تقول نساء كرديات إنهن يشاركن في قتال "داعش" قرب الرقة، انتقاما للنساء اللواتي اختطفن من سنجار وتم بيعهن في اسواق المدن من طرف "الجهاديين".


مزرعة خالد: في طريق صحراوية تمتد في ريف الرقة الشمالي، تقود المقاتلة الكردية الشابة كازيوار سيارة رباعية الدفع تابعة لقوات سوريا الديموقراطية، متوجهة الى خطوط القتال الامامية ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

وتقول المقاتلة (23 عاما) التي ترتدي ثيابا رياضية فوق زيها العسكري جراء برودة الطقس الصحراوي لفرانس برس "انضمامنا كوحدات حماية المرأة الكردية الى القتال تأتي انتقاما للنساء اللواتي اختطفن من سنجار وتم بيعهن في اسواق المدن" من تنظيم الدولة الاسلامية.

كازيوار هي واحدة من المقاتلات اللواتي يشاركن بفاعلية في المعركة التي بدأتها قوات سوريا الديموقراطية السبت لطرد الجهاديين من الرقة، معقلهم الأبرز في سوريا بدعم من التحالف الدولي بقيادة اميركية.

وانضمت كازيوار الى صفوف المقاتلات الكرديات قبل خمسة اعوام وشاركت في معارك عدة ضد الجهاديين، وفقدت في احداها "رفيقة السلاح" بهارين جيا التي تحتفظ بصورة لها معلقة على المرآة الداخلية للسيارة.

وتنضوي المئات من المقاتلات الكرديات في المعركة ضد الجهاديين، الذين يتصدون لهجومين متزامنين في ابرز معقلين لهما في سوريا والعراق.&

ومنذ سيطرته على مناطق واسعة في البلدين، فرض التنظيم احكاما قاسية على السكان وطبق عقوبات وحشية غير مسبوقة. وتعاني النساء تحديدا في ظل سيطرة التنظيم، مع فرضه قيودا على لباسهن وتنقلاتهن. كما انه لم يتردد في استعباد المئات منهن جنسيا وبيعهن كسبايا، على غرار ما حصل مع الاقلية الايزيدية في العراق.

وتضيف الشابة ذات الملامح الناعمة "نريد ان نثبت جدارتنا وان نظهر للناس جميعا بان قوات حماية المرأة الكردية تتمتع بالقوة الكافية ونلعب دورا في كل الظروف".

بعد الوصول الى مزرعة خالد، الواقعة على بعد كيلومتر واحد من مواقع الاشتباك بين قوات سوريا الديموقراطية والجهاديين، وأكثر من ثلاثين كيلومترا عن مدينة الرقة، تترجل كازيوار من السيارة. وتصعد الى سطح بناء من طبقة واحدة يقع على تلة مطلة على نهر البليخ والقرى المحيطة به لتنضم الى القيادية في وحدات حماية المرأة الكردية روجدا فلات (38 عاما) التي تشارك في ادارة حملة تحرير الرقة.

نزغرد بعد الانتصار

تبتسم كازيوار حين تتحدث عن مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية الذين "يقولون انهم لا يريدون ان يقتلوا على ايدي النساء لان ذلك بمفهومهم حرام".

وتضيف "عندما يسمعون اصوات المقاتلات يخافون جداً" موضحة اننا "حين نتقدم على خطوط الجبهة الامامية، نزغرد بعد كل انتصار على الارهاب".

واثناء جلوس المقاتلات على سطح المبنى المطل، يسمعن أصوات القذائف وغارات يشنها الطيران الذي يحلق في سماء المنطقة، قبل ان تتصاعد اعمدة الدخان من موقع مقابل.

ومن خلال جهازي لاسلكي في حوزتها، تتولى روجدا اعطاء التعليمات والاوامر للمقاتلين على الجبهة وهي تراقب عن بعد. تتدلى ضفيرتها الطويلة تحت وشاح مزركش تلف راسها به وتزنره حبات الخرز فيما تضع على كتفها شارة حماية وحدات المرأة الكردية.

وفي أسفل المبنى، تتوقف عربات مزودة برشاشات الدوشكا وتأخذ مجموعة من المقاتلين والمقاتلات قسطاً من الراحة بعد العودة من الجبهة.

وتوضح روجدا مع ابتسامة "الجميع كان ينظر الى المرأة بدونية، يقولون انها رقيقة ولا تستطيع ان تحمل سكينا أو مسدسا وهي جبانة، لكن وحدات حماية المرأة اثبتت انه بإمكانها استخدام الدوشكا والهاون وكل الاسلحة الخفيفة وحتى الكشف عن الالغام".

تشير روجدا بيدها الى موقع مواجه نزح اليه سكان من قرية الهيشة الواقعة على بعد اربعين كيلومترا من مدينة الرقة، وتطلب من المقاتلين بإمرتها التوجه الى المكان لاصطحاب النازحين الى مكان آمن لتجنب قذائف الهاون التي تسقط بالقرب منهم.

وتشهد هذه القرية في اليومين الاخيرين حركة نزوح كثيفة مع بدء التحالف الدولي توجيه ضربات على مواقع الجهاديين فيها.

وتوضح روجدا وهي تجلس خلف جدار تناول الطعام مع احد زملائها "نقاتل لكي نخلص اخواتنا وامهاتنا والانتصارات التي نحققها بالنسبة الينا تاريخية".

عندما "يغلي البركان"

على بعد امتار عدة، تحمل شيرين (25 عاما) المتحدرة من مدينة راس العين على الحدود التركية، منظارها وتراقب موقعا يتولى التحالف الدولي قصفه في قرية الهيشة حيث تدور المعارك.

وتقول وهي تغطي راسها بوشاح قرمزي اللون "كإمراة كردية داخل صفوف وحدات حماية المرأة، انا سعيدة جداً لانني منضمة الى هذه الحملة كي نقضي على المرتزقة".

وتضيف ان الجهاديين "يخافون من اصواتنا ولا يتمنون ان يقتلوا على ايدينا".

وقبل مشاركتها في معركة الرقة، شاركت هذه الفتاة الخجولة التي تتحدث بهدوء في معركة طرد الجهاديين من مدينة منبج، التي كانت تعد احد ابرز معاقلهم في محافظة حلب (شمال).

وتقول بانفعال "يريدون ان يستعبدوا المرأة وان يضعوا السواد على وجوههن (...) لكنني عندما ارى الاسود على وجوههن يغلي البركان في داخلي".

وتروي كيف ان النساء يبدون "سعيدات حين يتحررن من سيطرة داعش ويخلعن الاسود" مضيفة "هذا يرفع معنوياتنا كثيرا".