«إيلاف المغرب» من الرباط: ينتظر أن ينعكس احتضان مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، الذي انطلقت فعالياته اليوم الاثنين، وتتواصل إلى غاية 18 من الشهر الجاري، على مدينة مراكش، بشكل إيجابي، سواء خلال هذه الأيام أو مستقبلاً، من جهة أن هذه التظاهرة العالمية، التي يرتقب أن يشارك فيه نحو 30 ألف مشارك، من نحو 196 دولة، يتقدمهم قادة وزعماء أغلب دول العالم، والمئات من ممثلي وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية والملاحظين الدوليين، مع ما يرافق ذلك من متابعة إعلامية وتركيز للأَضواء على المدينة المغربية، فضلاً عن حجم الانتظارات من قمة يتعلق موضوعها بمستقبل البشرية والكون.

ويعول المراكشيون على أن تنتعش المدينة، خاصة على مستوى قطاعات السياحة والنقل والخدمات، وأن تتقوى البنية التحتية للمدينة، فضلاً عن زيادة شهرتها عبر العالم، بشكل يزيد من جاذبيتها ويؤكد سمعتها، ويرفع، بالتالي، من أعداد زوارها. لذلك يتوقف زائر الموقع الإلكتروني الخاص بمؤتمر المناخ، عند فقرات تقديمية للمدينة، بينها فقرة، تحمل عنوان "الوصول إلى كوب 22 .. حجز فندق"، جاء فيها: "تعتبر مراكش المركز السياحي الأول في المغرب، وتتوفر على بنية تحتية فندقية هامة، حيث تحتوي على أزيد من 1400 وحدة للإيواء، بما فيها أكثر من 170 فندقا مصنفاً. وتستجيب المدينة الحمراء لجميع المتطلبات وتتماشى مع مختلف الميزانيات، بفضل فنادقها الصغيرة الجميلة والرياضات والفنادق الكبيرة".

ساحة جامع الفنا في مراكش، هذه الأيام

 

حدث مهم بقيمة مضافة

وعن القيمة المضافة التي يمثلها حدث عالمي مهم من قيمة (كوب 22)، على المغرب، بشكل عام، والقطاع السياحي في مراكش، بشكل خاص، قال منتصر بولال، نائب رئيس المجلس الجهوي للسياحة في مراكش، في حديث مع (إيلاف المغرب)، إن "الإضافة الأولى تتمثل في الصورة والسمعة التي ستطبع اسم مراكش، لمدة طويلة، مع ما يمثله هذا الحدث العالمي، وذلك بالنظر إلى استمرار تناول قضايا المناخ. فضلاً عن التوقيت المتزامن مع عدد من المشاريع التي انخرط فيها المغرب، خاصة على مستوى الطاقات المتجددة، وعلى رأسها مشروع "نور"؛ وثالثاً على المستوى السياحي في المدينة، حيث إن شهر نوفمبر عادة ما يكون شهراً متوسطاً على مستوى المردودية، لذلك سيعطي المؤتمر دفعة قوية للقطاع السياحي في المدينة، خاصة حين نسمع أن جميع الفنادق مملوءة عن آخرها، وأن المشاريع المرافقة، المتعلقة بالسياحة، من مطاعم وملاعب غولف، مثلاً، كلها معنية بهذا الزخم. وهذا يعني أننا بصدد دفعة مهمة للسياحة في المدينة، ولذلك نتمنى، في المستقبل، أن يكون لدينا، في مراكش، كل سنة، أربعة أو خمسة أحداث من قيمة قمة المناخ، بما توفره من قيمة مضافة للقطاع السياحي".

وعن حالة القطاع السياحي في مراكش، قال بولال إن "معدل الملء، لسنة 2015، قارب 50 في المائة، وهي نسبة غير مهمة ودون الانتظارات، مع الإشارة إلى أن هذه السنة لم تكن سهلة على القطاع، بالنسبة إلى دول شمال أفريقيا، وذلك بعد الأحداث التي هزت عدداً من بلدان أوروبا، بشكل خاص. كما أن سنة 2016 لم تكن سهلة، هي الأخرى، غير أن معدل ملء الفنادق يتجاوز 52 في المائة، وهذا مؤشر إيجابي مع أن طموحنا أن نتجاوز 65 في المائة، ما دام أن هذه النسبة التي نطمح إلى بلوغها هي التي تجعل المردودية الاقتصادية للفنادق والمطاعم والنقل، وكل ما هو مرتبط بالسياحة، إيجابية، حيث تمكن من جلب الاستثمارات".

 السياحة متعة عند زيارة مآثر مراكش

 

مراكش .. السياحية

تشكل مراكش مركز الثقل في جهة مراكش - أسفي، حيث يناهز عدد سكانها 929 ألف نسمة، حسب إحصاء 2014. وفي ما يتعلق بالقطاعات الرائدة، تتميز مراكش، خصوصاً، بقطاعات السياحة والزراعة والصناعة. فعلى المستوى السياحي، تمثل الوجهة السياحية الأولى في المملكة، كما تصنف بين أفضل الوجهات العالمية، وهي تتوفر على ما يفوق 70 ألف سرير، وهو ما يمثل ثلث الطاقة الإيوائية للمغرب. كما تتوفر على نحو 180 فندقاً مصنفاً، وأزيد من 100 فندق غير مصنف، فضلاً عن نحو ألف دار ضيافة، وعدد آخر من القرى والإقامات السياحية، مع ما يرافق ذلك من مراكز وقصور للمؤتمرات، كما تحتضن، على مدى العام، أزيد من 40 موعداً ثقافياً، لعل أهمها المهرجان الدولي للفيلم.

