برطلة: أصبحت القوات العراقية على بعد مئات الأمتار من الموصل الاثنين، تمهيدا لاستعادة السيطرة على اهم آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في شمال البلاد.

وأثناء تقدمها من بلدة برطلة المسيحية باتجاه الضواحي الشرقية للموصل، تعرضت قوات مكافحة الارهاب، وهي قوات النخبة التي باتت الأقرب إلى مركز الموصل، لهجمات بقذائف الهاون، بحسب مراسلين لوكالة فرانس برس كانوا يرافقون القوات على الجبهة.

وفيما قصفت طائرة ما يشتبه بأنه موقع لتنظيم الدولة الإسلامية يستخدم لإطلاق قذائف الهاون، أطلق موكب من آليات هامفي النار باتجاه مواقع للجهاديين. وأعلن الضابط برتبة مقدم منتظر الشمري أن قوات مكافحة الإرهاب استعادت السيطرة على بزوايا، إحدى القريتين اللتين تفصلان القوات عن الحدود الشرقية للموصل.

وأكد الشمري لفرانس برس "إذا تم تأمين كل شيء الليلة، فنكون على بعد 700 متر من الموصل". وكان صوت العقيد مصطفى العبيدي مرتفعا عبر الجهاز فيما يتقدم رجاله بحذر في بزوايا، حيث ساروا في الطرقات الخالية رافعين أسلحتهم. وقال العبيدي "انهم يفرون، الجهاديون يفرون إلى الموصل".

ودخلت قوات مكافحة الإرهاب أيضا إلى قوقجلي، البلدة التالية لبزوايا، بحسب ما قال الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي لفرانس برس. ونفى الساعدي دخول قوات مكافحة الإرهاب إلى منطقة الكرامة داخل الموصل.

وقال "لم ندخل الى الكرامة، قواتنا متواجدة في قرية قوقجلي، ونحن على بعد كيلومترين ونصف من الكرامة". ومن المحورين الشمالي والشرقي، استعادت قوات البشمركة الكردية السيطرة على عدد من القرى من الجهاديين وثبتت دفاعاتها.

الجبهة الغربية الجديدة
في هذا الوقت، تواصل قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع مدعومة بمدفعية التحالف الدولي، مقره قاعدة القيارة، التقدم من المحور الجنوبي تجاه الشمال. واستكملت الشرطة الاتحادية تطهير بلدة الشورة التي استعادت السيطرة عليها الأحد، بعد حصار دام عشرة ايام.

ورغم التقدم السريع من الجبهة الجنوبية، فلا تزال المسافة بعيدة لبلوغ مركز الموصل. وفتحت فصائل الحشد الشعبي التي تضم مقاتلين ومتطوعين شيعة وابناء عشائر سنية وتتلقى دعما من إيران، جبهة جديدة من جهة المحور الغربي وتدخل عملياتها يومها الثالث.

ولا تهدف عملية الحشد الشعبي إلى التوجه بشكل مباشر نحو الموصل، بل تتجه أنظارهم الى بلدة تلعفر التركمانية ذات الغالبية الشيعية في السابق، بهدف قطع امدادات الجهاديين بين الموصل والرقة السورية. واعلنت الحكومة العراقية ان قوات الجيش والشرطة وحدها ستدخل مدينة الموصل.

ولا تزال المرحلة الأولى من العمليات التي استعيدت خلالها عشرات القرى من سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية، مستمرة. ومن المتوقع أن تقوم القوات العراقية في المرحلة المقبلة، بمحاصرة الموصل وفتح ممرات آمنة لأكثر من مليون مدني عالقين في المدينة قبل اقتحامها. وتخوض المنظمات الإنسانية سباقا مع الزمن من أجل بناء مخيمات لاستيعاب النازحين الفارين.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من مليون شخص قد ينزحون من الموصل خلال الاسابيع المقبلة. وفر أكثر من 17 الف شخص من منازلهم تجاه المناطق التي تسيطر عليها الحكومة منذ بدء العمليات العسكرية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة، التي قالت إنه لا يمكنها استيعاب أكثر من 55 ألف شخص.

الحياة ما بعد "دولة الخلافة"
وعادت الحياة بشكل تدريجي إلى عشرات القرى التي استعادت القوات العراقية السيطرة عليها وباتت خالية من سلطة "دولة الخلافة". واحتفل عشرات المسيحيين بقداس الأحد في كاتدرائية مدينة قرقوش، للمرة الاولى بعد اكثر من سنتين من احتلال تنظيم الدولة الاسلامية لهذه المدينة، الاكبر بين البلدات المسيحية في العراق.

وقال مطران السريان الكاثوليك في الموصل وقرقوش بطرس موشي، وهو محاط بأربعة كهنة امام الكاتدرائية التي لا تزال اعمدتها سوداء من آثار الحريق "بعد عامين وثلاثة اشهر على ترك المدينة اعود اليها لاحتفل بالقداس الالهي في كاتدرائية الحبل بلا دنس التي اراد تنظيم الدولة الاسلامية تدميرها. الا انها كانت دائما في قلبي".

ومعظم المناطق التي انسحب منها التنظيم غير قابلة للعيش فيها، وتحتاج اشهرا لتطهيرها من الالغام واعادة بنائها قبل السماح للسكان بالعودة اليها. وخسر تنظيم الدولة الاسلامية خلال السنة الماضية مساحات واسعة من الاراضي التي احتلها في 2014، والموصل هي اهم معاقله المتبقية، وحذر بعض قادة التحالف من أن المعركة قد تستغرق أشهرا.

وقد تنهي خسارة الموصل التي اعلن ابو بكر البغدادي منها دولة "الخلافة"، التنظيم كقوة كبرى مسيطرة على الأرض في العراق.
وتتجه الانظار بعد الموصل الى الرقة، المعقل الاكبر لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، والتي تعهد التحالف الدولي بمهاجمتها قريبا.