الرباط: وجه النائب عبد اللطيف وهبي عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي، انتقادات حادة لإلياس العماري، الأمين العام للحزب، على خلفية مواقفه الأخيرة التي دعا فيها سكان الحسيمة الى الاحتجاج بسبب وفاة بائع السمك محسن فكري، وكذا رسالته حول المصالحة التاريخية. 

النائب المغربي عبد اللطيف وهبي 

وقال وهبي في حديث شامل تنشره صحيفة " اخبار اليوم" اليوم ( الاثنين) ان واقعة وطبيعة وفاة فكري بتلك الطريقة المشينة " جعلتنا نتساءل حول بعض التصرفات الإدارية تجاه المواطنين؟ "، مضيفاً انه رغم كونه عضوا في الحزب فانه لم يعلم بالبيان الصادر عنه الا عبر الصحف. وقال وهبي :" لقد فوجئت بالبيان وتساءلت حوله، وهل دور الحزب أن يخلق هذه الحالة السياسة المتوترة؟ "، قبل أن يكمل " نعم الحدث كان صادماً ولكن أب الضحية أعطى درساً في الوطنيّة، خاصة وأننا في لحظة زمنية يتعين فيها تتبع تشكيل حكومة سيكون بين يديها مصير المغاربة لمدة خمس سنوات؟ لقد استغربت لهذا البيان ولم أفهمه، مع التأكيد أن هذا الموقف لا ينفي تضامني المطلق مع عائلة المرحوم فكري و "مي" فتيحة و مع كافة المواطنين الذين استشهدوا بسبب سلوكيات إدارية غير مقبولة".

المكتب السياسي لم يناقش بيان الحسيمة 

وزاد وهبي قائلاً:"لم يكن هناك أي اجتماع للمكتب السياسي لمناقشة الموضوع، فقط علمت أن الناطق الرسمي باسم الحزب هو الذي أصدر ذلك الموقف، ولست أدري من طلب منه ذلك، وما أؤكده أن ذلك البيان كان بعيداً عن تداول المكتب السياسي".

وبشأن رأيه في مفاوضات تشكيل الحكومة، قال وهبي انه لاحظ ان البعض يشتغل تحت يافطة الكتلة الديمقراطية وهو التكتل الذي استنفذ دوره، وزاد قائلاً:"القيادات التاريخية للكتلة كان لها تصور متساو للدولة الوطنية الديمقراطية، ولما أجل هذا المشروع تأسست الكتلة، ولم ترتبط الكتلة بتوقعات مرحلية،واحتراماً للتاريخ لا يجب ان تتحول الكتلة الى وسيلة لممارسة الصراع والخلاف حول المناصب الوزارية".
وأضاف وهبي ان حزب الاستقلال المغربي بلغ الآن درجة الإنهاك السياسي، وأصبح معها مستعداً للقبول بأي شيء " فحتى التصالح يتم من خلال الاستوزار، ثم إن الأمين العام للحزب أنهك يميناً ويساراً وانتهى بين أحضان عبد الاله ابن كيران".

كيف يجرؤ اخنوش على طلب استبعاد " الاستقلال"؟ 

وانتقد وهبي ادريس لشكر الامين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي المغربي، وتساءل :"كيف يريد لشكر ان يحصل على رئاسة مجلس النواب ولم يحصل حزبه سوى على 20 مقعداً فقط".

وفي معرض جوابه عن سؤال متعلق باعتراض عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عن مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة المقبلة، قال وهبي :" اذا كان الأمر صحيحاً، فأنا أتساءل كيف يجرؤ أخنوش على طلب استبعاد حزب الاستقلال ؟"، قبل أن يضيف:" حزب الاستقلال يعتبر ان التجمع الوطني للاحرار استولى على موقعه في الحكومة الثانية بعد مغادرته سنة 2013".

وقال وهبي انه يعتقد ان ابن كيران سيواجه مشكلتين مع أخنوش: الأولى هي طبيعة الوزراء الذين سيقترحهم، فالأسماء القديمة أصبحت مستهلكة واستنفذت أغراضها، وإذا تمت إعادتها ستكون حكومة رديئة من نفس المجموعة التي تنتمي الى "الأحرار" والتي عاقبها الشعب المغربي بعدم التصويت عليها في الانتخابات الأخيرة، وان التحالف مع الاتحاد الدستوري مجرد تحايل سياسي للنفخ في الحجم الحالي عددياً، ثانيا هناك القضايا الاقتصادية الكبرى التي، عند اتخاذ القرار ، تختلط فيها السلطة بالثروة، فابن كيران يرفع شعار فصل الثروة عن السلطة ، ويتحالف مع حزب يتكون من رجال أعمال كبار، وستظهر المشاكل عند الحديث عن الضرائب ورفع دعم الغاز، وغيرها مما سيجعل الحكومة مفتوحة على التناقضات، وربما لهذا السبب هرب ابن كيران الى أحزاب الكتلة لتجاوز إشكالات رجال الأعمال".

