عزز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب صورته غير النمطية، وجازف بإمكان حدوث أزمة كبرى مع الصين، بمحادثته هاتفيًا رئيسة تايوان، في خطوة تشكل قطيعة كبيرة مع أربعين عامًا من التقليد الدبلوماسي مع بكين والجزيرة.

نيويورك: في الواقع تدعم واشنطن باداراتها الديموقراطية والجمهورية على حد سواء، مبدأ "الصين الواحدة" منذ سبعينات القرن الماضي. وبناء على ذلك اعترفت ببكين في 1978 وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان الجزيرة المستقلة بحكم الامر الواقع، في 1979.

وقال فريق الرئيس المنتخب في بيان ان ترامب وتساي اينغ-وين وخلال المحادثة غير المسبوقة على هذا المستوى منذ عقود تطرقا الى "العلاقات الوطيدة في مجال الأمن والاقتصاد والسياسة بين تايوان والولايات المتحدة". 

اضاف ان رئيسة تايوان التي انتخبت في مايو والرئيس الاميركي، الذي انتخب في الثامن من نوفمبر وسيتولى مهامه رسميا في 20 يناير تبادلا التهاني، مشيرا الى اتصالات هاتفية جرت الجمعة مع الرئيس الافغاني اشرف غني والرئيس الفيليبيني الشعبوي رودريغو دوتيرتي ورئيس وزراء ستغافورة لي سيين لونغ.

واكد دوتيرتي السبت ان الرئيس الاميركي المنتخب شجعه في حربه على المخدرات، واكد له انه يتبع "الاسلوب الصحيح". وقال ان ترامب تمنى له "النجاح" في سياسته المثيرة للجدل لقمع الجريمة في الفيليبين. اضاف ان ترامب "يعي تماما مشاكلنا مع المخدرات. تمنى لي النجاح (...) في حملتي لمكافحتها وقال اننا نقوم بها بصفتنا أمة تتمتع بالسيادة وبالوسيلة الجيدة".

اتصال عبر تويتر
وفي مواجهة الانتقادات الموجهة الى المحادثة مع رئيسة تايوان، كتب ترامب في تغريدة على حسابه على تويتر "رئيسة تايوان +اتصلت بي+ اليوم لتهنئتي بفوزي في الرئاسة.. شكرا!". واضاف بعيد ذلك "من المهم ان نشير الى ان الولايات المتحدة تبيع معدات عسكرية بمليارات الدولارات الى تايوان، لكن يتوجب عليّ الا اقبل اتصالا للتهاني".

ليس امرا معتادا ان يلجأ رئيس او رئيس منتخب في الولايات المتحدة الى التبرير بهذه الطريقة. وقال مساعد وزير الخارجية السابق لشرق آسيا والمحيط الهادئ كريستوفر هيل في عهد الرئيس الاسبق جورج بوش انه "خطأ فادح"، منتقدا ميل ادارة ترامب المقبلة الى "الارتجال".

انفصلت تايوان عن الصين في 1949 بعد حرب اهلية، وهي مستقلة بحكم الامر الواقع، لكنها لم تعلن رسميا استقلالها، اذ لا تزال بكين تعتبرها جزءا لا يتجزأ من اراضيها.

تغيير في البروتوكول 
اكد البيت الابيض مجددا مساء الجمعة دعم الرئيس الديموقراطي باراك اوباما لسياسة "الصين الواحدة". وقالت الناطقة باسم مجلس الامن القومي ايميلي هورن لوكالة فرانس برس "ليس هناك اي تغيير في السياسة منذ أمد طويل".

لم تأت وسائل الاعلام الحكومية الصينية على ذكر الاتصال الهاتفي بين ترامب وتساي، لكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي رأى السبت انه "مناورة من كيد تايوان" لن تؤثر على التفاهم الدولي حول "صين واحدة".

وقال الوزير الصيني انها "ليست سوى مناورة دنيئة من كيد تايوان، ولا يمكنها تغيير اطار صين واحدة في الاسرة الدولية". وكان وزير الخارجية الصيني يرد على سؤال لقناة هونغ كونغ التلفزيونية "فينيكس تي في" التي نقلت تصريحاته على موقعها الالكتروني.

واضاف "لا اعتقد ان ذلك سيغير السياسة التي تتبعها منذ سنوات الولايات المتحدة"، مؤكدا ان "مبدأ الصين الواحدة هو حجر الاساس لتطور سليم للعلاقات الدبلوماسية الصينية الاميركية ولا نتمنى ان يأتي اي شخص لتغيير او الغاء هذا الاساس السياسي".

