بيروت: اتسمت ردود الفعل الواردة حتى الآن من دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا على فوز دونالد ترامب بالرئاسة الاميركية، بالحذر واكتفت بدعوته الى حل الملفات الساخنة العديدة التي لم تتطرق اليها الحملة الانتخابية الاميركية الا بايجاز. 

وسارع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى تهنئة الرئيس الاميركي المنتخب، معتبرا انه "صديق حقيقي لدولة اسرائيل".

وقال نتنياهو الذي اتسمت علاقته مع الرئيس باراك اوباما في مراحل عديدة بالفتور لا سيما على خلفية مضي اسرائيل بمشروع الاستيطان في الاراضي الفلسطينية، "سنواصل أنا والرئيس المنتخب ترامب تعزيز التحالف الفريد من نوعه القائم بين إسرائيل والولايات المتحدة وسنقوده إلى قمم جديدة".

وقال وزير التعليم الاسرائيلي نفتالي بينيت الذي يتزعم حزب "البيت اليهودي" المتشدد من جهته ان "فوز ترامب يشكل فرصة لاسرائيل للتخلي فورا عن فكرة اقامة دولة فلسطينية". واضاف "هذا هو موقف الرئيس المنتخب (...) انتهى عهد الدولة الفلسطينية". 

في المقابل، بدا الموقف الفلسطيني حذرا جدا.

واكتفى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتهنئة الرئيس الاميركي، و"أعرب عن أمله في ان يتحقق السلام في عهده"، حسب بيان وزعه مكتبه.

وقال المتحدث باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة لوكالة فرانس برس "نحن جاهزون للتعامل مع الرئيس الاميركي المنتخب على قاعدة الالتزام بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين على حدود 1967".

وأكدت حركة حماس من جهتها أن "الشعب الفلسطيني لا يعول كثيرا" بعد فوز ترامب على اي تغيير في السياسة الاميركية التي قال انها "منحازة" ضد الفلسطينيين.

وكان ترامب التقى نتنياهو في نيويورك في سبتمبر، ودافع عن فكرة الاعتراف بالقدس عاصمة "موحدة" لاسرائيل، ما يشكل تناقضا مع السياسة الاميركية التقليدية.

وبعث العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز ببرقية تهنئة الى ترامب، متمنيا له ان يوفق في تحقيق "الامن والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط والعالم".

واشاد الملك السعودي في برقيته، بحسب ما ذكرت وكالة الانباء السعودية الرسمية، بـ"العلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين الشقيقين التي يتطلع الجميع الى تطويرها وتعزيزها في المجالات كافة لما فيه خير ومصلحة البلدين".

واتسمت العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية خلال السنوات الاخيرة بالتوتر، لا سيما منذ توقيع الاتفاق النووي الايراني الذي كانت الرياض تعارضه.

أما في طهران، فسارع الرئيس الايراني حسن روحاني الى التأكيد ان ترامب "لا يمكنه الغاء" الاتفاق النووي الموقع بين الدول الكبرى وطهران.

وصرح روحاني امام حكومته ان "الاتفاق لم يبرم مع دولة واحدة او حكومة واحدة بل تمت المصادقة عليه بموجب قرار صادر عن مجلس الامن الدولي، ومن غير الممكن ان تغيره حكومة واحدة"، بحسب ما نقل التلفزيون الرسمي. 

وادى الاتفاق الذي يسمح لايران بمتابعة برنامجها النووي "لاغراض سلمية" مع خفضه، الى رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها.

وخلال حملته الانتخابية، وصف ترامب الاتفاق بانه "كارثي". وقال ان الغاءه "سيكون اولويتي الاولى".

في القاهرة، أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالا هاتفيا بترامب ووجه له دعوة لزيارة مصر، بحسب ما اعلنت الرئاسة المصرية.

وقال البيان الصادر عن الرئاسة ان ترامب "أعرب عن خالص تقديره لاتصال السيد الرئيس، مشيرا إلى أنه أول اتصال دولي يتلقاه للتهنئة بفوزه".

