا مرصدًا لمراقبة كل حدث يتعلق بالاسلام والمسلمين في العالم. فالعالم الاسلامي اليوم في الشرق والغرب على السواء في مركز نقاش دولي والاعلام العالمي يقوم بدور مهم في تصوير الاسلام بقوالب نمطية.& والعمل ذو العلاقة، على افتراض انه حقًا ارتُكب بضلوع مسلمين لا يعكس إلا اعمال فئة قليلة لا يعرفون شيئًا عن تعاليم الاسلام الحقيقية.& ومثل أي دين في العالم فإن لدينا الصالح والطالح ولكن الاسلام كان في دائرة الضوء خلال السنوات الماضية.& وأنا كقائد ديني أدنتُ هذا العمل وفي الوقت نفسه اعترفت بأننا مكلفون بإعادة فرض سلطة القادة الدينيين المؤهلين الذين نذروا حياتهم للتفاهم والمعرفة وكشف حقيقة الاسلام كطريقة حياة موجهة نحو السلام والعدل في الأسرة الانسانية قبل كل شيء.&

الجهاد معنى روحي

ينضم مئات الاوروبيين الشباب الى "الجهاد" ويتوجهون الى سوريا.& هل هذا هو ايضًا ذنب المجتمعات الاوروبية بوصم المسلمين وتهميشهم؟

من المهم ان نشير كيف يفهم الناس الجهاد، الذي للأسف هو الآن المفردة الاسلامية الأكثر شيوعًا في الغرب.& وتشير كلمة الجهاد العربية في الاسلام الى الجهاد ضد النفس الأمارة بالسوء.& والمعنى معنى روحي اساسًا يشير الى تنقية القلب الذي اشار اليه النبي محمد على انه الجهاد الأكبر أعلى معاني المفردة وأسمّاها.& كما استُخدمت مفردة الجهاد لتمكين المسلمين من الكفاح ضد العدوان ودرئه بوصفه الجهاد الأصغر.& ويمد هذا الجهاد المسلمين بالقدرة على الصراع مع العدوان ورده.& وقال الرسول "إن افضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر" مؤكدًا اهمية المحاسبة والديمقراطية كأدوات مهمة في النظام السياسي.& كما تُستخدم كلمة الجهاد في الخطاب الاسلامي لوصف حج المرأة الى مكة بسبب مشقته عليها.

وأساء المتطرفون استخدام مفردة الجهاد وللأسف ان الاعلام بسبب جهله بالعربية والمعاني المضمرة للكلمة اختزلها الى معنى الارهاب وقدم هذا خدمة للمتطرفين.& والأكثر من ذلك، وهذا مهم جدًا. ان المتطرفين في الغالب لم يدرسوا في مراكز العلم الاسلامي الحقيقية، بل ان الغالبية العظمى هم من الشباب والشابات الذين تربوا في بيئات مضطربة كان فيها كثير منهم هم أنفسهم ضحايا عنف المتطرفين في الداخل والخارج، وشهد عدد حتى أكبر منهم مظالم صارخة ضد مدنيين عاجزين نسبيًا وبلا صوت.&نتيجةً لذلك يتأثر هؤلاء الشباب بتأويلات مشوهة وخاطئة للاسلام لا أساس لها في تراث الدين الاسلامي وتهدف الى تجنيدهم في اجندة سياسية قاسية مموهة بستار مهلهل مما يُسمى فضيلة دينية.& ويعيث مثل هذا التطرف فوضى وخرابًا في حياة هؤلاء الشباب وفي مجتمعاتهم وفي حياة عدد متزايد من الأبرياء ـ اولا وقبل كل شيء في حياة المسلمين أنفسهم مع امتداده ليشمل بصورة متزايدة غير المسلمين الذين يعيشون في العالم الاسلامي والمجتمعات الغربية.&

