إيلاف من بيروت: في 22 نوفمبر الجاري، كانت الأمور هادئة في العاصمة الأوزبكية طشقند، إلا أن موقع Center-1 الروسي فاجأ الكل برواية تسميم جلنار كريموف، أو غولنارا بلغتها، ابنة الرئيس الأوزبكي الراحل إسلام كريموف.

لم تمت

نسب تقرير الموقع الروسي إلى مصدر في جهاز الأمن الأوزبكي، بقي مجهول الهوية، قوله: "قتلت جلنار في 5 نوفمبر، وحضرت بنفسي دفنها في قبر بلا شاهد في طشقند، أخفوا فيه جثتها، وأهالوا عليه التراب"، معبرًا عن بالغ قلقه على مصير ابنتها إيمان وابنها إسلام، الموجودين في العاصمة، ولا حول لهما ولا قوة.

لم يؤكد أي مصدر مستقل مقتل جلنار كريموف، خصوصًا أن ابنها إسلام أخبر خدمة بي بي سي الأوزبيكية أن هذه مجرد شائعات لا أكثر. وأكد في 23 نوفمبر أن والدته ما زالت على قيد الحياة، في إقامة جبرية، وأن اخته إيمان قد أخلي سبيلها من الاقامة الجبرية، لكنها ما زالت ممنوعة من مغادرة البلاد. ربما يكون ما قاله ردًا على ما نشره Center-1 الروسي الذي وجه سؤالًا عن مصير إيمان، إبنة جلنار، إلى القصر الرئاسي الأوزبيكي، من دون أن يتلقى جوابًا.

إلى ذلك، تقول تقارير صحفية إن حساب جلنار على "تويتر" ما زال ناشطًا، ما يرجح فرضية "الشائعة". وهذا يلتقي مع تقرير نشرته وكالة ريا نوفوستي الروسية، التي دفعت بفرضية الشائعة هذه من خلال معلومات نسبتها إلى مصدر لم تسمّه يؤكد أن جلنار حية ترزق.

أميرة أوزبكستان

في عام 2014، وبينما كان إسلام (المولود في عام 1992)، وهو ابن جلنار من رجل الأعمال الأميركي الأفغاني الأصل منصور مقصودي، يدرس الحقوق وإدارة الأعمال في جامعة أوكسفورد بروكس، قال لصحيفة غارديان إنه قلق جدًا على مصير والدته واخته إيمان، وهي أصغر منه بستة أعوام وموجودة مع والدته في إقامة جبرية في مكان ما في طشقند. وحين توجه في نهاية العام 2013 للقاء والدته، أجبره الحراس على مغادرة المكان، من دون مقابلتها.&

اشتهرت جلنار بلقب "أميرة أوزباكستان" وبطموحها السياسي الكبير، إذ أرادت أن تخلف والدها في رئاسة البلاد. لكن، حين تبين لها أن ذلك لن يحصل، بادرت منذ عام 2013 إلى نشر تغريدات على تويتر تهاجم فيها شخصيات بارزة في بلادها، خصوصًا بعدما بدأ نجمها كفنانة ومغنية بالأفول، على الرغم من وزنها في دنيا الأعمال.

وحين اتهمت روستام إنوياتوف، المسؤول الأمني الأول في أوزباكستان، بمعاداتها والسعي إلى الرئاسة، أتتها الطعنة من أختها لولا التي قالت في مقابلة لـ "بي بي سي" إن جلنار تريد أن تكون رئيسة لأوزبكستان، وأن هذا يقسم العائلة.

رسالة استغاثة

في 26 مارس 2014، كتبت نتاليا أنتالافا في موقع "بي بي سي" الإلكتروني تقول إنها تلقت من جلنار خطابًا مرتبكًا "تملؤه إشارات الضيق والذي وصلني على البريد الإلكتروني، قالت غولنار بضغوط نفسية شديدة، لقد ضُربت حتى أنه لا يمكنك إحصاء الكدمات التي أًصيب بها ذراعاي. وتضمن الخطاب وصفًا مفصلًا للحياة قيد الإقامة الجبرية حيث التهديدات اليومية، والمراقبة المستمرة بالكاميرات ورجال الشرطة. وأُرسل الخطاب عبر الإنترنت من أوزبكستان، إحدى أكثر الدول عزلة وقمعًا، وكان عبارة عن مرفقات برسالة جاءت من شخص لم يذكر اسمه وكان يطلق على نفسه "شخص يحاول إقامة العدالة".

تضيف أنتالافا: "لم يكن الخطاب موقعًا، لكن أسلوب الكتابة المحكم وخط اليد الروسي المتقن يدل أنه لم يكتبه أحد سوى غولنار، التي تردد الحديث طويلًا عن أنها سوف تخلف والدها إسلام كاريموف في رئاسة البلاد. وجاء في الخطاب أيضًا أنه من السذاجة أن يظن المرء أننا في دولة قانون. وبمقارنة الخطاب بعينة مكتوبة بخط يد غولنار، توصلت إلى أن ذلك الخطاب كتبته غولنار بنسبة 75 في المئة. وقالت خبيرة الخطوط المتخصصة في تحليل خط اليد باللغات السيريلية إن العمل بدون أصل مكتوب يمكن أن يحقق نجاحًا بنسبة 100 في المئة في مطابقة خط اليد، لكن في هذه الحالة هناك احتمال كبير أن يكون كاتب النصين هو نفس الشخص".

رشى وفساد

واتُهمت جلنار بالتورط في قضية رشوة لصالح شركة الاتصالات السويدية الفنلندية تلياسونيرا التي دفعت 300 مليون دولار في عام 2008 من أجل دخول سوق الهاتف الجوال في أوزبكستان.

وتعتبر هذه القضية أكبر فضيحة فساد شهدتها السويد في تاريخها، ومع ذلك تنكر الشركة تورطها في أي عمل غير قانوني في أوزبكستان، في حين تصر جلنار على أن رئيس المؤسسة الأمنية في أوزبكستان هو من يقف وراء الحملات التي تواجهها في الوقت الراهن.

حين اتهمت أيضًا بتبييض أرصدة مشكوك بأصولها لشرعنتها، سارع والدها في عام 2010 إلى تعيينها سفيرة لأوزبكستان في إسبانيا. وبشغلها المنصب لعام واحد، حصلت جلنار على حصانة دبلوماسية حمتها من المطاردة الأميركية. لكن حين تأكد والدها من هذه الاتهامات، انقلب عليها في عام 2014، ووضعها تحت الإقامة الجبرية، حيث بقيت حتى شاع خبر تسميمها ودفنها.

لم تحضر جلنار مراسم دفن والدها الذي توفي بسبب ذبحة قلبية في سبتمبر الماضي.&


أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف من مواد إعلامية منشورة على الروابط الآتية:

أ. ك. آ. إكسبرس

بي بي سي عربي

پرپول پيپول

الديپلومات