بالاتساق مع تلك التصريحات التي سبق أن أثار بسببها الجدال رائد الأعمال والمخترع الأميركي الشهير، إيلون ماسك، بشأن اعتقاده أن الأرض ليست حقيقة وأننا ربما نعيش في محاكاة حاسوبية، ها هي مجموعة أخرى من العلماء في وادي السيلكون تبدي اهتمامها الشديد بـ "فرضية المحاكاة"، التي تزعم أن ما نتعامل معه على أنه واقع هو في الحقيقة محاكاة حاسوبية عملاقة أنشأتها عقول أكثر تطوراً.

وبحسب ما ورد في تقرير بعدد هذا الأسبوع من مجلة النيويوركر الأميركية، فإن هناك اثنين من المليارديرات الذين يعملون في مجال التكنولوجيا يتعاونان سراً مع مجموعة من العلماء بغية العمل من أجل إخراج العالم من تلك المحاكاة الحاسوبية المزعومة.

ولفتت صحيفة الغارديان من جانبها إلى ذلك البرهان الرائج الذي يدعم فرضية المحاكاة، وهو مستمد من تقرير أعده الباحث نيك بوستروم، من جامعة أكسفورد، عام 2003، تحت عنوان " هل تعيشون في محاكاة؟" – وأوضح بوستروم في ذلك التقرير أن أفراداً من حضارة (النضج التقني أو عصر ما بعد الإنسان) المتطورة التي تمتلك قدرات حاسوبية عظمى ربما اختاروا تشغيل محاكاة أجدادهم في الكون.

وتم استقراء ذلك البرهان من ملاحظة الاتجاهات الحالية في عالم التكنولوجيا، بما في ذلك صعود الواقع الافتراضي والجهود التي يتم بذلها بغية رسم خريطة للدماغ البشري.

ونقلت الغارديان عن علماء قولهم إنه إذا كان هناك اعتقاد بعدم وجود شيء خارق حول ما يُسَبِّب الوعي وأنه مجرد نتاج بنية معقدة جداً في الدماغ البشري، فسيكون بمقدورهم إعادة إنتاجه. وقال ريتش تيريل وهو عالِم في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا " عما قريب لن تكون هناك أمور فنية تعيق تصنيع آلات لديها وعي خاص بها".&

وأشار العلماء كذلك إلى أن الألعاب الإلكترونية تزداد تطوراً في الوقت نفسه&وأن البشر سيتمكنون في المستقبل من إدراج محاكاة لكيانات مدركة وواعية بداخلها. وذكّرت الصحيفة هنا بتصريحات ماسك التي قال فيها " بالنظر لمعدلات التحسن التي يشهدها عالم التكنولوجيا، سيكون من الصعب تمييز الألعاب عن الواقع خلال وقت قريب".

وهي وجهة النظر&نفسها التي أيدها تيريل بقوله " لو كان بمقدور أحد أن يسير بضعة عقود في المستقبل وفق معدلات التكنولوجيا الحالية، لكنا سنتحول على وجه السرعة إلى مجتمع توجد به كيانات مصطنعة تعيش في محاكاة بصورة تفوق البشر بكثير".

لكن في المقابل، هناك علماء آخرون غير مقتنعين بتلك الفرضية، حيث استبعد ماكس تيغمارك، أستاذ علم الفيزياء لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الاحتمالية الخاصة بكوننا نعيش في محاكاة، موضحاً " قبيل أي شيء، نحن بحاجة للتعرف على طبيعة قوانين الفيزياء الأساسية التي يتم الاعتماد عليها في عمليات المحاكاة".&

كما أبدت ليزا راندال، عالمة الفيزياء النظرية في جامعة هارفارد، قدراً أكبر من التشكك، بقولها " لا أرى أن هناك ما يبرهن على ذلك بالفعل. فليست هناك أية أدلة حقيقية".&

وقال تيريل إنه يتصور أن الاعتراف بأننا ربما نعيش في محاكاة قد يعمل على تغيير قواعد عديدة على غرار اعتراف كوبرنيكوس بأن الأرض ليست مركز الكون، مؤكداً أن مثل هذه الفكرة كانت عميقة لدرجة أنه لم يكن يُنظَر لها حتى على أنها افتراض.

وأضاف تيريل أنه يرى أن لفرضية المحاكاة انعكاسات "جميلة وعميقة"، أولها أنها توفر أساساً علمياً لنوع من أنواع الحياة الآخرة أو نطاق أكبر من الواقع فوق عالمنا، وثانيها أنها تعني أننا سنمتلك قريباً القدرة نفسها&على خلق عمليات محاكاة خاصة بنا.

أعدت "إيلاف" المادة نقلاً عن صحيفة "لغارديان" على الرابط أدناه
https://www.theguardian.com/technology/2016/oct/11/simulated-world-elon-musk-the-matrix