واشنطن: وعدت المرشحة الديموقراطية الى البيت الابيض هيلاري كلينتون الاثنين عشية الانتخابات بلم شمل البلاد، اذا ما اصبحت رئيسة، بينما تعهد منافسها الجمهوري دونالد ترامب بالقضاء على الفساد السياسي، وذلك في ختام حملة احدثت شرخًا في الداخل واثارت استغرابًا في الخارج بسبب حدتها وتجاوزاتها.

وعشية الانتخابات، اظهرت استطلاعات الرأي أن المنافسة على اشدها بين كلينتون الطامحة لدخول التاريخ من بوابته العريضة اذا ما فازت، اذ انها ستصبح أول امرأة تتبوأ سدة الرئاسة في الولايات المتحدة، وترامب، الملياردير الشعبوي الذي يهدد فوزه بالرئاسة بحدوث زلزال سياسي داخل البلاد وفي العالم بأسره.

ولكن اذا كانت آخر استطلاعات الرأي تعطي كلينتون تقدمًا على منافسها بنسب تتراوح بين 3 و4% في الاصوات، فإن الخريطة الانتخابية تميل بوضوح لمصلحة المرشحة الديموقراطية.

والاثنين، قالت كلينتون في مهرجان انتخابي في ميتشيغن، هو الثاني لها في هذا النهار الطويل، "اريد أن اكون رئيسة لجميع الاميركيين، ديموقراطيين وجمهوريين ومستقلين"، مشددة على وجوب "ان نضع البلاد امام الحزب عندما يتعلق الامر بهذه الانتخابات"، في اشارة على ما يبدو الى استعدادها للتعاون مع الجمهوريين اذا ما فازت.

بين الانقسام والوحدة

وواصلت المرشحة الديموقراطية هجومها على منافسها الجمهوري، معتبره اياه "خطرًا عامًا" غير قادر على إدارة البلاد. وقالت: "الخيار واضح وضوح الشمس. انه الخيار بين الانقسام والوحدة في بلدنا".

واضافت: "المهمة امامي هي لم شمل البلاد" متهمة منافسها الجمهوري بأنه "عمق" عبر خطابه "الانقسامات" في صفوف الاميركيين.

أما الاميركيون الذين أعرب 82% منهم عن سأمهم من هذه الانتخابات، فهم ينتظرون بفارغ الصبر نهاية هذه الحملة الطويلة بين مرشحين غير شعبيين على الاطلاق (50% لا يحبون كلينتون و62% لا يحبون ترامب)، والتي شهدت الكثير من الشتائم والفضائح والبذاءة.

وفي آخر يوم من الحملة الانتخابية، تشارك كلينتون (69 عامًا) في اربعة مهرجانات انتخابية. وستحضر الفنانة ليدي غاغا المهرجان الاخير المرتقب قرابة منتصف الليل، بينما سيحضر المهرجان ما قبل الاخير المغنيان بروس سبرينغستين وجون بون جوفي اضافة الى زوج المرشحة الديموقراطية الرئيس الاسبق بيل كلينتون وابنتهما تشيلسي فضلاً عن الرئيس باراك اوباما وزوجته ميشيل.

سنجفف المستنقع

اما ترامب (70 عامًا) فيشارك الاثنين في خمسة مهرجانات انتخابية كل منها في ولاية مختلفة. وبدأ رجل الاعمال الثري نهاره الطويل في فلوريدا قبل ان ينتقل الى كارولاينا الشمالية ثم الى بنسلفانيا فنيوهامشر وميشيغن حيث سيقيم آخر تجمع انتخابي له وذلك قرابة الساعة 23,00.

وفي اول خطاب له الاثنين، قال ترامب خلال تجمع في ساراسوتا بولاية فلوريدا إن "عقدي مع الناخب الاميركي يبدأ بخطة لوضع حد لفساد الحكومة وانتزاع بلادنا، وبسرعة، من مجموعات الضغط هذه التي اعرفها جيدًا"، مؤكدًا أن منافسته هيلاري كلينتون "يحميها نظام فاسد تمامًا".

واضاف امام انصاره "اريد ان تسمع كل المؤسسة السياسية في واشنطن الكلمات التي سنقولها جميعاً حين نفوز غدًا: سنجفف المستنقع". وكرر انصاره من بعده "سنجفف المستنقع".

وتابع ترامب في اشارة الى كلينتون "لا افهم لماذا لا يأتي احد الى تجمعاتها"، مجدداً هجومه الشخصي عليها.

كذلك، اتهم المغنيين جاي زي وبيونسي، اللذين دعما حملة كلينتون مساء الجمعة في اوهايو عبر حفل موسيقي ضخم، باستخدام تعابير "نابية". وقال: "ألا ترون أنه من غير المعقول أن يستخدم جاي زي وبيونسي عبارات نابية في الاغنية، كلمات اذا تفوهت بها يومًا ستكلفني (الجلوس) على الكرسي الكهربائي؟".

