بدأ إخلاء مخيم كاليه العشوائي الكبير في شمال فرنسا صباح الاثنين وسط إجراءات أمنية بهدف طيّ صفحة هذا الموقع الذي يسمى "الأدغال" ويشكل رمزًا لأزمة الهجرة التي تطال أوروبا.

كاليه: غادرت حافلة اولى تقل خمسين سودانيا كاليه متوجهة الى مركز استقبال في بورغوني (وسط الشرق)، بعد 45 دقيقة من بدء العملية، كما ذكر مراسل من وكالة فرانس برس.

بريطانيا وجهة الحلم
ومنذ الفجر، وصل مئات المهاجرين الى الموقع الذي حدد ليكون مقر قيادة العملية، وهو مستودع اطلق عليه اسم "مركز العبور" ليصعدوا الى حافلة يفترض ان تقلهم الى مراكز الاستقبال التي يبلغ عددها 451 واقيمت في جميع انحاء فرنسا.

من جهته عبر وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف في باريس عن ارتياحه. وقال "انها عملية نأمل ان تجري بهدوء وانضباط. الامر يجري بهذا الشكل حاليا".

وغادرت حافلة اولى تقل خمسين سودانيا كاليه متوجهة الى مركز استقبال في بورغوني (وسط الشرق)، بعد 45 دقيقة من بدء العملية، كما ذكر مراسل من وكالة فرانس برس.

وتؤكد الحكومة ان هذه العملية الكبيرة "إنسانية"، ويفترض ان تسمح باخلاء اكبر مخيم عشوائي في فرنسا، وقد نشأ قبل 18 شهرا ويأوي مهاجرين جاء معظمهم من افغانستان والسودان واريتريا على امل عبور بحر المانش الى بريطانيا. وعلى رأس المتجمعين في مركز العبور، يقف بشير (25 عاما) مبتسما. ويقول "اي مكان في فرنسا" سيكون افضل من المخيم.&وقال رحيم، احد ركاب الحافلة، "أعيش في +الادغال+ (الاسم الذي يطلق على مخيم كاليه) منذ سبعة اشهر، وتعبت من ذلك". وقال آخر يدعى بشير (25 عامًا) مبتسمًا "أي مكان في فرنسا" سيكون افضل من المخيم.

في المقابل، ينظر الاثيوبي محمد الى الصف الذي يتشكل تدريجيا مشككا. ويقول "انا قاصر، واريد ان انتقل الى بريطانيا. الحافلات لا تهمني"، قبل ان يعود ادراجه باتجاه المخيم.

ويفترض ان ينقل ما بين ستة آلاف وثمانية آلاف مهاجر بحافلات الى مراكز استقبال محددة اقيمت على كل الاراضي الفرنسية، على مدى اسبوع.

بؤرة توتر
وينتظر هؤلاء الرجال والنساء والاطفال منذ اشهر على امل ان يتمكنوا من عبور بحر المانش في هذا المخيم العشوائي الواقع قبالة السواحل البريطانية. وصرح المدير العام للمكتب الفرنسي للهجرة والاستيعاب ديدييه ليشي الاثنين "اذا تمكنا من توجيه ما بين الفين و2500 شخص الاثنين سيكون الامر جيدا جدا". وحشدت السلطات حوالى 1250 شرطيا ودركيا لضمان سير العملية بدون صدامات.

وعبر كريستيان سالومي من منظمة "لوبيرج دي ميغران" غير الحكومية التي تعنى بالمهاجرين، عن ارتياحه لان العملية تجري "بهدوء". لكنه قال انه "يشعر بقلق اكبر لنهاية الاسبوع عندما لن يتبقى (...) سوى الذين يصرون على التوجه الى انكلترا". وقد عدد هؤلاء بنحو الفي شخص.

وكان مخيم كاليه تحول الى بؤرة تثير قلق سكان المدينة، وبات يسمم الجدل حول الهجرة، ويثير توترا بين باريس ولندن. واعلنت الحكومة الفرنسية الاشتراكية في سبتمبر انها ستقوم بتفكيكه.

ويشكل إخلاء المخيم تحديا كبيرا، لكن السلطات تؤكد انها أمنت 7500 مكان لايواء المهاجرين وتأمل في افراغه نهائيا "خلال اسبوع واحد". وستقوم 145 حافلة من الاثنين الى الاربعاء بنقل المهاجرين الى 451 مركز ايواء موزعة في جميع انحاء فرنسا. واعتبارا من الثلاثاء ستبدأ جرافات بازالة الخيام.