انزعاج العماري من اخنوش يعكس موقفا ذاتيا 

وحول انزعاج الياس العماري من عزيز أخنوش، قال وهبي ان الانزعاج قد يعكس موقفاً ذاتياً، أما من الناحية المؤسساتية، فإن حزب "الأحرار" حزب مستقل وله الحق في اختيار أمينه العام والطريقة التي انتهجها في ذلك، فأخنوش كان قيادياً في "الأحرار" وجمد عضويته واليوم عاد للحزب، "ونحن من واجبنا أن نحترم قراره وموقعه السياسي الجديد".

وبخصوص رغبة حزبه في خوض معارضة حقيقية داخل البرلمان، قال وهبي "لدينا 70 في المائة من البرلمانيين الجدد ، وسنعمل على تقييم خطاباتنا السابقة، نحتاج الى خطاب عقلاني يملك قوة اقتراحية، لا إلى خطاب ردئ جداً أو آخر قائم على تهديد وحدة الدولة، لقد آن الآوان ان نتعامل بتواضع وعقلانية، وان يكون الفريق البرلماني مستقلاً بذاته، ويسير بشكل ديمقراطي وبعيداً عن بعض التصرفات المرتبطة بالذاتية، فالسياسة تُمارس بالحوار وليس بالعدوانية".

اختلف مع من يدعي ان هناك خطر الانفصال 

وختم وهبي حواره، بالقول أنا لا أفهم أهداف وخلفيات تصريحات العماري حول مايروج بخصوص تهديده الدولة والتلويح بالانفصال لأنه لا توجد توجهات انفصالية في المغرب، في مدينة فاس مثلاً رفعت شعارات أمازيغية، كما رفعت في المغرب كله شعارات تقول لا للفتنة ونعم لوحدة الوطن، وهناك إجماع على ضمان أسس الاستقرار والوحدة الوطنية المقدسة، لذلك أنا أختلف مع من يدعي أن هناك خطر الانفصال.

العماري اخبرنا انه سيدعم المالكي لرئاسة مجلس النواب 

وأضاف وهبي ان العماري أخبر المكتب السياسي انه سيدعم الحبيب المالكي القيادي في الاتحاد الاشتراكي لرئاسة مجلس النواب، وهو الأمر الذي لم يناقشه أعضاء المكتب باعتباره امر يهم حزباً اخر، وزاد قائلا:"أنا شخصياً عبرت عن تحفظي لكون الحكومة تحتاج الى رئاسة مجلس النواب لإدارة السياسة العامة عبر القوانين والمصادقة على الميزانية، ولايمكن تصور وجود رئيس حكومة من الأغلبية ورئيس مجلس نواب من المعارضة، لقد اقترحت ان نحترم قواعد الديمقراطية، ونترك الموضوع لرئيس الحكومة ليشمل أغلبيته، وأن تختار الأغلبية بشكل طبيعي مرشحها لرئاسة مجلس النواب".

وأضاف وهبي أن الاتحاد الاشتراكي حل في الرتبة السادسة في الانتخابات الأخيرة، وبالكاد تمكن من تشكيل فريق برلماني، فكيف يقفز على خمسة أحزاب أفضل منه من حيث النتائج،هذا ان كان فعلاً يحترم الإرادة الشعبية المعبر عنها في الانتخابات، وزاد وهبي قائلاً:"لقد حصلت لي مناقشة حادة مع الأمين العام حول هذا الموضوع، وكان رأيي أنه لا يمكن ان نفرض على الأغلبية الحكومية رئيساً لمجلس النوّاب،لأن هذا المنصب مكمل للسلطة التنفيذية في ظل مبدأ تعاون السلط وتكاملها".

كان علينا ان نرد على اتهامات تلقي حزبنا تمويلات

وحول ماراج من دعم السلطة لحزبه، قال وهبي ان حزبه حتى الآن لم يقم بأي تقييم للانتخابات، وانه فوجئ بتلقي دعوة لعقد اجتماع المجلس الوطني للحزب، لا يتضمن اي نقطة تتعلق بتقييم الانتخابات، مسجلاً انه ارتكبت أخطاء كثيرة كتبت عنها الصحف لها علاقة بدور السُلطة. وأردف قائلا :"قيل ان حزبنا تلقى تمويلات من رجال أعمال، وكان علينا أن نرد على هذه الاتهامات بل كان علينا أن نفكر في تقديم استقالتنا كمكتب سياسي، لأننا فقدنا المشروعية السياسية والتنظيمية، لأننا لم نحقق هدف الفوز بالرتبة الأولى، فالحزب أصبح يحتاج الى نفس جديد ومسلمات جديدة واخلاق مختلفة".