إيلاف من برلين: أصبحت عمليات زراعة الكلى ممارسة جراحية طبيعية في العالم، وتجرى في بعض الدول النامية، لكن التبرع بالكلى على المستوى العالمي بقي ضئيلاً ولا يكفي لمساعدة ذوي الكلى المعطوبة. الحل يأتي ربما عبر تحويل خلايا الجلد إلى خلايا كلوية وتنميتها بالتدريج إلى نسيج كلوي، وربما في المستقبل البعيد إلى كلية كاملة.

ويقول العلماء من جامعة فرايبورغ الطبية في ألمانيا ان الخلايا الكلوية، التي تم تغيير وظيفتها جينياً، تبدو شبه نظيراتها الكلوية تماماً، كما أنها تؤدي الوظائف الكلوية على أحسن وجه. وتوفر الخلايا الكلوية المكتسبة في أنابيب الاختبار الفرصة للعلماء لدراسة الكلية على وجه أفضل وفهم ومعالجة الخلل في فسلجتها ووظائفها أيضاً.

هذا يؤهل العلماء أيضاً للتغلب على مشكلة رفض الجسم للكلى التي لا تتطابق مع صفاته الجينية عند زراعة الكلى. لأن اعتلال الكلة وتوقفها عن العمل لا يمنح لإنسان سوى فرصة غسيل الدم بشكل مستمر أو زراعة كلية جديدة. إلا ان الخلايا الجلدية في جامعة فرايبورغ نابعة من جسم نفس الإنسان وتتجاوز مشكلة تقبل الجسم لها.

وكتب الباحث الألماني سورين لينكامب، من جامعة فرايبورغ الطبية، في مجلة"نيتشر سيل بايولوجي" انهم اعتمدوا طريقة"اعادة البرمجة" في تحويل خلايا الجلد إلى خلايا كلوية. وهي طريقة تعتمد اسلوب استبدال جينات مهمة مسؤولة عن الوظيفة بجينات أخرى أنضج وذات وظيفة أخرى. بكلمات أخرى زج الجينات الوظيفية للخلية الكلوية محل الجينات الوظيفية للخلية الجلدية. وسبق للعلم ان نجح في تحويل خلايا جذعية إلى خلايا قلبية أو عصبية باستخدام طريقة إعادة البرمجة.

إعادة البرمجة بمساعدة فيروس

في معرض بحثهم عن طريقة لتحويل الخلايا الجلدية إلى خلايا الكلوية شخص لينكامب وفريق عمله 4 جينات في الخلية الكلوية يمكن من خلال اعادة برمجتها التوصل إلى النتيجة المطلوبة. عملوا بعد ذلك على "تهريب" هذه الجينات الأربعة، بواسطة فيروسات مهندسة وراثياً، إلى خلايل جلدية رابطة معروفة باسم الفيبروبلاست.

تطورت الخلايا الجلدية التي اعيدت عملية برمجتها جينياً في ألانابيب المختبرية إلى خلايا تشبه الخلايا الكلوية تماماً. وكتب العلماء ان الخلايا الكلوية التي اكتسبت لاتماثل الخلايا الكلوية الطبيعية تماماً، لكنها تشبهها في الشكل والوظيفة والتركيب إلى أبعد حد.

وكمثل فهناك العديد من الجينات النشطة في الخلايا الكلوية المختبرية تشبه في عملها جينات الخلية الكلوية الطبيعية. فضلاً عن ذلك تنمو الخلايا الكلوية المختبرية وتنشط كما الطبيعية. والمهم انها تستجيب أيضاً للعقاقير، سلباً وايجابياً، مثل استجابة خلايا الكلية الاعتيادية. وتجعلها هذه الصفات ملائمة تماماً كبديل لعمليات الزرع، وكبديل للأنسجة الحية التي تجرى عليها تجارب الأدوية. وهذا يقلص من عدد التجارب التي تجرى على الحيوانات أيضاً. 

طريق الوصول إلى إنتاج كلية طويل

نال نيلكامب وزملاؤه سلفاً براءة الاختراع نظير استخدام طريقة إعادة البرمجة في تحويل خلايا الجلد إلى خلايا كلوية. ويعتقدون بأن تحسين الطريقة في المستقبل يمهد إلى إمكانية استبدال خلايا الكلية المعطوبة بأخرى بديلة من خلايا الجلد المبرمجة وظيفياً، وربما تكوين كلية كاملة من الخلايا، لكنهم يعرفون ان الطريق طويل.

وكتب الباحثون ان تسريب الجينات من خلية إلى خلية بواسطة الفيروسات المعدلة وراثياً لن يمر دون مضاعفات. وسيعكفون مستقبلاً على دراسة هذه التأثيرات والتخلص منها. كما ان نظام المناعة الجسدي قد يمنع عملية تسريب هذه الفيروسات إلى الخلية الحية، وهذا تحد كبير أمام عملهم المستقبلي.

جدير بالذكر ان فريق عمل لينكامب نجح قبل سنتين في تحويل خلايا جنينية إلى نوعين من الخلايا الكلوية في جسم الإنسان. وسبق لعلماء آخرين ان نجحوا بتحويل خلايا جذعية جنينية إلى خلايا تشبه الخلايا الكلوية باستخدام"عامل نمو" معين. إلا ان الخلايا التي انتجها لينكامب وزملاؤه هي أقرب الجميع للخلايا الكلوية الطبيعية شكلاً ووظيفة، كما انها تتجاوز"الحاجز الأخلاقي" الذي تضعه العديد من بلدان العالم على التجارب على الخلايا الجذعية والجنينية.

وتجرى في ألمانيا 2000 عملية زراعة كلية سنوياً(25 ألفاً في الولايات المتحدة الاميركية)، لكنها لاتشكل شيئاً بالنسبة لعدد المحتاجين. وتشير إحصائية وزراة الصحة الألمانية إلى ان ربع المحتاجين ينالون كلى من متبرعين في السنة، وان قائمة من ينتظر الحصول على كلية تزرع له تحتوى على 10 آلاف اسم.