حلب: أكد الرئيس السوري بشار الاسد ان من شأن فوز قواته في معركة حلب "تغيير مجرى الحرب" وتشكيل "محطة كبيرة" على طريق إنهائها، وذلك بعد سيطرة قواته على الجزء الاكبر من الاحياء الشرقية للمدينة التي كانت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة منذ 2012.

دوليا، حثت ست عواصم غربية بينها واشنطن وباريس الاربعاء على "وقف فوري لاطلاق النار" في حلب، فيما دعت الفصائل المقاتلة في المدينة الى "هدنة انسانية فورية" من خمسة ايام لاجلاء الجرحى والمدنيين.

وقال الرئيس السوري في مقابلة مع صحيفة "الوطن" السورية تنشر غدا الخميس، ان حسم الحرب في حلب سيشكل "محطة كبيرة باتجاه" نهاية الحرب.

واضاف في المقابلة التي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها "صحيح أن معركة حلب ستكون ربحاً، لكن لكي نكون واقعيين لا تعني نهاية الحرب في سوريا.."، معتبرا ان الحرب لا تنتهي "إلا بعد القضاء على الإرهاب تماماً، فالإرهابيون موجودون في مناطق أخرى".

كما اعتبر ان فشل مقاتلي المعارضة وداعميهم في معركة حلب "يعني تحول مجرى الحرب في كل سوريا، وبالتالي سقوط المشروع الخارجي سواء كان اقليميا او غربيا".

تأتي مواقف الاسد بعد إحراز الجيش السوري تقدما سريعا في هجوم بدأه في منتصف الشهر الماضي على الاحياء الشرقية في حلب، وتمكن خلاله من السيطرة على اكثر من ثمانين في المئة من الاحياء الشرقية. وبات وجود الفصائل المقاتلة محصورا في بقعة صغيرة من القطاع الجنوبي في الاحياء الشرقية، فيما فر عشرات آلاف المدنيين من هذه الاحياء هربا من المعارك.

ودعت ست عواصم غربية هي واشنطن وباريس ولندن وبرلين وروما واوتاوا الاربعاء الى "وقف فوري لاطلاق النار" في حلب ازاء "الكارثة الانسانية" الجارية، بحسب ما أعلن بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية. وحثت الدول ايران وروسيا على "ممارسة نفوذهما" على النظام السوري للتوصل الى ذلك.

وجاء في البيان "الاولوية الملحّة القصوى هي لوقف اطلاق نار فوري يسمح للامم المتحدة بتسليم المساعدات الانسانية الى سكان حلب الشرقية ومساعدة الذين فروا" منها. وطالب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاربعاء بوقف لاطلاق النار في حلب. وقال في مؤتمر صحافي في فيينا "ما شهدناه في الاونة الاخيرة في حلب مفجع".

وأجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري مساء الاربعاء محادثات في هامبورغ الألمانية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث مشروع خطة لوقف المعارك في حلب واجلاء مسلحي المعارضة والمدنيين منها، من دون إحراز تقدم.

وقال كيري بعد ساعة من المفاوضات "تحدثنا بوضوح عن الوضع الصعب بشكل رهيب في حلب، وتبادلنا بعض الأفكار. ونحن عازمون على اللقاء مجددا صباحا (الخميس) لنرى أين وصلنا". وكان الأسد استبعد في حديثه مع "الوطن" تطبيق هدنة في حلب.

وردا على سؤال عما "اذا انتهت الهدن اليوم"، قال "عملياً غير موجودة طبعاً.. هم ما زالوا مصرين على طلب الهدنة وخاصة الأميركيون، لأن عملاءهم من الإرهابيين أصبحوا في وضع صعب".

وكانت الفصائل المقاتلة في شرق حلب تقدمت الاربعاء بما اسمتها مبادرة من اربعة بنود "لانهاء معاناة" المدنيين، تنص على "اعلان هدنة انسانية فورية لمدة خمسة ايام" يتم خلالها "اخلاء الحالات الطبية الحرجة (...) واخلاء المدنيين الراغبين" بالخروج الى منطقة ريف حلب الشمالي التي يسيطر عليها المعارضون.

ولم تتطرق المبادرة الى مصير المقاتلين، لكن جاء في بندها الرابع "عندما يتم تخفيف وطآة الحالة الانسانية في مدينة حلب الشرقية، تقوم الاطراف المعنية بالتفاوض حول مستقبل المدينة".

انهيار حقيقي
ولا يعرف عدد المقاتلين الموجودين حاليا في شرق حلب. وقبل بدء الهجوم الاخير لقوات النظام، كانت الامم المتحدة تقدر العدد بثمانية آلاف. وتحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن 15 الفا، بينهم نحو 900 مقاتل من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا).

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن الاربعاء لوكالة فرانس برس ان "قوات النظام باتت تسيطر على مساحة تجاوزت الثمانين في المئة من الاحياء الشرقية"، معتبرا ان "الوضع بدأ يدخل في مرحلة الانهيار الحقيقي بالنسبة الى الفصائل اذ لم يعد بإمكان المقاتلين الصمود لفترة طويلة في شرق حلب".

وبحسب المرصد، قتل 48 مقاتلا معارضا على الاقل في احياء حلب القديمة التي تقدم اليها النظام منذ ليل امس. واوضح ان تراجع الفصائل المقاتلة ياتي تحت وابل من القصف المدفعي العنيف لقوات النظام والغارات الجوية. ومنذ بدء الهجوم، احصى المرصد السوري مقتل 369 مدنيا بينهم 45 طفلا جراء القصف والغارات على شرق حلب، فيما قتل 92 مدنيا بينهم 34 طفلا في غرب حلب نتيجة قصف من مقاتلي المعارضة.

وقتل 12 مدنيا بينهم سبعة اطفال الاربعاء جراء قذائف الفصائل على غرب حلب، وفق مصادر طبية رسمية في المدينة.

نزوح مستمر
ودفعت المعارك الاخيرة اكثر من ثمانين الف مدني الى النزوح الى احياء تحت سيطرة قوات النظام واخرى تحت سيطرة الاكراد. كما نزح آلاف آخرون الى أحياء لا تزال تحت سيطرة الفصائل. وكان عدد السكان في شرق حلب قبل بدء هجوم الجيش اكثر من 250 الفا. 

وشاهدت صحافية في فرانس برس في الشطر الغربي عشرات العائلات التي وصلت الليلة الماضية الى مناطق تحت سيطرة قوات النظام.

وقالت ام عبدو (30 عاما) بعد خروجها مع زوجها واولادها الخمسة ووالدتها واخوتها من حي باب الحديد لفرانس برس "لم ننم وكان الوضع صعبا جدا.. كنا نعيش على اعصابنا منذ اربعة ايام".

على صعيد آخر، استهدفت صواريخ ارض -ارض اسرائيلية فجر الاربعاء محيط مطار المزة العسكري غرب دمشق، وفق ما افادت وكالة الانباء السورية الرسمية. وهي المرة الثانية خلال ثمانية ايام التي تضرب فيها اسرائيل مواقع بالقرب من دمشق من دون ان تتضح اهدافها تماما.