ما دوركم في العالم الاسلامي؟
بوصفي مفتي الديار المصرية أتولى رئاسة دار الافتاء.& ويعتبر منصب مفتي الديار منصبًا كبيراً بثقله في مصر وسائر انحاء العالم العربي والاسلامي. إن مفتي الديار هو المصدر الأول والرئيسي للمرجعية الدينية ويعتبر الممثل الديني الرمزي للمسلمين السنة كافة، ويصدر فتاوى في القضايا الدينية.& ومكتبي دار الافتاء بوصفه مؤسسة مكلفة باصدار الآراء الشرعية الدينية حول أي مسألة للمسلمين الذين يطلبونها، يصدر نحو نصف مليون فتوى سنويًا بعشر لغات مختلفة بينها الفتاوى الرسمية التي أنا نفسي أصوغها عن قضايا مهمة والفتاوى الاعتيادية التي يقدمها 12 أو نحو ذلك من امناء الفتاوى المختصين عن طريق الهاتف والانترنت.

منذ تعييني مفتى الديار المصرية أعمل جاهدًا على التواصل مع العالم اجمع لتعزيز التعايش السلمي وبناء جسور التفاهم والتعاون.& ورسالتي كقائد ديني وعالم اسلامي أن اشرح التعاليم النبيلة للاسلام بلغة بسيطة لكنها عميقة.

لماذا أنتم جزء من الحكومة في مصر وما تأثيركم في السياسة؟

أنا لست جزءاً من الحكومة بل اعمل باستقلال تام، وانها تستوفي معايير العلم. لهذا السبب لا نتدخل في السياسة بحد ذاتها.

مَنْ في العالم الاسلامي الكبير يقبلكم ومَنْ لا تقبلونه؟&
مفتي الديار المصرية يعتبر مرجعًا دينيًا للمسلمين كافة.&وهناك تنوع فكري هائل في الفكر الاسلامي.& ويتفق غالبية المسلمين في العالم على حقيقة ان الاسلام دين تسامح واعتدال وتنوع.& وكل المسلمين يؤيدون هذه المبادئ ويتبعون من يدعون اليها وينشرونها من القادة الدينيين المسلمين.& نحن دافعنا عن الحق في حرية الضمير وحرية التعبير في حدود الكرامة الانسانية.& وعملنا على نشر التاريخ المشترك والمعتقدات المشتركة الموجودة بين الاسلام والمسيحية واليهودية والأديان الشرقية الأخرى.& فنحن جميعًا بشر ننتمي الى دين واحد اسمه الانسانية.

تفاهم مشترك

في حدود فهمنا تدور النزاعات الحالية حول السنة والوهابيين والشيعة.&ما موقفكم وماذا تقترحون لتهدئة الاحتقانات بين هذه الأطراف الثلاثة؟&

بصفتي قائدًا دينيًا مسلمًا، فإن مسؤوليتي هي الاهتمام برسالتي الى المسلمين كافة بصرف&النظر عن ميولهم العقائدية.&ورسالتي اليهم جميعاً أن يقبلوا بعضهم البعض وان يركزوا على ما هو مشترك بينهم.& كما أدعو الى تجديد التقدير للتنوع الفكري الهائل في الفكر الاسلامي.& ولن نحقق هذا الهدف في التفاهم باستبعاد أحد.

البلدان التي تُشير الى الشريعة تُعد في الغرب بلدانًا متخلفة في نظرتها. هل تستطيع ان تتفهم هذا الانطباع؟
إن الاثارة حول الشريعة التي نراها بين حين وآخر هي ترويج للخوف بلا أساس.& فالمتطرفون الاسلاموفوبيون الذين ينشرون الكراهية يجهلون تمامًا الأساس السليم لعلم الدين.& والمسلمون سواء في البلدان الاسلامية أو غير الاسلامية يمارسون الأحكام الأساسية للشريعة في حياتهم اليومية حين يتبرعون بوقتهم لخدمة المجتمع والزواج وممارسة المهن وادارة الأعمال وانجاب الاطفال وعيادة المريض واحترام الكرامة الانسانية.& وهدف الاسلام ليس اقامة انظمة دينية أو اخضاع غير المؤمنين أو اخضاع الناس الى عقوبة الاعدام بل ان الشريعة بوصفها إرادة الله في خير خلقه من البشر، تهدف الى تيسير بركة الله على المسلم وضمان رفاه الانسان في حياته وخلاص البشرية في الآخرة.& وهذه مُثل تشترك بها جميع الأديان الابراهيمية.

