كاليه: ستزيل السلطات الفرنسية اعتبارا من الاثنين مخيم كاليه الذي اقيم في مطلع 2015 في سياق ازمة الهجرة، ويتكدس في جوانبه بين 4600 و8100 شخص، ويشكل تجسيدا للنقاش حول اللاجئين.

وكانت مدينة كاليه الواقعة في اوروبا القارية والاقرب الى السواحل البريطانية، في خضم مشاكل الهجرة اواخر التسعينيات مع مخيم سانغات الذي سكنته عائلات مهاجرين غالبيتها من كوسوفو.

وفي صيف 2013، لجأ اقل من 500 مهاجر الى منطقة المرفأ في هذه المدينة البالغ عدد سكانها 75 الف نسمة، آملين في الوصول الى بريطانيا، بسبب معرفتهم اللغة، للقاء اقاربهم او العمل في السوق السوداء.

وفي اواخر 2014، ارتفع العدد الى ما يفوق الالفين، ومعظمهم من غير المتزوجين الوافدين من افريقيا وسوريا وافغانستان. وحيال هذا التدفق الذي اثار استياء متزايدا لدى السكان، فتحت مديرية با دو كاليه في 15 يناير 2015 مركز استقبال خلال النهار، وعمدت الى توزيع وجبة مجانية. وهو مركز جول فيري السابق المكيف الذي يبعد حوالى الساعة مشيا عن شرق وسط المدينة، قرب الكثبان الرملية.

في تلك الفترة، غالبا ما كان اللاجئون يواجهون صعوبات في العثور على المركز. ثم بدأوا بالاستقرار قربه في ما اطلقوا عليه تسمية "المخيم الجديد" الذي تغض السلطات النظر عنه. وتنتقد المنظمات غير الحكومية هذا المخيم الذي تسميه "سانغات بلا سطح" قرب الطريق الدائري، وسط ارض بور تعصف بها الرياح.

وتم اجلاء المقيمين في "مخيمين صغيرين" في وسط المدينة، فاضطر هؤلاء الى التوجه الى "مخيم البور"، كما تسميه السلطات المختصة. وفي بداية يونيو، اندلعت اولى المشاجرات بين المجموعات، وشارك فيها بين 200 الى 300 شخص، في ما اصبح "مدينة" صفيح انشئت فيها كنيسة ومسجد ومحلات بقالة ومطاعم.

صيف حار
ميداينا، توتر الوضع تمهيدا لصيف "حار". فالوفيات بين المهاجرين تتزايد على الطريق الدائرية وفي موقع النفق تحت المانش، لدى محاولات تسلق الشاحنات. وقد احصيت 2000 عملية تسلل في الليلة الواحدة الى هذا الموقع.

وتوجه وزير الداخلية برنار كازنوف ونظيرته البريطانية آنذاك تيريزا ماي الى كالية في 20 اغسطس، واتفقا على انه "لن تكون هناك عمليات تسلل".

ونتيجة التدابير الامنية في موقع النفق وعلى الطريق الدائري، بات المهاجرون يواجهون صعوبة في العبور بطريقة غير شرعية، وتضاعف عدد المهاجرين. ففي منتصف اكتوبر، ارتفع العدد الى 6000. والصدمة التي اثارتها صورة الطفل الكردي ايلان، ادت الى تدفق المساعدات والمتطوعين.

وفي اواخر اكتوبر 2015، طالبت رئيسة بلدية كاليه ناتاشا بوشار بتدخل الجيش لكن طلبها لم يلب. ودعا القضاء الاداري الذي لجأت اليه منظمات غير حكومية الدولة الى الاهتمام بمختلف المرافق الصحية. وحرصا منها على التخفيف من الاكتظاظ في كالية، قامت السلطات بأولى عمليات ترحيل المهاجرين بالحافلات الى مراكز استقبال وتوجيه.

وفي نوفمبر، سجلت يوميات مخيم كاليه صدامات عنيفة بين مهاجرين وعناصر من الشرطة، وقد انتقدت السلطات ما يقوم به الناشطون اليساريون المتطرفون من منظمة "نو بوردر". وفي سبيل تهدئة الوضع الميداني، قررت السلطات تأمين شروط اقامة افضل من خلال مركز استقبال مؤقت من مستوعبات يستضيف 1500 شخص.

عزل القاصرين
على خط مواز، عمدت السلطات الى اخلاء شريط طوله 100 متر على طول الخط الدائري، من اجل ضمان رؤية افضل لقوات الامن. وفي ظل حماية الشرطة، بدأ تفكيك المخيم في المنطقة الجنوبية (8.5 هكتارات) في 29 فبراير. واستمرت اسبوعين العملية التي شهدت تحركا احتجاجيا لايرانيين لاجئين.

وفي مطلع مارس في باريس، تظاهر 500 من سكان كاليه الذين ازعجهم تحول مدينتهم عناوين كبرى لأحداث الساعة. وفي هذا الملف الخاضع للتسييس، جذبت كاليه المتطرفين. فالجنرال كريستيان بيكمال قد تعرض للاستجواب لانه شارك في تجمع معارض للمهاجرين، فيما تجري الشرطة تحقيقا حول اعتداءات ليلية غامضة على مهاجرين.

وتوجه فنانون امثال جود لو وجوردي سافال وبانكسي، الى "المخيم" دعما للاجئين. وخلال الربيع، ارتفعت حدة التوتر لدى ظهور حواجز من جذوع الشجر لعرقلة الشاحنات التي تسلك الطريق الدائري.

وفي الخريف، تسارعت الاحداث. فقد قام السائقون والمزارعون والتجار بعملية احتجاج على الطريق، وبني جدار "للحد من التسلل" على طول الطريق الدائري. وفي 26 سبتمبر، اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ازالة المخيم "قبل نهاية السنة" فوافقه القضاء الاداري على ذلك في 18 اكتوبر.