كشف تحقيق للسلطة القضائية العراقية مع مهندس حاسوب عراقي تابع لما يسمى "جيش الخلافة الالكتروني" لتنظيم داعش عن آليات العمل في اختراق مواقع الانترنت وإنشاء حسابات على تويتر تروّج لأفكار التنظيم.

إيلاف: كشف المهندس، ويُدعى أبو حارث، عن آليات العمل واختراق مواقع الانترنت، التي يعتمدها هذا التشكيل، متحدثًا عن بعض المهام التي كلّف بها، بينها مراقبة المناصرين، للتأكد من ولائهم، لافتًا إلى أنه تولى إنشاء العشرات من الحسابات على موقع (تويتر) يوميًا، بغية استثمارها من قبل مستخدميها في الترويج لأفكار تنظيم داعش.

ولوج الانترنت في العراق
يقول الهاكرز، الملقب بـ"أبو حارث"، والموقوف على ذمة القضاء العراقي، إن "حكايتي مع أنظمة الحاسوب بدأت مبكرًا عندما كنت طالبًا في الدراسة المتوسطة". وأضاف في حديث مع &المركز الإعلامي للسلطة القضائية، إطلعت عليه "إيلاف" الاثنين، إن "العام 2001 شهد جلوسي للمرة الأولى على جهاز كومبيوتر (Pentium 2)" لكن المركز لم يوضح مكان وزمان اعتقال الهاكرز.

وأوضح قائلًا إن "أحد الأصدقاء تولى تدريبي وقتها على الأنظمة التشغيلية لأجهزة الحاسوب، وخصّصتُ ساعات طويلة للتمرين، ثم تحولت في وقت لاحق إلى خبرات متراكمة، ساعدتني على كسب المزيد من المهارات، استثمرتها طوال المدة الماضية".&
أضاف أن "الولوج إلى العالم الالكتروني أخذ منحى آخر، نتيجة دخول الانترنت إلى العراق، لاسيما بعد حرب عام 2003، حيث أصبح كل شيء متاحًا، بخلاف ما كانت عليه الحال سابقًا، وقمت بتطوير مهاراتي".

وأشار إلى أن "أوقاتًا طويلة قضيتها في سبيل تعلم استخدام برامج الحاسوب المتطورة من خلال إطلاعي على ما ينشره المتصفحون عبر موقع عرض مقاطع الفيديو المعروف بـ(يوتيوب)". وقال في "إحدى المرات إطلعت صدفة على تجربة لناشط على الانترنت يوضح حينها عملية اختراق حساب الكتروني". وبيّن أن "هذه التجربة قد راقتني، وسعيت إلى تنفيذها بنفسي، مستفيدًا مما ينشره آخرون لمحاولات مشابهة حتى نجحت".

اقتحام المواقع
وأوضح أن "المساعي لم تتوقف إلى هذا الحد، بل لجأت إلى طرق أخرى لاقتحام مواقع لا يكمن فتحها إلا بالتواجد على أراضٍ لدول معينة، لكنني بخبرتي قمت بالدخول إليها بطريقة ملتوية، وكأنني موجود على أراضي تلك الدولة". وأشار إلى أن "طموحي انتقل في وقت لاحق إلى إكمال دراستي في المجال نفسه، كي أصبح متخصصًا في تكنولوجيا المعلومات، وتحقق لي ذلك، وأكملت هندسة الحاسبات في إحدى الجامعات الأهلية في بغداد".

وأشار أبو حارث إلى أن "الواقع الأمني وعدم وجود تعيينات في مؤسسات الدولة وغيرها من العوامل التي أجبرتني على التفكير بالهجرة إلى خارج العراق، من خلال طلب اللجوء أسوة بالذين غادروا البلاد أملًا بالوصول إلى أوروبا". وقال إن "شخصين اثنين لديّ معرفة سابقة بهما إلتقيتهما قبل عام ونصف عام، وأطلقا لي وعودًا بأنهما سيساعداني على عملية الهجرة شريطة تقديم خدمة إليهما لم يكشفا عنها في حينها".

ولفت إلى أن "الصديقين عاودا الاتصال بي، وفاتحاني بشروط تقابل تسهيلهما هجرتي، وهي تقديم العون الالكتروني إلى تنظيم داعش الإرهابي". وأوضح أن "المهمة تتعلق بإنشاء حسابات على موقع (تويتر) لمنتمين إلى التنظيم يقومون بالترويج لأفكاره وينشرون بعض النشاطات".

