وجّه أبناء جنوب اليمن، الذين احتشدوا في ساحة العروض في مدينة عدن رسائل عدة إلى الإقليم والعالم، أكدوا فيها حقهم في الحرية وتقرير المصير السياسي، مع تأكيد شراكتهم مع دول التحالف العربي في الحرب ضد الميليشيات الانقلابية.
&
إيلاف من صنعاء: شهدت ساحة العروض في محافظة عدن في جنوب اليمن الجمعة احتشاد مئات الآلاف من أبناء المحافظات الجنوبية (عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى)، لإحياء الذكرى 53 لاندلاع ثورة الجنوب ضد الاحتلال البريطاني.

تشكيلات معارضة
ليس هذا الحشد الجنوبي، الذي يطلق عليه منظموه اسم المليونية، الأول من نوعه، إذ دأب الجنوبيون منذ عام 2007 على إطلاق مثل هذه المسيرات الشعبية الكبيرة.&

ويتفق معظم الجنوبيين على أن الحراك الجنوبي هو الحامل السياسي لقضية الجنوب، الذي اتحد عام 1990 مع الجمهورية العربية اليمنية، غير أن الوحدة لم تكمل عامها الرابع، إلا باندلاع حرب بين الدولتين السابقتين.

وعلى الرغم من فشل الجنوب في عام 1994 في تحقيق فك الارتباط، بقي الجنوبيون يعارضون نظام علي عبدالله صالح وحلفائه في تشكيلات سياسية معارضة متعددة ومتلاحقة زمنيًا، بعضها علني، وبعضها الآخر سري، منها: حتم، موج، اللجان الشعبية، جمعيات المتقاعدين، تيار إصلاح مسار الوحدة، وغيرها. إلا أن الميلاد الحقيقي للمعارضة الجنوبية كان يوم ظهور الحراك الجنوبي في عام 2007، والذي التفّ حوله الجنوبيون بشكل واسع.
&
علاقة دم
قال العميد ناصر حويدر، القيادي في الحراك الجنوبي، إن احتشاد الجنوبيين في عدن للاحتفال بذكرى مرور 53 عامًا على انطلاقة ثورة 14 أكتوبر الجنوبية جاء لإعادة تذكير الإقليم والعالم بأن الجنوب شعب وأرض وهوية ودولة، وأن شعب الجنوب لن ينسى ثوار أكتوبر وتضحياتهم في قوافل "الشهداء" والجرحى في سبيل الحرية والاستقلال.

أضاف &لـ"إيلاف": "رسالة الجنوبيين إلى الإقليم والعالم هي رسالة شعب يسعى إلى الحرية وتقرير مصيره السياسي والعيش بكرامة، وإن وحدة مايو 1990 بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب) ودولة الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) قد انتهت".&

وأكد أن الحراك الجنوبي كان الركيزة الأساس لتشكيل المقاومة الجنوبية في العام الماضي لتحرير الجنوب من سيطرة الميليشيات الانقلابية وقوات علي عبدالله صالح، مذكرًا بأن الحراك الجنوبي هو السباق في الانخراط في القتال ضد الحوثي وعفاش، وأن رجاله منتشرون اليوم في جبهات القتال في صفوف المقاومة الجنوبية، يتصدون للميليشيات الإنقلابية، وتحديدًا في كرش والصبيحة وباب المندب ومكيراس وبيحان.

وثمّن القيادي الجنوبي العلاقة الوثيقة التي تربط الجنوبيين اليوم، وفي مقدمهم الحراك الجنوبي، بدول التحالف العربي، وفي مقدمها السعودية والإمارات، "فهي علاقة دم سال وامتزج".
&
السقف الأدنى
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عادل الشبحي أن استمرار الحشد الجنوبي في ساحة العروض في مدينة عدن على مدى سنوات طويلة يشكل رفضًا لتواجد القوات التي كانت تمارس القتل والقمع ضدهم، ورسالة إلى العالم والإقليم بالالتفات إلى مطالبهم باستعادة دولتهم التي قدموا من أجلها آلاف "الشهداء" والجرحى، وتعرّضت مدنهم للحروب والدمار.

يوضح الشبحي لـ"إيلاف" أن هذا الحشد جاء بعد تحرير مدن الجنوب من قوات صالح والحوثي والجماعات الإرهابية، وبعدما استطاعت المقاومة الجنوبية، بدعم قوات التحالف،&تحقيق الانتصار عليها، لافتًا إلى أن تلك الانتصارات التي تحققت للمقاومة والحكومة الشرعية في الميدان على الانقلابيين هي ما أوجدت شراكة بين المقاومة الجنوبية والحكومة الشرعية.