كما جاء في بيان آخر ان السيسي أعرب عن امله في "بث روح جديدة" في العلاقات المصرية الاميركية التي اتسمت بالفتور منذ اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي عام 2013.

وكان السيسي الذي انتقدته إدارة اوباما خصوصا بسبب انتهاكات حقوق الانسان، قال في سبتمبر الماضي في مقابلة مع "سي ان ان" ان ترامب سيكون قائدا قويا "من دون شك".

في عمان، عبر الملك عبد الله الثاني في برقية تهنئة الى ترامب عن "تطلعه للعمل مع الرئيس المنتخب لتعزيز التعاون بين البلدين، ومواجهة مختلف التحديات، استنادا الى العلاقات الاستراتيجية والرؤى المشتركة التي تجمع الأردن والولايات المتحدة الأميركية".

في تونس، وجه الرئيس الباجي قائد السبسي رسالة تهنئة الى الرئيس الاميركي الجديد قال فيها "إنني علي يقين بأن شراكتنا الاستراتيجية وعلاقات الصداقة والتعاون العريقة والقوية التي تربط بين بلدينا منذ أكثر من مئتي سنة ستزداد متانة ورسوخا بفضل دعمكم ومساندتكم للتجربة التونسية الرائدة على درب ترسيخ الديمقراطية وتثبيت مقومات الدولة الحديثة". 

وشدد على التزام بلاده بدعم "الجهود الرامية إلى محاربة مختلف مظاهر التطرف والإرهاب".

وهنأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الموجود في فرنسا لإجراء فحوص طبية، ترامب، وقال في برقية "إن انتخابكم الباهر هذا فرصة أغتنمها لأتوجه إليكم (...) بأحر التهاني مشفوعة بخالص تمنياتي لكم بالتوفيق في مهمتكم النبيلة في خدمة بلدكم الكبير".

الحرب على داعش 

ولا شك ان الملف الابرز الذي سيكون على ترامب مواجهته في المنطقة هو مواصلة الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية التي تشهد حاليا تطورات متسارعة مع حملتين عسكريتين ضد الموصل والرقة، ابرز معقلين للجهاديين في العراق وسوريا، مدعومتين من التحالف الدولي بقيادة أميركية.

وهنأ مسؤولون عراقيون الاربعاء ترامب، مشددين على استمرار التعاون في إطار "مواجهة الارهاب".

وأصدرت رئاسة الوزراء العراقية بيانا رسميا أشارت فيه إلى أن حيدر العبادي هنأ ترامب، معربا عن تطلعاته إلى "استمرار العالم والولايات المتحدة في الوقوف مع العراق في مواجهة الارهاب".

وسبق لترامب أن أدلى بتصريحات اقترح فيها أساليب للتعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية، منها قتل عائلات الجهاديين واستخدام تقنيات تعذيب قاسية كالإيهام بالغرق. وصرح ترامب سابقا أنه كان يجب على الولايات المتحدة سرقة النفط العراقي كثمن لحربها التي استمرت تسع سنوات في هذا البلد، بعد إطاحة صدام حسين عام 2003.

ولم يصدر بعد اي موقف رسمي عن الحكومة السورية التي تهاجم باستمرار الادارة الاميركية وتحملها مسؤولية دعم المجموعات المسلحة التي تقاتل ضد النظام السوري منذ 2011.

الا ان وضاح عبد ربه، رئيس تحرير جريدة "الوطن" السورية القريبة من السلطات، قال لوكالة فرانس برس "توقعنا ان تفوز كلينتون وتفاجأنا بانتصار ترامب، لكنها مفاجأة سارة".

واضاف "حان الوقت لان تتغير سياسة الولايات المتحدة والا تبقى رهينة الرغبات الكارثية لدول الخليج التي لم تفعل شيئا الا تدمير بلدان عدة في المنطقة بمساعدة الولايات المتحدة".