إيلاف من الرباط:&بحضور رئيس الحكومة المعين، عبد الإله ابن كيران، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، وفي ضيافة حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، احتضن المقر المركزي للحزب بالرباط ، مساء الأربعاء، ندوة سياسية ساخنة، تحت عنوان "استكمال الدولة الديمقراطية، استكمال لمهام التحرير الوطني"، ساهم في تأطيرها كل من محمد اليازغي، الامين العام الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي، وإسماعيل العلوي، الرئيس الشرفي للتقدم والاشتراكية، بالإضافة الى سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، ومحمد السوسي، القيادي في حزب الاستقلال.&

محمد اليازغي

وتطرق محمد اليازغي، للعديد من المحطات المهمة &في التاريخ السياسي للمغرب، والأدوار التي لعبتها الحركة الوطنية وأحزابها ورجالاتها بتعاون مع الملكية من أجل تحقيق العديد من الانجازات، بداية من الاستقلال ووصولا الى تدشين مسار البناء الديمقراطي.

وسجل اليازغي في حديثه بأن توافق الحركة الوطنية مع الملكية "أعطى الشرعية التاريخية والشعبية للمؤسسة الملكية كما منحها الشرعية النضالية"، معتبرا أن هذه العلاقة أسست لمغرب جديد وتم الحصول على الاستقلال وتدشين مرحلة جديدة، مبينًا أن المغرب كان يتجه نحو الملكية البرلمانية "لكن ولي العهد (الحسن الثاني آنذاك)، في ستينيات القرن الماضي، لم تكن له هذه الرؤية، وكان يسعى لبناء دولية مخزنية والتي ما زال النقاش حولها إلى اليوم".

وعرج اليازغي على المسار النضالي الطويل لأحزاب الحركة الوطنية، الذي رأى فيه تهيئة وتمهيداً أساسيًا لما وصل إليه المغرب اليوم، مبرزًا أن رياح الحرية والعدالة لما حلت على العالم العربي وجدت المغرب "فيه هياكل استقبال إيجابي، ولما هبت لم يكن أحد ضدها لا الملك ولا الحكومة ولا الاحزاب ولا النقابات، لأنه كان هنالك نضال قبل ثلاثين سنة".

جانب من الحضور في الندوة

وأكد القيادي الاتحادي في حديثه أن هذا المسار النضالي أدى إلى "دستور جديد متقدم رغم الملاحظات التي يمكن أن تسجل عن كل وثيقة دستورية"، ولم يفوّت اليازغي، الفرصة إلى توجيه سهام النقد لعبد الإله ابن كيران ، حيث اعتبر أن الانتقال الديمقراطي مع حكومته عاش مرحلة "الاحتضار". وأضاف"لم أسمع مرة واحدة أن ابن كيران تحدث عن الملكية البرلمانية"، ودعا اليازغي الحكومة المقبلة إلى العمل على إدخال المغرب في "الملكية البرلمانية التي ينص عليها دستور المملكة"، وفق تعبيره.

من جهته، قال مولاي إسماعيل العلوي، إن المغرب ليس في حاجة إلى التناحر وشد الحبل، الذي لن يؤدي سوى إلى الانحلال وبث الفرقة بين مكوناته، وأكد أن اللحمة بين أفراده ستظل قوية وصامدة في وجه كل محاولات التفتيت والتشتيت.

وأكد العلوي، في مداخلته بالندوة ذاتها، أن المغاربة سيتغلبون على ما سماها "مناورات كل المناورين" من الداخل والخارج، كما شدد على أن الديمقراطية التشاركية التي يتبناها المغرب ستستمر وسيساهم الجميع من خلالها في تقوية الوحدة الوطنية وإفشال كل المحاولات اليائسة للنيل من استقرار البلاد.

أما سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، فاعتبر أن الانتقال الديمقراطي في المغرب، لا يمكن أن يتحقق من دون وجود أحزاب سياسية قوية ومستقلة تمتلك قرارها السياسي، موضحاً أن توفر هذا الشرط أمر ضروري وجزء مهم من البناء الديمقراطي، لافتًا الى أن مثل هذه الأحزاب هي القادرة على إعداد نخب سياسية قادرة على تحقيق الانتقال الديمقراطي في المستقبل واستكماله، ومشيرًا إلى أن الانتقال الديمقراطي بناء مستمر يحتاج إلى التطوير والتجويد في كل محطة من المحطات.

متحدثون في الندوة

وأضاف العثماني أن احترام إرادة الشعب مسألة حاسمة في مسلسل البناء الديمقراطي، حيث قال "لا ديمقراطية بدون احترام إرادة الشعب، ولا يمكن أن يفرض أي طرف إرادته على الشعب"، في رسالة واضحة إلى رئيس التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، الذي اشترط على رئيس الحكومة المعين، استبعاد حزب الاستقلال من التحالف من أجل مشاركته في الحكومة، الأمر الذي رفضه ابن كيران وأعلن تشبثه بـ"الاستقلال" حليفًا أساسيًا في الحكومة المرتقبة.

ودعا العثماني إلى العمل على جعل ورش استكمال المسار وبناء الدولة الديمقراطية هما لدى الجميع، كما طالب بعدم تغليط المواطنين في حقيقة الصراع السياسي بالمغرب، والاصطفاف على أساس البناء الديمقراطي. وانتقد العثماني حزب الأصالة والمعاصرة وأمينه العام، إلياس العماري، من دون أن يذكره بالاسم عندما قال "هناك من يقول نحن نريد محاربة الإسلاميين لحماية المسلمين، ما هذا الخطاب التغليطي؟"، وهي العبارات التي صرح بها العماري مباشرة بعد انتخابه أمينًا عاماً لحزب الاصالة والمعاصرة.

بدوره، اعتبر محمد السوسي، القيادي في حزب الاستقلال، أن العملية الديمقراطية لم تصل إلى نهايتها بعد، موضحًا أن الأداة الأساسية لتحقيق الديمقراطية هي "الأحزاب الحقيقية"، القادرة على إيجاد وبناء وعي ديمقراطي حقيقي وقادرة على المبادرة وعدم الاكتفاء بردود الفعل، داعياً إلى عدم "التطبيع مع الأحزاب الإدارية من دون تحديد ما إذا كانت هذه الأحزاب أحزابًا حقيقية أم مازالت أحزابًا إدارية".

عبد الاله ابن كيران وحميد شباط ونبيل بنعبدالله خلال الندوة&

وانتقد السوسي، ما سماها "تدخلات لتغليب جهة عن أخرى من أطراف يفترض فيها التزام الحياد"، وذلك في انتقاد واضح للسلطات التي يتهمها حزب الاستقلال بدعم حزب الأصالة والمعاصرة، في انتخابات 7 أكتوبر الماضي، التي حقق فيها حزب الاستقلال &نتائج لم ترضِ طموحاته.

ولم تخلُ الندوة السياسية التي عرفت حضوراً وازناً من إشارات ورسائل سياسية، تؤكد أن تحالف حزب العدالة والتنمية مع أحزاب الكتلة الديمقراطية التي تضم الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، أصبح أمراً شبه محسوم، وأن استمرار حزب التجمع الوطني للأحرار في التشبث بشروطه، يمكن أن يدفع ابن كيران إلى إعلان تشكيل حكومته من دون " التجمع"، الذي ترغب الدولة في مشاركته بالحكومة التي طال انتظارها .