موسكو: واصلت الطائرات الحربية السورية والروسية الخميس غاراتها على احياء حلب الشرقية في وقت اعلنت موسكو استعدادها لضمان "انسحاب آمن" لمقاتلي المعارضة من تلك المنطقة قبل يومين على محادثات جديدة حول سوريا.

وتشكل مدينة حلب محور الجهود الدبلوماسية حول النزاع السوري، وتتعرض احيائها الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ ثلاثة اسابيع لهجوم لقوات النظام بدعم جوي روسي.

وافاد مراسل فرانس برس في الاحياء الشرقية ان القصف الجوي اشتد طوال الليل وتجدد بعد ظهر الخميس. 

وتحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن اكثر من 20 غارة جوية روسية وسورية استهدفت فجرا الاحياء الشرقية، ما اسفر عن مقتل سبعة مدنيين واصابة آخرين بجروح.

وترافق القصف الجوي الخميس مع تقدم لقوات النظام السوري في شمال المدينة حيث سيطرت على تلال مطلة على احياء عدة في الجهة الشرقية، وفق المرصد.

وتشن قوات النظام السوري منذ 22 سبتمبر هجوما على الاحياء الشرقية وتدور منذ ذلك الحين اشتباكات على محاور عدة. وترد الفصائل المعارضة على الهجوم والقصف الجوي باطلاق قذائف على الاحياء الغربية من حلب الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. 

وافاد التلفزيون السوري الرسمي عن مقتل اربعة اطفال صباح الخميس بقذائف اطلقتها الفصائل على مدرسة في الاحياء الغربية. وتحدث المرصد السوري عن سقوط عشرات القذائف على الاحياء الغربية.

وروى احد السكان في تلك الاحياء كيف يضطر اثناء قيادته السيارة الى ركنها مرات عدة لينزل منها ويختبئ في احد الابنية خشية من القذائف التي تطلقها الفصائل.

"انسحاب آمن"

ومنذ هجوم قوات النظام وثق المرصد السوري مقتل اكثر من 370 شخصا بينهم 68 طفلا في القصف الروسي والسوري على الاحياء الشرقية. كما قتل جراء قذائف الفصائل المعارضة 68 شخصا في الاحياء الغربية. وجعل التصعيد في حلب روسيا عرضة لضغط دولي.

وفي موسكو اعلن الليفتنانت جنرال سيرغي رودسكوي "نحن مستعدون لضمان الانسحاب الآمن للمقاتلين مع اسلحتهم والعبور الحر للمدنيين من والى حلب الشرقية وكذلك ايصال المساعدات الانسانية اليها". 

ويأتي ذلك قبل يومين على استئناف الجهود الدبلوماسية حول سوريا، اذ سيعقد لقاء دولي السبت في لوزان في سويسرا بين وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة جون كيري.

وقال لافروف الاربعاء انه يأمل في ان تساعد تلك المحادثات على "اطلاق حوار جاد" يستند الى اتفاق الهدنة المنهار، موضحا ان تركيا والسعودية وربما قطر ستشارك في المحادثات. 

وسيشارك فيها ايضا موفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا. وغداة محادثات السبت، سيعقد كيري اجتماعا دوليا ثانيا في لندن حيث يرجح ان يلتقي نظراءه الاوروبيين من بريطانيا وفرنسا والمانيا.

وكانت الجهود الدولية باءت بالفشل، وقد تصاعد التوتر بين موسكو وواشنطن بعد انهيار هدنة في 19 سبتمبر صمدت اسبوعا واحدا فقطـ. وفشل مجلس الامن الدولي نهاية الاسبوع الماضي في تمرير قرارين، احدهما روسي والثاني فرنسي، حول حلب، ما ابرز الانقسام بين روسيا والدول الغربية.

ومن المقرر ان يناقش مجلس الامن الازمة السورية مجددا الخميس وذلك خلال اجتماع مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون يسبق اجتماعا جديدا مقررا الاثنين.

"كلام سياسي"

ووسط الانقسام حول سوريا الذي دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى الغاء زيارة مقررة الاسبوع المقبل الى فرنسا، اجرى وزيرا خارجية البلدين الخميس محادثات هاتفية.

واكد وزير الخارجية الفرنسي جان-مارك ايرولت "الضرورة الملحة للخروج من المأزق الحالي" و"التوصل لوقف عمليات القصف على حلب". واتهمت فرنسا والولايات المتحدة الاسبوع الماضي روسيا بارتكاب "جرائم حرب" في سوريا وخصوصا في حلب.

الا ان بوتين رد الاربعاء على الاتهامات، قائلا "انه كلام سياسي لا يعني الكثير، ولا يأخذ بالاعتبار الوقائع في سوريا". ووجه بوتين انتقادات لاذعة الى باريس، معتبرا ان هدف مشروع القرار الذي طرحته امام مجلس الامن هو "تأجيج الهستيريا المحيطة بروسيا".

ورغم الاختلاف حول سوريا، تشهد العلاقات بين روسيا وتركيا تقاربا رحب به الرئيس السوري بشار الاسد. وقال الاسد في مقابلة لصحيفة كومسومولسكايا برافدا الروسية نقلتها وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) "أنظر الى هذه العلاقة بايجابية".

واضاف "من خلال التقارب بين روسيا وتركيا فان أمنيتنا الوحيدة نحن فى سوريا أن تتمكن روسيا من احداث بعض التغييرات فى السياسة التركية".

وتدعم تركيا المعارضة السورية وتطالب بتنحي الاسد عن السلطة. وقد بدأت في أغسطس عملية عسكرية في سوريا ضد تنظيم الدولة الاسلامية والمقاتلين الاكراد على حد سواء.