أضاف: "احتشاد الجنوبيين بهذا العدد، وفي مثل هذه الأوضاع، هو استمرار لنضال أطلقوه منذ أعوام، من أجل استقلال دولتهم، وهم يعتبرون هذا الهدف السقف الأدنى الذي لا يمكن التنازل عنه، أي رفض قوات الحوثي وصالح، وخطواتهم ضد الجنوب والحكومة الشرعية، وهي أيضًا أول مناسبة بعد دعوة محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي إلى تشكيل كيان سياسي جنوبي يمثل الجنوب وقضيته في أي مفاوضات يمنية، داخلية أو خارجية".
&
رسائل إلى الإقليم والعالم
قالت الصحافية الجنوبية كفى الهاشلي إن الجنوبيين يحتفلون في عدن منذ أكتوبر 2007 بذكرى ثورة أكتوبر لإبراز مطالبهم وإرسال رسائل مختلفة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

استعرضت الهاشلي في حديثها لـ"إيلاف" تلك الرسائل: "الرسالة الأولى موجهة إلى نظام علي صالح وتطالبه بالرحيل وفك الارتباط بين دولتين توحّدتا بالإلحاق والظلم؛ والرسالة الثانية لحث أبناء الجنوب جميعهم على الانضمام إلى تلك المسيرات التي كان نظام صنعاء يقابلها بالقتل والمنع والملاحقات والاعتقالات، فكان لا بد من إشعال ثورة أخرى؛ أما الرسالة الثالثة فموجّهة إلى الإقليم والعالم، وهي تذكير بأهمية دور الجنوب في المنطقة، ودور المنظومة الدولية في الضغط على نظام علي صالح وشركائه لوقف المجازر والظلم، والموافقة على حق الجنوب في تقرير مصيره وفضح ممارسات صنعاء البشعة تجاه الجنوبيين".

وأكدت الصحافية الجنوبية أن الجنوب أثبت للخليج وللعالم أنه قادر على حماية أرضه ومصالح الإقليم والعالم، عندما استطاع تحرير المحافظات الجنوبية من عصابات صنعاء الموالية لإيران، مشيرة إلى أن التذكير بهذه الذكرى مهم، فهو يثبت صحة ما قاله أبناء الجنوب منذ عام 2007 بطرد أي محتل يدخل تحت عباءة صنعاء".
&
هم مجرد أفراد
ولفتت الهاشلي إلى أن "الحراك الجنوبي لم يعد مقتصرًا اليوم على مجموعات تتزعمها قيادات، بل هو حراك شعبي حقق بدماء الشهداء الحرية الكاملة للأراضي الجنوبية، ويخوض معارك مع الاشقاء، لا لتحرير الجنوب فحسب، بل وحدود الجيران من عصابات الحوثي وصالح".

أضافت: "بعض من كان يلصق نفسه بالحراك الجنوبي عنوة، وكان الشارع يرفضه، تحوّل إلى صف الحوثيين، وأطمئن الشعب الجنوبي ودول الإقليم إلى أن أولئك المنقلبين مجرد أفراد، لا يملكون ثقلًا شعبيًا، ولم يكونوا قادرين على إخراج مسيرات شعبية، وهم حراك افتعله علي صالح وحده، فمن الصعب عودتهم إلى الجنوب لتنفيذ أي مهام، والشعب يدرك مصلحته التى تتفق مع خط الاستقلال". &
& & & &
أخيرًا نبهت الهاشلي إلى خطورة احتضان الشرعية اليمنية جزءًا من من نظام صنعاء: "هم من يفسدون الأمور، بما فيها تحرير الشمال، والخوف من أن يكون رأس الهرم في الشرعية مخترقًا. أما الجنوب فهو لم يقبل حتى بحراك دعمته إيران، ولفظ كل من يتاجر بقضيته، وأعتقد أن خروج الشعب الجنوبي كمحرر لأرضه من الانقلابيين في ذكرى الاستقلال يعني أن الشعب قرر مصيره، وأن التصويت على هذا الحق يتم في الساحة، وليس في صناديق اقتراع، والعالم يراقب ذلك جيدًا... والرسالة واضحة".
&