وهذه الاتصالات الهاتفية تخالف قواعد البروتوكول خلال المرحلة الانتقالية للسلطة في واشنطن، اذ انه لم يتم اشراك وزارة الخارجية فيها الا بشكل محدود جدا. وهي تأتي بعد اسبوع من محادثة مع رئيس وزراء باكستان نواز شريف. وقد وجّه ترامب اليه مديحا واشادات اثارت دهشة الدبلوماسيين. وفي منتصف نوفمبر اثار مفاجأة اخرى باستقباله رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بحضور ابنته ايفانكا ترامب.

بشكل عام، يثير الغموض الذي يحيط بالسياسة الخارجية لترامب - الذي يعتبر اكثر ميلا الى الانعزالية - قلق الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة في اوروبا وآسيا.

هكذا تبدأ الحروب
كتب السناتور الديموقراطي كريس مورفي في تغريدة الجمعة ان "ما حدث في الساعات الـ48 الاخيرة ليس مجرد تطور بل نقاط ارتكاز كبرى في السياسة الخارجية بدون اي تقديرات مسبقة. هكذا تبدأ الحروب". وشدد على ضرورة تعيين وزير للخارجية "بسرعة"، موضحا ان من الافضل ان "تكون لديه تجربة".

واتصال رئيس أميركي منتخب لم يتسلم حتى الآن مهامه بزعيم تايواني هو أمر غير مسبوق منذ 1979 العام الذي انقطعت فيه العلاقات الدبلوماسية بين تايبيه وواشنطن.

وحتى الآن لم يعين ترامب وزيرا للخارجية. لكن المرشحين للمنصب هم المرشح الجمهوري السابق للرئاسة في 2012 مات رومني والجنرال ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية السابق ديفيد بترايوس ورئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني.

بكين: مناورة لا تأثير لها
تعقيبًا، صرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي السبت ان الاتصال الهاتفي بين رئيسة تايوان تساي اينغ-وين والرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب "مناورة من كيد تايوان" لن تؤثر على التفاهم الدولي حول "صين واحدة".

وقال الوزير الصيني انها "ليست سوى مناورة دنيئة من كيد تايوان، ولا يمكنها تغيير اطار صين واحدة في الاسرة الدولية". وكان وزير الخارجية الصيني يرد على سؤال لقناة هونغ كونغ التلفزيونية "فينيكس تي في" التي نقلت تصريحاته على موقعها الالكتروني. ويشكل الاتصال الهاتفي بين ترامب ورئيسة تايوان قطيعة واضحة مع اربعين عاما من الدبلوماسية الاميركية.

وفي الواقع تدعم واشنطن مبدأ "الصين الواحدة"، وبناء على ذلك اعترفت ببكين وقطعت في نهاية سبعينات القرن الماضي علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان الجزيرة المستقلة بحكم الامر الواقع. واضاف وزير الخارجية الصيني "لا اعتقد ان ذلك سيغير السياسة التي تتبعها منذ سنوات الولايات المتحدة".

واكد ان "مبدأ الصين الواحدة هو حجر الاساس لتطور سليم للعلاقات الدبلوماسية الصينية الاميركية ولا نتمنى ان يأتي اي شخص لتغيير او الغاء هذا الاساس السياسي". من جهة اخرى، لم تأت وسائل الاعلام الحكومية الصينية على ذكر الاتصال الهاتفي بين ترامب وتساي، وفضلت التركيز على زيارة وزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسينجر "صديق الصين القديم" الى بكين.

وخصصت وسائل الاعلام عناوينها الرئيسة الى اللقاء الذي عقد الجمعة بين الرئيس شي جينبينغ وكيسينجر (93 عاما) الذي كان قدم نصائح لترامب. ونقلت عن الرئيس شي قوله ان "زيارتكم تأتي في الوقت المناسب. ننتظر بفارغ الصبر الاستماع لآرائكم حول تطور العلاقات الصينية الاميركية (...) انها مرحلة انتقالية". وفي الاسابيع الاخيرة التقى كيسينجر ترامب مرات عدة وبحث معه خصوصا في مسألة الصين.

واعلنت وزارة الخارجية الصينية السبت ان بكين "احتجت رسميا" لدى الولايات المتحدة بعد المكالمة الهاتفية التي اجراها الرئيس المنتخب دونالد ترامب مع رئيسة تايوان تساي اينغ-وين، مطالبة واشنطن باحترام مبدأ "الصين الواحدة". وقالت وزارة الخارجية في بيان "ارسلنا بالفعل احتجاجا رسميا الى الجهة الاميركية ذات الصلة. نصر على انه ليس هناك سوى صين واحدة وان تايوان جزء لا يتجزأ من الاراضي الصينية".

وأصرت الخارجية الصينية على ان "حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الوحيدة الشرعية الممثلة للصين. هذه حقيقة يعترف بها المجتمع الدولي وهي الاساس السياسي للعلاقات الصينية-الاميركية".