أما في ما يخص الزراعة، فيتوقع أن يناهز رقم معاملات هذا القطاع 41 مليون درهم في غضون 2020. فيما يبلغ عدد المنشآت الصناعية نحو 390 وحدة، وتبقى الصناعة التقليدية أبرز ما يميز مراكش، برقم معاملات، على مستوى الصادرات، يناهز 370 مليون درهم، تشمل منتجات الحديد المطاوع والفخار والمنتجات الخشبية والجلدية.

ويشكل القطاع السياحي مركز الثقل في دينامية وتنمية المدينة. وكان استطلاع للرأي أنجزه "مركز التنمية لجهة تانسيفت"، استهدف استكشاف آراء سكان مراكش وتصوراتهم حول التنمية وجودة العيش في المدينة، كما شمل توقعاتهم لمدينتهم عام 2020، أظهر أن أهل المدينة الحمراء يعتقدون أن التنمية في مدينتهم لا يمكن أن تستمر من دون سياحة.

تتميز مراكش بعدد كبير من المآثر التاريخية والمعالم الحضارية

 

تسويق مراكش

تتميز مراكش بعدد كبير من المآثر التاريخية والمعالم الحضارية التي تشهد على الأسر التي توالت على حكم المغرب. وتبقى حدائق وأسوار وأبواب وقصور وساحات وأسواق وصوامع ومدارس المدينة التاريخية أبرز علامات قوة مراكش، فضلاً عن نهارها الدافئ وليلها الساحر، علاوة على تراثها اللا مادي وما يتميز به أهلها من بهجة وروح نكتة.

ولا يمكن لزائر مراكش أن يتمتع بسحر وتميز هذه المدينة، التي تأسست في 1062 للميلاد، على يد مؤسسي دولة المرابطين (1056 _ 1147)، دون زيارة ساحة جامع الفنا والتسوق من أسواق المدينة القديمة، خاصة سوق السمارين، وقضاء ساعات من متعة الاكتشاف والدهشة في قصر البديع وقصر الباهية، أو مدرسة بن يوسف والقبة المرابطية وقبور السعديين، فضلاً عن حدائق المنارة وأكدال ومولاي عبد السلام وماجويل والحديقة السرية.

ويراهن الغيورون على مراكش، من جهة قيمة ماضيها ومميزات هويتها، على أن ينتصر المسؤولون، محلياً ووطنياً، لعناوين القوة التي أعطت لعاصمة المرابطين إشعاعها وتميزها العالميين، فيحافظوا عليها ضد كل النوايا التي تسعى إلى تحويلها إلى تجمع لمربعات الأسمنت، بلا سحر أو طعم. ويرون أن المدينة ستفقد سمعتها وقيمتها إذا راهنت على التطور والتوسع دون تخطيط يراعي هوية المدينة، ويقولون: "مراكش نافست باريس ولندن وإسطنبول وبرشلونة، وغيرها من الوجهات السياحية العالمية، بتميز ماضيها، الذي تجسد في ساحاتها وصوامعها وجوامعها ومآثرها وقصورها ومتاحفها وحدائقها التاريخية. لن تستطيع مراكش أن تنافس مدناً من هذه القيمة والحجم بالمراهنة على الإسمنت. ستتحول عندها إلى مدينة عادية بلا رائحة أو طعم". لذلك، رأوا في اعتماد اللجنة المشرفة على تنظيم (كوب 22) على هوية بصرية رسمية لدورة مراكش، متضمنة قبة "المنارة"، نوعاً من إعادة الاعتبار لــ"حدائق المنارة"، بشكل خاص، وتاريخ وتراث المدينة، بشكل عام.

وكان بيان لرئاسة اللجنة، قد ذكر، عند الكشف عن الهوية البصرية لهذا الحدث الدولي، أن اختيار هذه الهوية البصرية قد انبنى على "رمز من رموز حضارة وتاريخ المملكة، وبالتحديد تلك الخاصة بمدينة مراكش"، مجسداً في "المنارة"، التي "اختيرت لتشكل قلب هذه الهوية البصرية، حتى تتوسط رمز الأصالة المغربية المتمثلة في الزليج في شكل دائري يحيل على الشمس". وشدد البيان على أنه قد "تم تصميم الهوية البصرية بطريقة تجعل المغاربة يجدون أنفسهم فيها"، فضلاً عن أنها تمثل "منظومة هيدروليكية يعود تاريخ إنشائها إلى أكثر من 700 سنة"، وأنها "شاهدة على درجة تطور الإبداع المغربي". كما سجل البلاغ أن هذه الهوية البصرية تشكل وجه هذا الحدث العالمي في مراكش.

تشكل السياحة مركز الثقل في دينامية وتنمية المدينة