القيارة: باشرت قوات الحشد الشعبي العراقية السبت عملية في مناطق غرب مدينة الموصل، شمال العراق، بهدف قطع طريق الامدادات عن "الجهاديين "في آخر اكبر معاقلهم، حسبما افاد متحدث وكالة فرانس برس.

والحشد الشعبي يضم متطوعين وفصائل شيعية تتلقى دعما من ايران ولعبت دورا كبيرا في استعادة السيطرة على مدن ومناطق واسعة من سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية.

والمحور الغربي حيث تقع بلدة تلعفر، الجهة الوحيدة التي لم تصل اليها القوات العراقية التي تتقدم بثبات من الشمال والشرق والجنوب باتجاه مدينة الموصل.

وقال احمد الاسدي المتحدث باسم الحشد الشعبي لفرانس برس ان "هدف العملية قطع الامداد بين الموصل والرقة (معقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا) وتضييق الحصار على داعش بالموصل وتحرير تلعفر" غرب الموصل.

يشار الى ان غالبية سكان تلعفر من التركمان الشيعة.

واوضح ان "العمليات انطلقت من منطقة سن الذبان (جنوب الموصل) وتهدف الى تحرير الحضر وتل عبطة وصلال وصولا الى تلعفر".

والتقدم تجاه تلعفر قد يهدد بمعارك في محيط موقع الحضر الاثري الذي تصنفه اليونيسكو على لائحة التراث العالمي.

وقد دمره تنظيم الدولة الاسلامية بعد سيطرته على الموصل.

كما قد تعبر القوات ايضا موقع نمرود الاثري الذي دمره التنظيم المتطرف ايضا.

وتشكل مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل محور تجاذبات سياسية، لان الغالبية العظمى من سكان الموصل من السنة.

وابدى مسؤولون سنة عربا واكرادا اعتراضهم على مشاركتها في معارك استعادة الموصل، ووعدت بغداد بان القوات الحكومية وحدها ستدخل الموصل.

كما تفضل الولايات المتحدة التي تقود التحالف الدولي الداعم لعملية استعادة الموصل عدم مشاركة الحشد الشعبي في العمليات.

ويحظى الحشد بشعبية واسعة ودعم من الاطراف الشيعية في البلاد.

الهجوم على الشورة

تمثل استعادة السيطرة على بلدة تلعفر التي سيطر عليها المتطرفون منتصف عام 2014 ، هدفا رئيسا لغالبية الفصائل الشيعية.

واعلنت قيادة العمليات المشتركة "تحرير منطقة الشورة بالكامل والتقاء القوات من اربعة محاور ورفع العلم العراقي على جميع المراكز الحكومية".

وقال الفريق رائد شاكر جودت قائد الشرطة الاتحادية ان "قطعات الشرطة الاتحادية ترفع العلم العراقي على بناية مركز ناحية الشورة وتطهر المجلس البلدي في الناحية".

وشن الهجوم رغم تأكيد التحالف الدولي امس الجمعة وقف القوات العراقية للهجمات بشكل موقت لنحو يومين لتثبيت سيطرتها على مناطق انتزعتها من تنظيم الدولة الاسلامية.

وكان الكولونيل الاميركي جون دوريان قال امس في مؤتمر بالفيديو من بغداد "نعتقد ان الامر سيستغرق قرابة يومين قبل استئناف التقدم نحو الموصل" موضحا ان هذا التوقف من ضمن مخطط التحالف.

واوضح ان هذا التوقف شامل ويجري "على محاور عدة" تتقدم فيها القوات العراقية التي "تعيد التموضع والتجهيز وتطهير" المناطق التي استعادتها.&

لكن بيانا عسكريا عراقيا صدر على ما يبدو ردا على تصريحات دوريان افاد ان "العمليات العسكرية مستمرة ولم تتوقف الا بتحرير كامل ارض نينوى والمحاور تتقدم وفق الخطة وحسب التوقيت المحدد".

ارتفاع اعداد النازحين

وفر اكثر من 17 الف شخص من منازلهم تجاه المناطق التي تسيطر عليها الحكومة منذ بدء العمليات العسكرية لاستعادة الموصل، حسبما افادت المنظمة الدولية للهجرة.

ومن المتوقع ان ترتفع الاعداد مع اقتراب القوات العراقية من محيط المدينة.

وتشير تقارير مؤكدة الى ان تنظيم الدولة الاسلامية يستخدم المدنيين دروعا بشرية او لقتلهم.

وقال المفوض الاعلى لحقوق الانسان التابع للامم المتحدة زيد بن رعد الحسين ان مكتبه تلقى تقارير بانه يتم احتجاز مدنيين قرب مواقع تمركز الجهاديين في الموصل ربما لاستخدامهم دروعا بشرية امام تقدم القوات العراقية.&

وقال في بيان "هناك خطر جسيم من ان يستخدم مقاتلو داعش مثل هؤلاء الاشخاص الضعفاء دروعا بشرية، وكذلك قتلهم بدلا من رؤيتهم يتحررون".&

واشار الى ان مكتبه تلقى تقارير بان الجهاديين اجبروا نحو 200 عائلة على السير من قرية السمالية الى الموصل الاسبوع الماضي.

