كراكاس: تواجه فنزويلا التي كانت بلدا نفطيا غنيا، ركودا اقتصاديا تزيد من حدته ازمة سياسية خطيرة، منذ فوز معارضة يمين الوسط التي تسعى الى اسقاط الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو، في الانتخابات النيابية.

لذلك يمارس معارضو الحكومة المنبثقة من تيار تشافيز، نسبة الى الرئيس السابق هوغو تشافيز (1999-2013)، ضغوطا على السلطات لحملها على تنظيم استفتاء من شأنه ان يتيح اقالة الرئيس مادورو الذي يرغب سبعة من كل عشرة فنزويليين في تنحيه، كما تفيد استطلاعات الرأي الاخيرة.

تشبه هذه العملية التي تواجه تأخيرا وتأجيلا والقواعد الجديدة للمجلس الوطني الانتخابي، المتهم بخدمة مصالح الفريق الحكومي، طريقا مليئا بالعقبات بالنسبة الى المعارضة المجتمعة في اطار تحالف طاولة الوحدة الديموقراطية.

ويتمثل آخر العقبات بالمرحلة الاخيرة المحددة من 26 الى 28 اكتوبر، عندما يتعين على تحالف الطاولة من اجل الوحدة الديموقراطية، جمع اربعة ملايين توقيع حتى يتمكن من الدعوة الى استفتاء شعبي. واذا ما تمكن من جمع هذه التواقيع، فلن يحصل الاستفتاء، في افضل الاحوال، إلا في منتصف الربع الاول من 2017، كما يقول المجلس الوطني الانتخابي.

وتعتبر المعارضة التي تشكل الاكثرية في البرلمان، هذا الامر خبرا سيئا، فهي كانت تأمل في تنظيمه قبل 10 يناير المقبل، حتى لا يؤدي فوز "نعم" الى استقالة مادورو فحسب، بل الى انتخابات مسبقة ايضا. وفيما يأتي، كما يقول المحللون، السيناريوهات الثلاثة لهذه الازمة المعقدة والتي يصعب توقع ما ستؤول اليه:

استفتاء في 2017 
من "المحتمل جدا" ان تحصد المعارضة العدد الكافي من التواقيع، نظرا الى "مناخ التغيير" السائد في البلاد، كما تؤكد لوكالة فرانس برس، فرانسين جاكوم، مديرة معهد الدراسات السياسية في كراكاس.

واذا ما تمكن تحالف طاولة الوحدة الديموقراطية، كما يأمل، من ان يجعل من هذه المرحلة استفتاء رمزيا، بفضل مشاركة كثيفة، "فسيكون من الصعب على الفريق الحكومي ألا يدعو الى استفتاء" في 2017، كما يقول المحلل لويس فنسنت ليون، ويضيف "يجب ان نرى رد المعارضة. التوتر سيزداد".

ويقول انصار تشافيز في السلطة ان الموعد الرمزي المحدد في 10 يناير، والذي يشكل بداية السنة الرابعة لولاية مادورو، يمكن ان يطلق "جدالا حول الخلافة الرئاسية"، كما يعتبر بنينيو ألاركون من جامعة اندريس بيللو الكاثوليكية.

فوز معلق
اذا ما تمكنت المعارضة من تأمين عدد التواقيع المطلوبة لاجراء الاستفتاء، لكن من دون بلوغ عتبة 20% من الهيئة الناخبة في واحدة من الولايات الـ 24، فستكون العملية بأكملها باطلة. وتعرب المعارضة عن احتجاجها الشديد على هذه القاعدة الجديدة التي قررها المجلس الوطني الانتخابي.

وتوقعت جاكوم ان "تمارس ضغوط على المستويين الوطني والدولي"، مشيرة الى ان "المشاركة يمكن ان تكون كثيفة بحيث تحمل المجلس الوطني الانتخابي على القبول باحتساب هذه العتبة على المستوى الوطني"، وليس على مستوى كل ولاية بحد ذاتها.

ومن اجل تحقيق هذا الهدف، دعت المعارضة الى تظاهرة جديدة في 12 اكتوبر. وقالت جاكوم ان "ضغط الشارع يمكن ان يؤدي ايضا الى تغييرات على مستوى المجلس الوطني الانتخابي".

ورأى ألاركون "من المؤكد ان (المعارضة) بالكاد يمكنها تلبية الشروط والمشكلة في هذه الحالة انه يصبح من الاسهل ابطال التواقيع وعندها لن يكون امام المعارضة بديل غير زيادة الضغوط".

في حال الفشل
اذا لم تجمع ما يكفي من التواقيع، يتعين على المعارضة ان تتحلى بالصبر حتى الانتخابات الرئاسية في اواخر 2018 ونهاية ولاية مادورو في يناير 2019. 

ويقول ايجينيو مارتينيز، الخبير في المسائل الانتخابية، ان تأخر تنظيم الاستفتاء قد يحبط الفنزويليين "مع العلم ان الحكومة نفسها ستبقى قائمة" حتى لو اقيل مادورو. لكن كل شيء رهن بالوضع الاقتصادي: فالتدهور يمكن ان يؤجج التذمر الاجتماعي ويرجح كفة الاستفتاء، كما يقول مارتينيز وجاكوم.

والامكانية الاخرى، هي ان فشلا في جمع التواقيع، يمكن ان "يؤدي الى تراجع الضغط" و"تقسيم المعارضة"، كما ينبه ليون. ويشير ألاركون من جهة ثانية الى "عدم وجود زعيم موحد" في اطار تحالف طاولة الوحدة الديموقراطية.

واخيرا، تنبه جاكوم الى ان عنصرا وسط كل هذه السيناريوهات يمكن ان يغير مجرى التاريخ، اذ يمكن ان تبطل محكمة القضاء العليا المتهمة من المعارضة بأنها تأتمر بأوامر السلطة، العملية بكاملها.