اديس ابابا: القت اثيوبيا الاثنين باللوم على "اعداء خارجيين" مثل مصر واريتريا في تغذية موجة الاحتجاجات غير المسبوقة التي دفعت الحكومة الى اعلان حالة الطوارئ لمدة ستة اشهر. 

ولكن وزارة الخارجية المصرية نفت اي تدخل في شؤون اثيوبيا، واعتبرت ان ما جرى تداوله من اخبار بشأن وجود عناصر مصرية خلال تجمعات احتجاجية "لا اساس له" متهمة اطرافا بالسعي الى "الوقيعة" بين البلدين.

وتواجه الحكومة الاثيوبية اكبر تحد لها طوال فترة حكمها الممتدة 25 عاما بسبب الاحتجاجات التي وجه المشاركون فيها غضبهم نحو الشركات الاجنبية واشعلوا النار في العديد من المزارع والمصانع خلال الاسبوع الماضي. 

وقال وزير الاتصالات الاثيوبي جيتاشو رضا ان حالة الطوارئ تعني ان "عتبة استخدام القوة ستكون ادنى"، فيما انتقدت منظمات حقوقية السلطات على حملة القمع القاسية ضد الاحتجاجات المستمرة منذ نحو عام وقتل فيها المئات. 

وقال الوزير ان "مثل هذه التهديدات التي نواجهها، وهذا النوع من الهجمات التي تستهدف حاليا المدنيين والبنى التحتية المدنية والاستثمارات لا يمكن التعامل معها من خلال اجراءات تطبيق القانون المعتادة". 

وتهدد الاحتجاجات سمعة اثيوبيا كواحة للاستقرار السياسي بعد ان جذب النمو الاقتصادي الكبير الذي حققته المستثمرين في السنوات الاخيرة. وقال الوزير "الذي نشهده هنا هو عناصر معادية لاثيوبيا تستخدم المحتجين لمهاجمة الانجازات التي حققتها اثيوبيا خلال الاعوام الـ15 او العشرين الماضية". 

واضاف ان "ذلك تم بايعاز من اعداء البلاد التاريخيين" متهما اريتريا بالسماح بـ"تسلل الارهابيين" الى البلاد. وخاضت ارتيريا واثيوبيا حربا حدودية استمرت عامين من 1998 حتى 2000 اسفرت عن مقتل 80 الف شخص، كما برز التوتر مجددا بين البلدين في وقت سابق من هذا العام. 

من ناحية اخرى قال جيتاشو ان مصر دربت ومولت متمردي "جبهة تحرير اورومو" التي تعتبرها اثيوبيا منظمة ارهابية تقف وراء الاحتجاجات. وقال "اعتاد قادتها ان يقيموا في اسمرة واليوم هم في القاهرة".

وقال الوزير ان المحتجين اضرموا النار في عشرات المزارع ودمروا خمسة مصانع وان عددا غير محدد من المدنيين قتلوا في العنف الذي نجم من ذلك.

من جهته، ربط رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي ميريام ديسالين الأمر بالخلاف مع مصر حيال مياه نهر النيل. وقال إن "الدول غير الراضية من تصميمنا على بناء سد النهضة الكبير بمواردنا الخاصة، تتآمر منذ فترة طويلة مع الشتات المتطرف لزعزعة استقرار بلدنا". وأضاف أن "المتهم (...) هي جبهة تحرير أورومو وبعض المؤسسات المصرية المصممة على منع بناء سد النهضة".

وتقوم اثيوبيا ببناء سد على نهر النيل بالقرب من منبعه في المرتفعات الاثيوبية، ما يثير مخاوف مصر التي تعتمد على مياه النيل في بقائها. وفي الاسبوع الماضي استدعت وزارة الخارجية الاثيوبية السفير المصري لمناقشة "الوضع الحالي" بحسب الاعلام الاثيوبي. 

تعديل وزاري محتمل
تعقيبا على هذه التصريحات والتطورات، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية الاثنين في بيان ان السفير المصري في اديس ابابا اكد خلال اللقاء ان "مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة، لاسيما الدول الشقيقة مثل أثيوبيا، وان ما تم تداوله من مقاطع مصورة أو أخبار مرسلة لا تمت للواقع بصلة، وانه لا يجب استبعاد وجود أطراف تسعى إلى زرع الفتنه والوقيعة بين مصر وأثيوبيا". 

واشار المتحدث الى "مقاطع مصورة تظهر شخصا يتحدث باللهجة المصرية مع تجمع يعتقد البعض بأنه من المنتمين لعرقية الاورومو في أثيوبيا".

وأكد المتحدث باسم الخارجية المصرية "على أن اللقاء الذي جمع بين السفير المصري ووزير الدولة الأثيوبي للشؤون الخارجية عكس إدراكا مشتركا لأهمية الحفاظ على الزخم الايجابي في العلاقات الثنائية، وعدم إتاحة الفرصة لأي طرف للوقيعة بين البلدين، كما تم مناقشة برامج التعاون المشتركة القائمة وسبل دعمها وتعزيزها".

وتشهد اثيوبيا احتجاجات ضد الحكومة لا سابق لها منذ عقد من الزمن، بدات من منطقة ارومو (وسط وغرب) في نوفمبر 2015 وامتدت منذ الصيف الى منطقة امهرة (شمال).

وتمثل هاتان القوميتان نحو 60 بالمئة من الاثيوبيين، وهما تحتجان بشكل متزايد على ما تعتبرانه هيمنة بلا منازع لاقلية التيغري (شمال) على الحكم. وقال جيتاشيو رضا إن "لدى الحكومة مسؤولية اعادة فرض النظام (العام)"، معتبرا أن هذا هو الإجراء الوحيد الذي يسمح بالتعامل مع "التهديدات التي نواجهها".

أثار الوزير إمكانية تقديم بعض التنازلات للمتظاهرين، واعدا بـ"توسيع الفضاء السياسي" وملمحا إلى إمكانية إجراء تعديل وزاري.

لكن العديد من المراقبين يتوقعون تشددا أكبر من قبل النظام. وقال الباحث في جامعة "واشنطن أند لي" الأميركية هينوك غابيسيا لوكالة فرانس برس "أعتقد أنه لم يعد هناك مساحة للحوار. علم النفس السياسي للنظام هو كسب المعركة مهما كان الثمن، من خلال نشر الجيش".

وطلب خبراء من المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أثيوبيا السماح "للجنة دولية مستقلة" التحقيق في مزاعم استخدام العنف "الممنهج" ضد المتظاهرين.