إيلاف من لندن: منذ اعلن الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب ترشيحه للرئاسة وُصف بأنه مستجد على السياسة، وتعرض لانتقادات لاذعة بسبب عدم خبرته في السياسة الخارجية، وخاصة بالمقارنة مع منافسته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

ولكن هذه الحجة ليست قوية كما كانت تبدو وقت سوقها. فالخبرة من النوع الخطأ قد تكون اسوأ من انعدام الخبرة. ولنأخذ سجل كلينتون مثالا على ذلك.

ذلك ان إعادة بناء العلاقة مع روسيا بقيادتها فتحت شهية الرئيس فلاديمير بوتين للعدوان الى حد ضم شبه جزيرة القرم وتهديد دول البلطيق واقامة محور معاد للولايات المتحدة مع طهران.

كما كانت كلينتون تتباهى بمساهمتها في توقيع الاتفاق النووي مع ايران الذي يصفه مراقبون بأنه أكبر عملية احتيال دبلوماسي في العصر الحديث. وزارت كلينتون بورما حيث أشرفت على عملية انتقال وهمية الى الديمقراطية لم تفعل سوى إحكام قبضة الجيش على السلطة بواجهة مدنية.

ترامب صريح

ويلاحظ الكاتب أمير طاهري أن طريقة إدارة اوباما في التعامل مع الربيع العربي ونتائجه والوضع المفجع في سوريا، تنضح فشلا من كل جانب، وان كلينتون كانت إما مشاركة أو متواطئة بصمت في ذلك كله.

اما ترامب فانه أعلن من البداية انه يريد ان يلغي تركة اوباما في السياسة الخارجية. وقال إنه لن يطوف العالم معتذرا لمن هب ودب عن خطايا اميركا المفترضة. كما انه لن يجامل اعداء اميركا الاسلاميين كما فعل اوباما في خطاباته غير الصادقة في اسطنبول والقاهرة.

ولعل ترامب بسبب عدم خبرته الدبلوماسية يطرح اهدافه بلا لف ودوران بعكس اوباما. 

وفي حين ان اوباما صرح بان هدفه هو احتواء تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" ثم تقويضه كان ترامب يؤكد انه يريد تدمير داعش وسحقه. ويقول اوباما انه يريد اقناع ايران أو بالاحرى رشوتها للتخفيف من غلوائها بينما يرى ترامب ان هذا سراب واعلن "اننا سنفكك شبكة ايران الارهابية العالمية بالكامل".

وعلى امتداد سبع سنوات دأب اوباما على القول انه يعمل مع "الشركاء" الصينيين لاقناع كوريا الشمالية بالحد من طموحاتها النووية دون جدوى. 

في سوريا انفق اوباما موارد ضخمة على تدريب وتسليح فصائل مختلفة في المعارضة السورية بعضها يمكن ان ينتهي به المطاف معادياً للولايات المتحدة على غرار المجاهدين الافغان في الثمانينات. ورفض اوباما اقامة ملاذات آمنة لحماية المدنيين السوريين من آلة القتل التي يستخدمها نظام بشار الأسد ضدهم.

الملاذات الآمنة

ترامب من جهته كان يقول انه سيبدأ بدراسة الوضع معترفاً بأنه لا يعرف "من هم حلفاؤنا ومن هم اعداؤنا". كما اعرب عن دعمه لفكرة الملاذات الآمنة بهدف تمكين النازحين السوريين من البقاء داخل بلدهم بدلا من المخاطرة بحياتهم للوصول الى اوروبا. 

اوباما يفضل دعم حلف الأطلسي بالاقوال فيما دعا ترامب الى مراجعة جذرية لدور الحلف وموقعه في الوضع الدولي الجديد. كما طالب الرئيس المنتخب في حينه بتحمل الدول الأخرى الأعضاء في الحلف قسطها من المسؤولية والأعباء المالية لا سيما تخصيص 2 في المئة من اجمالي ناتجها المحلي للدفاع. 

واقترح ترامب خلال حملته الانتخابية اجراء مراجعة شاملة للالتزامات التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بالدفاع عن 66 دولة في انحاء العالم.

وفي كثير من الحالات ليست هناك حاجة الى مثل هذه التدخلات الاميركية وفي حالات اخرى من الجائز ان يتسبب التدخل الاميركي في مزيد من التأزم.

ويتفق غالبية المعلقين على ان اوباما الحق ضررا بالغا بالعلاقات مع العديد من الحلفاء، لا سيما في الشرق الأوسط.

ورغم تصوير ترامب على انه متشدد أهوج فانه اشار خلال الحملة الانتخابية الى دعمه لتطبيع العلاقات مع كوبا شريطة ان يرخي النظام قبضته على خناق الشعب الكوبي. كما أوضح ترامب ان قرارات دول حليفة مثل اليابان وكوريا الجنوبية بشأن عقيدتها الدفاعية تتخذها حكومات هذه الدول وليس واشنطن. وكان ترامب يصر على انه في حال نشوء ازمات تطاول اوروبا لا سيما الأزمة الاوكرانية، فانه يريد من الدول الاوروبية الحليفة مثل المانيا ان تأخذ مركز الصدارة بدعم كامل من الولايات المتحدة.

ما يقوله ترامب يكون في أحيان كثيرة أهم من طريقته في قوله. ويُفترض بالعالم ان يحسن الانصات اليه.

أعدت "إيلاف" المادة عن موقع نيوبوست، الرابط الأصل من هنا:

http://nypost.com/2016/06/19/enough-with-the-hysteria-over-trumps-foreign-policy-plans/