واظهر اخر استطلاع للرأي اجراه معهد كوينيبياك الاثنين أن المرشحين المتنافسين متعادلان في كارولاينا الشمالية وفلوريدا، حيث أن هذه الولاية الاخيرة يمكن ان تقرر وحدها نتيجة الانتخابات الرئاسية اذا خسرها ترامب.

270 صوتًا للفوز

كما توقع العديد من وسائل الاعلام الاميركية فوز كلينتون باصوات كبار الناخبين. وبحسب توقعات شبكة "ان بي سي" فإن كلينتون ستحصل على 274 من اصوات كبار الناخبين مقارنة مع 170 صوتًا لترامب، مشيرة الى ان الولايات التي تملك اصوات كبار الناخبين الـ94 المتبقية تظهر نتيجة متقاربة بين المرشحين. واذا صحت هذه التوقعات تكون كلينتون جمعت ال270 صوتًا الضرورية للفوز.&

وارتفعت اسهم كلينتون في السباق الرئاسي مع زوال مخاطر ملاحقتها في قضية بريدها الإلكتروني، إذ أعلن مدير اف بي آي جيمس كومي الأحد التمسك بقراره السابق الصادر في يوليو، والقاضي بعدم وجود مبررات لمقاضاة وزيرة الخارجية السابقة على استخدامها خادمًا خاصًا لبريدها الإلكتروني حين كانت على رأس الوزارة.

وكان كومي فجر قنبلة حقيقية في الحملة الانتخابية عندما أبلغ الكونغرس في 28 اكتوبر بتطور جديد في القضية مع العثور على آلاف الرسائل الإلكترونية الجديدة المتعلقة بكلينتون يتحتم التحقيق فيها، وقد تعرض لانتقادات حادة على هذا الإعلان قبل أيام من 8 نوفمبر.&

وأشاع الإعلان عن إغلاق المسألة مجددًا ارتياحًا في فريق حملة كلينتون، ولو أنه جاء متأخرًا، قبل يومين فقط من الانتخابات.

وانعكس هذا الارتياح على بورصة وول ستريت التي اغلقت على ارتفاع كبير، اذ سجل مؤشر داو جونز ارتفاعًا بلغ 2,08% في حين ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 2,37%.

من جهته، حض الرئيس باراك اوباما الاميركيين على ان ينتخبوا كلينتون رئيسة لبلادهم. وقال في تجمع انتخابي في ان آربر في ولاية ميشيغن هو الاول بين ثلاثة تجمعات يعقدها مع كلينتون عشية التصويت "اطلب منكم ان تفعلوا من اجل كلينتون ما فعلتم من اجلي".&

واضاف اوباما: "امامكم فرصة لرفض السياسة الفظة الداعية الى التقسيم، والتي ستعيدنا الى الخلف .. وهذه الفرصة هي انتخاب اول امرأة رئيسة"، لافتًا الى انه "غدًا عليكم الاختيار بين سياسة الانقسام والسخط (...) وسياسة تقول لنا +اننا اقوى معًا+".

غضب واستياء

وبالنسبة لكلينتون كانت المعركة أصعب مما كان متوقعًا في مواجهة ترامب، الشعبوي الذي لا يتمتع بأي خبرة سياسية غير أنه يحظى بدعم شعبي لا يتراجع، وهو يقدم نفسه على انه دخيل على السياسة ومعارض لمؤسسة السلطة.

واستغل ترامب مشاعر الغضب والخيبة التي تحرك شريحة من الأميركيين في مواجهة العولمة والتغيّرات الديموغرافية. ووعد بحلول بسيطة لجميع المشكلات المعقدة. لم يتردد في التفوه بأكاذيب وإهانة النساء والمكسيكيين والسود والمسلمين، وهاجم منافسته من دون توقف، ونعتها بأبشع النعوت.

ولا يكترث أنصار ترامب إن كان بطلهم الملياردير تجنب دفع ضرائب فدرالية على ما يبدو طيلة سنوات، أو تحرش بنساء. فهم ظلوا أوفياء لقطب العقارات الذي اشتهر بثروته وبتقديمه برنامجًا ناجحًا من تلفزيون الواقع عنوانه "ذي آبرينتيس".

وفي طريقه الى البيت الأبيض، كاد ترامب يفكك الحزب الجمهوري، الذي شهد انقسامات عميقة. فرفضه العديد من قادة الحزب وشخصياته الكبرى، فيما يعتزم البعض التصويت له إنما على مضض، لا سيما أن مواقف المرشح ليست دائمًا مطابقة لخط الحزب، ومن ابرزها موقفه المعارض للتبادل الحر.