ووزعت السلطات الاحد منشورات كتبت بلغات عدة توضح سير العملية وتحاول للمرة الاخيرة اقناع الذين لا يريدون الرحيل. وذكر متطوعون ان عددا من المهاجرين غادروا المخيم في الايام الاخيرة حتى لا يبتعدوا عن المنطقة وأملا بالاحتفاظ بفرصة عبور بحر المانش.
&


بعضهم سيعود
تكمن الصعوبة الكبرى في العملية في اقناع الذين لم يتخلوا عن فكرة الانتقال الى انكلترا ويرفضون الرحيل. وكان عدد كبير من الافغان مترددين الاحد. وقال احدهم ويدعى خرازي "عليهم ترحيلنا قسرا. نحن نريد الذهاب الى بريطانيا".

لم تنه عملية الاخلاء الجدل القائم حول المخيم. فقد عبر عدد من اعضاء المعارضة الفرنسية اليمينية عن خشيتهم من انتشار مخيمات صغيرة تشبه مخيم كاليه في جميع انحاء فرنسا، بينما اعترضت مدن يفترض ان تستقبل لاجئين على خطة توزيع المهاجرين التي وضعتها الحكومة.

ورد وزير المدينة باتريك كانير الاحد قائلا ان "استقبال ثلاثين او اربعين شخصا في مدن (...) هو أقل شيء ممكن"، مطالبا "بالاحترام" و"الانسانية" حيال هؤلاء المهاجرين. وعبّرت جمعيات لمساعدة المهاجرين من جهتها عن اسفها لتسرع السلطات بينما لا يخفي كثيرون تشكيكهم في تبعات العملية.

وقال فرنسوا غينوك، نائب رئيس جمعية "لوبيرج دي ميغران" التي تعنى بالمهاجرين "تحلم الحكومة بأن تحل المشكلة عبر تدمير المخيمن لكن هذا خطأ"، مشيرا الى ان "كثيرين من الذين يرحلون سيعودون. ولا يجب ان ننسى ان هناك واصلين جددا يبلغ عددهم نحو ثلاثين كل يوم".

ارتياح سكان المنطقة
لكن عددا كبيرا من المقيمين في اماكن مجاورة عبّروا عن ارتياحهم. ويقول برنار (58 عاما) الذي تعرّضت حديقته للتخريب مرات عدة: "اذا جرى كل شيء كما هو مقرر، فيمكننا تنفس الصعداء، والنوم بشكل افضل".

وسمح التفكيك المنظم للمخيم بإيجاد تسويات لوضع عدد من القاصرين الذين يقدر عددهم بنحو 1300. فقد وافقت الحكومة البريطانية على تسريع اجراءات استقبال هؤلاء الاطفال او الفتية الذين لدى نحو 500 منهم علاقات اسرية في المملكة المتحدة.

واستقبلت بريطانيا 194 قاصرا في الاسبوع الماضي، كما قال بيار هنري، المدير العام للمنظمة غير الحكومية "فرانس تير دازيل" التي تدافع أيضا عن حقوق اللاجئين. وستستقبل آخرين.

لكن وزيرة الاسكان الفرنسية ايمانويل كوس انتقدت مع ذلك تحفظ لندن على استقبال قاصرين بمفردهم تحت شعار لم الشمل العائلي، مؤكدا انه يجب قبول "مئات منهم (...) بسرعة". واضافت ان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف "اضطر للذهاب مرات عدة الى انكلترا واجراء مقابلات مع (صحيفة) غارديان لتطبق الحكومة البريطانية القانون الدولي في نهاية المطاف"، معتبرة ان ذلك "فضيحة".

هواجس اليمين
لكن عملية الإخلاء هذه لم تنهِ الجدل. فقد عبّر عدد من أعضاء المعارضة اليمينية عن خشيتهم الآن من انتشار مخيمات صغيرة تشبه مخيم كاليه في جميع أنحاء فرنسا، بينما اعترضت مدن يفترض أن تستقبل لاجئين، على خطة توزيع المهاجرين التي وضعتها الحكومة.

لكن وزير المدينة باتريك كانير رد الأحد قائلًا إن "استقبال ثلاثين أو أربعين شخصًا في مدن (...) يبدو أقل الأشياء"، مطالبًا "بالاحترام" و"الإنسانية" حيال هؤلاء المهاجرين. وعبّرت جمعيات لمساعدة المهاجرين من جهتها عن أسفها لتسرع السلطات، بينما لا يخفي كثيرون تشكيكهم في تبعات هذه العملية.
&