نحن في الغرب لدينا انطباع بأن مما يساعد كثيرًا ان يمر الاسلام بتطور مماثل لما حدث لنا بعملية التنوير المؤلمة.& هل نطلب الكثير بذلك؟
نحن لا نعتقد ان الاسلام يحتاج الى المرور بالتجربة نفسها، بل على العلماء المسلمين ان يعودوا بأمانة الى العلم التقليدي والانفتاح على نظريات سليمة في التحليل النقدي الحديث والتراث الفكري الاسلامي الغني الى حد بديع.& كما أدعو الى تجديد التقدير للتنوع الفكري الهائل في الفكر الاسلامي والاعتراف بان تطور الفكر الاسلامي وانتشاره عانى من تاريخ مضطرب نتيجة التطورات السياسية العالمية.

على القادة المسلمين ان يقدموا الاسلام بشكل أعمق وأشمل.& ويحتاج الاسلام الى حشد الانصار لتصحيح انعدام التفاهم والعودة من التحيز الى الموضوعية في الأوساط الاعلامية والأكاديمية على السواء، لا سيما في البلدان غير الاسلامية.& وعلى البلدان الاسلامية ان تُري العالم كيف يقوم الاسلام على التنوع والاحترام المشترك.

ثقة متبادلة

انتم تعتبرون سفيرًا للسلام.& فما هدف مبادرتكم في دافوس؟
كان لدينا دافع قوي لأخذ المبادرة من اجل التواصل مع العالم لأن العالم الاسلامي اليوم في الشرق والغرب مركز نقاش دولي، واعتقد ان الوقت حان لاتخاذ مزيد من الخطوات للبناء على النجاحات الأخيرة ومواصلة بناء علاقة مستدامة من الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل بين أديان العالم.

من صاحب المبادرة؟
شعرنا بالحاجة الى اطلاق هذه الرسالة من اجل السلام في مواجهة التهديد العالمي الناجم عن التطرف العنيف لأن العديد من زعماء العالم يشعرون، حين لا يرون إلا الغلو الذي تمارسه قلة متطرفة، باليأس من ايجاد شركاء تقدميين وسلميين ذوي مكانة في العالم الاسلامي.& ونحن مع رولاند شاتز وفريقه من ميديا تينور رابرسلول ناقشنا المضمون وكيف نبلغ اهدافنا.& وكما تتذكر فإننا شاركنا مرتين في مؤتمر ميديا تينور في منطقتكم:& اولاً في رابرسول وثانياً في لوسيرن.& وهذا المنبر الحواري الفريد شجعنا على التحرك الى الأمام.

تحالف ديني ضد الارهاب

هل بامكانكم تصور قيام تحالف عالمي بين جميع الأديان ضد الارهاب؟
نحن نرى حاجة ملحة لاقامة هذا التحالف العالمي بين الأديان كافة من اجل استئصال خطر الارهاب.& فالعالم اجمع وليس المسلمين وحدهم، اصبح ضحية الافكار المتطرفة التي يعمل اصحابها من اجل الكسب السياسي وراء ستار الدين. يجب ان نوحد جهودنا على المستوى العالمي للوقوف بحزم في مواجهة هذا البلاء.&

متى ستلتقون البابا فرنسيس؟
في الحقيقة كان مبعث سروري أن ألتقي نيافة البابا فرنسيس عام 2013 في الفاتيكان.&وكان لقاؤنا في الفاتيكان مثمرًا بحق، حيث ناقشنا عدة قضايا أهمها الرغبة في دفع لجنة الحوار بين الأديان قُدمًا لتحسين العلاقات بينها في سائر انحاء العالم وتحقيق التعايش السلمي والتفاهم المتبادل.