حسابات على تويتر
وقال موضحًا إن "إمكانيتي كانت إنشاء نحو 50 حسابًا على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) في اليوم الواحد، كل وجبة تحمل الاسم نفسه، والمعلومات للمشترك". وعن سبب هذا الإجراء، أجاب أبو حارث أن "المشترك وبمجرد نشره أية معلومات عن التنظيم الإرهابي سيتعرّض لحجب من قبل شركة (تويتر) في مدة قد لا تتجاوز بعض الأحيان عشر دقائق فقط، ولكي نقوم بديمومة النشاطات، علينا تجهيز موقع بديل من ذلك الذي يجري حظره في أسرع وقت".

وذكر أن "الحسابات قد ينشر عليها نص البيعات لزعيم ما يسمى بدولة الخلافة أبي بكر البغدادي"، مبينًا أن "لجوءنا إلى (تويتر) بالتحديد سببه أن عملية إنشاء الحساب على هذا الموقع لا تتطلب وقتًا أو معلومات دقيقة كالتي يحتاجها موقع (فايسبوك)".

إضافة إلى ذلك، فإن أبا حارث يؤكد أن "نشاطنا ينصب بالدرجة الأساس على تثقيف من هم خارج البلاد، وأن الإحصاءات الدولية تشير إلى ارتفاع مشتركي المغرّدين على (تويتر) مقارنة بالناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى". وقال إن "الصديقين كلفاني بإعطاء دروس تعليمية لهما وآخرين زملاء لهم في أحد المقاهي في تركيا، حيث كنت أعلِّمهم كيفية اختراق المواقع الالكترونية".

العبور إلى أوروبا
وبيّن أبو حارث أن "عملية العبور إلى أوروبا انتهت عند حاجز المقابلة مع المنظمة الدولية المعنية بالهجرة، التي رفضت طلبي، فاضطررت بعدها إلى العودة بخفي حنين إلى العراق".

وأوضح أن "العمل في العراق اختلف، فقد انضويت إلى ما يسمى بجيش الخلافة الالكتروني، وهو شديد التحصين، ولديه مهمات خاصة جدًا". وتابع إن "من بين المهام اختراق بعض المواقع الالكترونية الدولية والإقليمية والنشر عليها بأنها تعرّضت لقرصنة جيش الخلافة".

واصل مضيفًا أن "الشبكة كانت مكونة في بداية الأمر من أشخاص موزعين في عدد من البلدان العربية، وهم سبعة، كل واحد منهم لديه اسم مستعار". وقال إن "النقاشات بيننا كانت تحصل عبر غرفة الكترونية بأرقام هواتف غير حقيقية ووهمية، بعضها يعود إلى بلدان غربية، جرى الاستيلاء عليها بوساطة الحاسوب".

استخدام فايروسات
أضاف أبو حارث بأن "أحد الأصدقاء تبيّن أنه أرسل إلى آخر (فايروس)، وقمت حينها بقرصنة حسابه، وطرده من مجموعتنا، وأبلغت بقية المشتركين بأن أي محاولة سوف يتم كشفها من قبلنا"، في حين ذكر أن "مشتركًا آخر قام بالانسحاب فجأة من المجموعة، طلب العودة بعدها، لكننا رفضنا، خوفًا من انكشاف أمرنا، وبالتالي بقينا خمسة أشخاص فقط".

واعتبر أبو حارث نفسه بأنه "أقوى الموجودين داخل جيش الخلافة الالكتروني"، مضيفًا إن "مهام أوكلت إليّ بمعرفة أي من المشتركين داخل الجيش أو الموالين له من خارجه، لديه ارتباطات مشبوهة، وقد قمت حينها باختراق العديد من المواقع، للتأكد من الأمر".

ويسترسل أن "بعض القراصنة من دول غربية كانوا يشكّكون بأننا المسؤولون عن اختراق مواقع معينة، ويطلقون عبارات تفيد بأننا كذابون، ما اضطرنا إلى تصوير عمليات الاختراق ونشرها أيضًا، لنثبت لهم قدرتنا".

وانتهى أبو حارث إلى القول إن "عملية الاختراق ليست بالسهلة، لاسيما للمواقع شديدة التحصين، بل تستغرق في بعض الأحيان أشهرًا لكي تتم بعد جهد طويل ومتابعة دقيقة لأي منفذ الكتروني نمر من خلالها للموقع المستهدف بعيدًا عن الرقابة الموضوعة له".

ويواجه "الهاكرز" العراقي هذا اتهامات وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب عن جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام. وكانت السلطة القضائية العراقية قد كشفت في الخامس من الشهر الحالي عن اعترافات المسؤول المالي لتنظيم داعش المعتقل بإنزال جوي على الحدود العراقية السورية، مقرًّا بتلقي التنظيم أموالًا من منظمات وشخصيات عربية وأجنبية عبر تركيا، حيث أحيل على محكمة الجنايات المركزية بتهم تقوده إلى حبل المشنقة.
&