وتعد عمليات الترحيل القسري هذه جزءا من سياسة تنظيم الدولة الاسلامية "بمنع المدنيين من الفرار الى المناطق التي تسيطر عليها قوات الامن العراقية".&

واعربت الامم المتحدة عن قلقها حيال اضطرار نحو مليون شخص محتجزين داخل الموصل الى الفرار من القتال ما يمكن ان يتسبب بأزمة انسانية.&

وشن الجهاديون سلسلة من الهجمات المضادة منذ بدء عمليات الموصل لتحويل الانظار بينها هجوم على كركوك منسق على كركوك استمر لعدة ايام، واسفر عن مقتل العشرات.

واحبطت القوات العراقية امس الجمعة محاولة جديدة لتنفيذ هجوم لتنظيم الدولة الاسلامية يستهدف الرمادي، كبرى مدن محافظة الانبار غرب العراق.

وقال النقيب احمد الدليمي من شرطة الانبار ان "قوة امنية اعتقلت 11 عنصرا من داعش كانوا يخططون للهجوم على مدينة الرمادي لزعزعة الامن والاستقرار".

فصائل شيعية مسلحة مثيرة للجدل

شنت الفصائل الشيعية المسلحة التي يطلق عليها تسمية "الحشد الشعبي" عملية عسكرية السبت لقطع امدادات تنظيم الدولة الاسلامية بين الموصل وسوريا.

في ما يلي بعض الحقائق حول النجاحات التي حققها العراق على المستوى العسكري، وفي المقابل ما تثيره القوات غير النظامية من جدل سياسي.

ساعدت في وقف هجوم "الجهاديين"

ساهمت قوات الحشد الشعبي التي تشكلت صيف 2014 في وقف تمدد الجهاديين الذين هزموا الجيش والقوات الامنية واقتربوا من بغداد.

وبعد دعوة المرجع الكبير اية الله علي السيستاني العراقيين الى الجهاد، لبى آلاف النداء وساعدوا في وقف هجوم تنظيم الدولة الاسلامية وتمكنوا في ما بعد من استعادة مساحات شاسعة من الاراضي والمدن.

ويضم الحشد فصائل مسلحة كانت موجودة سابقا ابرزها "كتائب حزب الله" و"عصائب اهل الحق" وجيش المهدي الذي اصبح الان "سرايا السلام".

لكن فصائل عديدة اخرى متنوعة تم تشكيلها لاحقا. كما ان الحشد يضم في صفوفه مقاتلين من العشائر السنية تطلق عليهم تسمية "الحشد العشائري".

وتتعرض قوات الحشد لاتهامات متكررة بانتهاك حقوق الانسان خلال المعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية، من قتل وخطف وتدمير ممتلكات.

ويحظى الحشد بشعبية واسعة ودعم من الاطراف الشيعية التي تعتبره قوات وطنية تحارب قوى دموية متمثلة بالمتطرفين السنة.

لكن الطائفة السنية تنظر اليه بريبة وخوف بعد تعرضها لاساءات خلال السنوات الماضية من قبل بعض الفصائل المنضوية في الحشد، كما ان العلاقات بين الاكراد والحشد متوترة.

عشرات الاف من المقاتلين

ويقدر عدد مقاتلي الحشد الشعبي بشكل رسمي بنحو 60 الفا لكن ضعف هذا العدد على علاقة بهذه القوات بشكل غير رسمي.

ويختلف مستوى المهارات والتدريب والخبرة بشكل جذري بين فصيل واخر، تبعا للدور الذي يقوم به المقاتلون.

وتقوم "كتائب حزب الله" و"كتائب الامام علي" و"بدر" و"عصائب اهل الحق" بشكل مستمر بدور القوات المهاجمة ضد تنظيم الدولة، وبعضها يقاتل في سوريا الى جانب قوات النظام السوري.

لكن فصائل اخرى مثل "سرايا السلام" تقوم بدور التمركز في المناطق الارض وحماية المراقد المقدسة لدى الشيعة.

مستقبل الحشد بعد تنظيم الدولة الاسلامية

ما هو مستقبل الحشد الشعبي بعد انتهاء المعركة الكبرى ضد تنظيم الدولة الاسلامية؟ هذا السؤال يثير قلقا شديدا. فالبعض يرى دمج الحشد في قوات حرس وطني لكن اخرين يتخوفون من ان يستمر بطريقة اكثر استقلالية.

والفرضية الاسوأ هي تعميق التنافس بين فصائل الحشد بعد ان دفنت مشاكلها نظرا لمقتضيات الحرب ضد الجهاديين، لكنها قد تعود للظهور بعد المعارك فتستعيد الفصائل المدججة بالسلاح القتال بينها.

وفشلت جهود الحكومة السابقة في دمج قوات الصحوة التي قاتلت تنظيم القاعدة بعد ان بدأت ذلك ببطء لكنها لم تنجح في النهاية.

واثار هذا الفشل استياء واسع النطاق بين المقاتلين الذين حاربوا "الجهاديين" وساهموا في تحسن امني كبير بين العامين 2006 و 2008.