قسم المتابعة الإعلامية

ركزت صحف عربية على المعركة الدائرة في محافظة نينوى العراقية والتي تستهدف استعادة عاصمتها الموصل وطرد تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي يُعرف أيضًا بـاسم "داعش".

ومع اتفاق الكتاب على تقدم العملية العسكرية وقرب تحقيقها لأهدافها، انقسموا ما بين متفائل ومتشائم من نتائجها. فبينما رأى البعض أن تحرير الموصل هو "عمل بطولي"، تخوف آخرون من سيناريوهات ما بعد استعادة الموصل التي قد تنذر بأزمات أمنية وطائفية وإنسانية.

تراجع أسطورة داعش

تقول عبير الفوزان في جريدة عكاظ السعودية: "تحرير الموصل من اللصوص والقتلة عمل بطولي، احتاج وقتاً طويلاً للتنسيق والاتفاق والتقسيم وترتيب الأجندات كي تنتهي المعركة بنصر لقوات التحالف الدولي، ودحر لداعش".

وتضيف: "الموصل هي ثاني أكبر المدن العراقية، وآخر معاقل التنظيم الإرهابي في العراق وبتحريرها، وتحرير جامعها الكبير، مسجد النوري الذي شهد أول ظهور علني لخليفة المسلمين المزعوم (أبو بكر البغدادي) ستتراجع أسطورة داعش، لتعود لجحورها مرة أخرى".

على المنوال نفسه، رحبت جريدة الصباح الجديد العراقية بالعملية العسكرية واصفة في الافتتاحية تحت عنوان "الموصل تفك وثاقها. إنها بشرى"، وأكدت أنها نهوض بالعراق نيابة عن "ضحايا المذابح التي ارتكبتها العصابة الداعشية الغاشمة".

ويؤكد منصور الجمري رئيس تحرير جريدة الوسط البحرينية أن "النصر العسكري ليس هو المسألة الأهم"، بل الأهم هو مواجهة "التحديات الماثلة بعد الانتهاء من معركة الموصل".

ويحذر: "أنَّ خريطة المنطقة الجغرافية - السياسية تغيرت بالفعل، وأنَّنا نمر بالمرحلة الأخيرة من إعادة توزيع النفوذ، بصورة ربما تشبه ما حدث قبل ١٠٠ عام بعد اتفاق سايكس - بيكو على اقتسام تركة الدولة العثمانية".

ولذلك يرى الكاتب ضرورة "معالجة العملية السياسية بحيث تكون شاملة لجميع فئات المجتمع بصورة منصفة، وأن تتغلب الهوية الوطنية الجامعة على الهويات الإثنية والطائفية. هذا سيحتاج إلى بُعد نظر من كل الفرقاء لمنع تفكك الدولة العراقية (بعد استرجاع الموصل وما حولها) إلى ثلاث دول منفصلة".

ويتفق معه إبراهيم الشيخ في صحيفة أخبار الخليج البحرينية، قائلاً: "الدنيا تتغير، والأحوال تتبدل، فمن كان آمنا بالأمس يعيش اليوم كل أنواع الخوف". ويتنبأ للموصل بالسير على خطى حلب السورية، مضيفاً: "التقارير ذاتها تتحدث عن كوارث إنسانية في القتل والانتقام، ومسح المنطقة من الخارطة السنية سكاناً ومساجد، بالضبط كما فعلوا في غيرها من المدن والمناطق السورية والعراقية".

عراق ما بعد داعش

يتساءل شامل حمد الله في جريدة الزمان العراقية: "قضية الموصل التي لم تحسم هي ماذا بعد التحرير، هل هي حرب لميلاد منطقة جديدة التأثير في العلاقات ليس بين المركز و الإقليم الكردي، أم بين إقليـين ومركز، أم بين دولة و إقليم؟".

ويصف جاسم الشمري في جريدة الغد الأردنية معركة الموصل قائلاً: "معركة الموصل واحدة من المراحل التاريخية التي يمكن أن تؤسس لمراحل لاحقة، تحمل في طياتها العديد من السيناريوهات المتوقعة في مرحلة ما بعد "داعش"، أو الموصل".

ويضيف محذراً: " معركة الموصل ربما ستؤسس لشرخ اجتماعي جديد إن رافقتها عمليات انتقام طائفي ومذهبي كما حصل في الفلوجة والصقلاوية والكرمة. وبذلك نكون قد فقدنا الإنسان، الذي هو أهم ما تملك الأمم والمجتمعات الحية!

العراق بحاجة لمرحلة تاريخية تؤسس لبداية جديدة قائمة على القوى الوطنية العراقية النقية، ومبنية على المصالحة، وكف يد المليشيات، وقيام عملية سياسية خالية من المجرمين، وتمثل جميع أطياف الشعب. فهل هناك رغبة دولية ومحلية جادة للوصول بالعراق إلى مرحلة السلم التام؟".

أما أمين قمورية فيقول في جريدة النهار اللبنانية: "المدينة ومحافظتها المتنوعة طائفياً إثنياً، ستكونان مختبراً لكل أنواع النزاعات والحسابات الفئوية الخاصة. الحشد الشعبي له رؤيته التي تعبر عن الرؤية الإيرانية. ومن الواضح أن ظاهر رؤية العرب السنة وباطنها يتقاطعان مع الرؤية التركية، في حين لا يخفي الأكراد سعيهم إلى مد إقليمهم شبه المستقل على أوسع رقعة جغرافية ممكنة تشمل الماء والنفط".

السنة بين "قلة منحرفة" و"قوة غاشمة"

يقول محمد يوسف في صحيفة البيان الإماراتية: "ستكون الموصل الخط الفاصل ما بين العرب وإيران، كل العرب، ولن نقول السنة والشيعة، فهذه النعرة المذهبية زرعتها إيران وغذتها بأحقادها".

ويضيف متهماً إيران: "شقت إيران ذلك البلد الجميل بتنوعه، وغرزت الكراهية بين مكوناته، وها هي تستعد بحشدها الشعبي المشحون بالمذهبية الكريهة لدخول الموصل، المدينة العراقية الثانية، المحتلة من تنظيم «داعش» الإرهابي، والمأسور شعبها بقوة السلاح، والكل خائف من تكرار المذابح وعمليات التهجير لأهل الموصل، فقط لأنهم من أهل السنة، والغالبية العظمى من العرب، وهنا سيتسع الشرخ الذي بدأته إيران، ومن بعدها لن تزال الدماء من الأيدي التي ستتلطخ بها، ففي المدينة أكثر من مليون ونصف المليون شخص و«داعش» قلة منحرفة، والحشد «قوة» غاشمة!!".

من جانبه، يقول فايز الفايز في جريدة الشرق القطرية: "غالبية الضحايا هم من المواطنين السنة الأبرياء الذين يدفعون ثمن خلافات وأحقاد تاريخية." ويطالب بتشكيل فريق مراقبة أممي لأن "غير ذلك ستقع كارثة إنسانية وحضارية كبرى هناك دون أي مساءلة، وسيخرج البغدادي من مكان بعيد ليحشد من جديد، وتستمر الكوارث على تلك الأرض من جديد."