الخازر: فرّ إحسان اسماعيل منذ حوالى شهر من قريته ابو جربوعة شرق الموصل قبل ساعة فقط من والده ووالدته وشقيقته. نقلته القوات الكردية الى مخيم الخازر على ان يلحق به افراد عائلته. لكن هؤلاء نقلوا الى مخيم آخر، ومنع إحسان من الانضمام اليهم.

وتمنع القوى الامنية العراقية وقوات البشمركة الكردية النازحين من الخروج من مخيماتهم، تأخذ هوياتهم فور وصولهم الى المخيم وتفرض عليهم البقاء داخله. وتبرر ذلك بـ"أسباب امنية" دفعت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الى تشبيه الوضع بعملية "احتجاز".

ويقول إحسان (18 عاما) "مرّ شهر على هذه الحال، أنا في مكان وهم في مكان، ولا يسمح لي بالخروج ... كل ما اريده هو ان اذهب اليهم. افتقدهم كثيرا".

ويتساءل الشاب صاحب العينين الخضراوين والشعر الكستنائي "ما هو الفرق لا افهم؟ المخيم مخيم والسياج هو ذاته".

في مخيم قيماوة شمال الموصل، لا يمنع النازحون من الحركة فقط بل ايضا من استخدام الهواتف النقالة، بحسب منظمة "هيومان رايتس ووتش". ونتيجة ذلك لم يتمكن احسان من التحدث الى عائلته سوى مرتين فقط خلال شهر.

-"وكأنه حجز"-وأثارت الاجراءات الامنية في المخيمات قلق المنظمات الانسانية.

وتوضح بلقيس ويلي من هيومان رايتس ووتش "في المخيمات التي تشرف عليها القوات العراقية، لا يسمح للنازحين بالتحرك بتاتا، الا اذا قررت السلطات نقلهم او اعادتهم الى مناطقهم".

وتضيف "في المخيمات تحت سلطة حكومة اقليم كردستان، لا يسمح ايضا للنازحين من الموصل بالتحرك بشكل عام"، مشيرة الى بعض الاستثناءات المحدودة مثل مخيم ديباجة جنوب الموصل حيث يسمح للنازحين بالتنقل داخل القرية فقط بعد ان تأخذ منهم هوياتهم ضمانة لعودتهم.

عند مدخل مخيم الخازر الواقع شرق الموصل ويشرف عليه عناصر من البشمركة سوق صغير تتنوع بضائعه بين خضار ومواد غذائية وملابس، لكن عملية البيع والشراء تتم من خلف سياج حديدي يفصل بين الباعة وزبائنهم النازحين.

وتقول ويلي "لم ار شيئا من هذا القبيل انه أمر مقلق من شأنه ان يؤسس لمسار خطير. ان يمنع آلاف العراقيين من التحرك في بلدهم".

وتتابع "إنه أمر مرفوض على المستويات الدولية كافة (...) وحتى ان لم يكن حجزا، فانه يبدو كذلك في الحقيقة".

ويروي نازحون آخرون قصصا أخرى تشبه قصة إحسان.

ويقول فواز خالد (42 عاما) الذي يجلس برفقة شقيقيه وجيرانهم يشربون الشاي في احدى خيم الخازر، "نحن على هذه الحال منذ 28 تشرين الاول/اكتوبر، ولا احد يسمعنا".

ويشرح خالد، وهو اب لتسعة أولاد، كيف وصل الى المخيم قائلا "حين رأينا اعلام البشمركة من داخل القرية (ابو جربوعة)، قررنا الخروج مجموعات صغيرة لكي لا يعتدي علينا الدواعش، خرجت مع شقيقي الاثنين على ان تلحق بنا زوجاتنا".

ويتابع "وصلنا الى حاجز البشمركة، قلنا لهم هناك عائلات خلفنا، اجابوا نأخذكم ويلحقون بكم".

بعد ثلاثة ايام، سمع خالد ان زوجته واطفاله وعائلتي شقيقيه في مخيم قيماوة.

يقول "ذهبت فورا الى المسؤولين في المخيم وقلت لهم اننا نريد الالتحاق بعائلاتنا، اجابونا انها اجراءات فقط وسينتهي الامر بعد عشرة ايام، وها نحن بعد شهر ولم يتغير شيء، اطلب الخروج وهم يرفضون".

وبالاضافة الى اتصالات هاتفية قليلة جدا بينهم وبين زوجاتهم، يأتي اقرباء لهم ليسوا بنازحين لزيارتهم، ويتولون نقل الاخبار بين افراد العائلة.

-"قلبي محروق على ولدي"-وردا على سؤال لوكالة فرانس برس حول القيود المفروضة على سكان المخيمات، قال أمين عام وزارة البشمركة جبار ياور "انه موضوع امني (...) نحن في حالة حرب مع جهة ارهابية تستخدم كل الطرق الممكنة لشن عمليات ارهابية داخل المدن وقد يتسلل عناصر داعش بين النازحين وينشؤون خلايا سرية".

واضاف "هذا امر طبيعي. يبقى النازحون في المخيمات الى حين فحصهم من الناحية الامنية". لكن المشكلة ان هذا الفحص يستغرق اسابيع طويلة جدا.