«إيلاف» من لندن:&يتردد الحديث عن الحل السياسي في سوريا وسط اشتداد القتل والتهجير، فمن إعلان الأمم المتحدة أنها ستدعو الأطراف السورية الى جنيف في 8 فبراير&القادم بين المعارضة والنظام، الى روسيا التي تقول إن اجتماعًا سينعقد ربما في كازاخستان ولكن دون أن يجيب النظام بعد على الطلب الكازاخستاني، كيف ترى المعارضة السورية الحل السياسي المطلوب وأين وصل؟ وما النتيجة برأيهم، وما وضع المعارضة اليوم وهل يمكن مفاوضة بشار الأسد، بينما الحل بيد روسيا وايران وكيف ؟ أسئلة وجهتها «إيلاف» الى معارضين سوريين.

قالت مزن مرشد، عضو المكتب السياسي في تيار الغد السوري،&إن الواقع اليوم يخالف كل التطلعات التي تفجرت ثورة الحرية والكرامة السورية لأجلها «فقتامة المشهد يحمل وزره كل من جر الثورة باتجاهات بعيدة تماماً عن شعاراتها الأولى "مع تأكيدها على مسؤولية النظام السوري عن كل ما جرى منذ أن أطلق الطلقة الأولى على المتظاهرين السلميين ضده، وما جرّ ذلك&من ويلات على البلاد والعباد، وما جلبه من تحالفات سياسية وعسكرية باتت تشكل غزواً واحتلالاً حقيقياً لسوريا مغيّرًا بذلك ملامح بلد عمره من عمر التاريخ» .

وفي خضم كل هذه التعقيدات التي بات يعرفها القاصي والداني في الملف السوري، أشارت مرشد الى " أننا كمعارضة معتدلة&لا نزال نؤمن ونسعى لحل سياسي يخرج البلاد من آتون مقتلة لن تبقي على أحد، ولن تستثني أحداً إن استمرت، وفي كل يوم عداد الموت يرتفع بحق الجميع، الموت واحد والخسارات واحدة وإن تعددت الانتماءات».

رؤية متقاربة للحل

وفي نظرة سريعة الى مخرجات كل المؤتمرات الماضية من جنيف الى الرياض الى الأستانة وجدتها «جميعها تقريبًا لديها رؤية متقاربة للحل مع خلاف واحد فقط بات هو عقدة المنشار بين الجميع، وهو مصير الأسد، وحصل في جنيف واحد (والذي كان تطبيقه كفيلاً بإحداث تغيير حقيقي في الوضع السوري ) حصل في جنيف، ما حصل في القرار 242 الفلسطيني عندما كان الخلاف على ترجمة النص والتي&لا تزال عالقة حتى اليوم، وهذا بالضبط ما حصل في جنيف بالاختلاف بين الاطراف على تفسير النص وعن عمد من قبل من وضع النص، بحيث لا يمكن تفسير موقع الأسد في المعادلة، ففي الوقت الذي رآه الأميركيون والسوريون بأنه يعني أن لا وجود للأسد لا في مرحلة انتقالية ولا في مستقبل سوريا كان التفسير الروسي والدفاع المستميت عن بقاء الأسد في السلطة في أي حل كان، سواء أكان موقتًا أو في انتخابات رئاسية قادمة".

وخلال كل& هذه المؤتمرات منذ جنيف واحد وقراراته وحتى اليوم برأي مرشد "لم تستطع المعارضة السياسية التي تدير عملية التفاوض توجيهها أو استغلالها كما يجب،" ولكنها لفتت أيضًا الى "وفاء أصدقاء الأسد بعرقلة المسارات وعرقلة تنفيذ القرارات وعرقلة الوصول الى حلول مرضية لجميع الأطراف".

وأكدت "هذه المعارضة التقليدية ذاتها التي فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة العمل السياسي، ولم تكن أبداً على قدر تضحيات الشعب السوري عادت لتنتج جسداً جديداً مهمته الوحيدة هي التفاوض للوصول الى حل سياسي متمثلاً بالهيئة العليا للمفاوضات، والتي منذ يومها الأول رفعت شعارات فضفاضة وقامت بالكثير من الزيارات الدولية والعربية كي توصل رؤيتها التفاوضية وقادت عملية التفاوض، والتي تأمل الشعب السوري فيها خيراً، لنتفاجأ جميعًا بإعلان انسحابها من المفاوضات وبالتالي تفرغ اسمها من محتواه لتصبح مجرد اسم لا ينطبق عليه مسماه، وتضاف الى شقيقها المجلس الوطني والائتلاف المعطلين أصلاً".

نظام سفاح ومعارضة متشرذمة

وقالت مرشد: "ابتلى السوريون بنظام سفاح وبمعارضة متشرذمة غير قادرة لا على التوحد ولا على قيادة العملية السياسية ولا على التأثير المباشر على الأرض لتكون كيانات سياسية مصلحية لا أكثر ولا أقل، عملها الوحيد محاربة أية معارضة وليدة قد تكون الأمل بإنهاء المعاناة السورية".

وفي خضم كل ذلك، اعتبرت أن الأرض بقيت "بعيدة كل البعد عن الحلول السياسية أو ادعاءات الحل السياسي سواء من النظام أو من داعميه الروس والايرانيين مستفحلين بالقتل والتدمير والحصار ولم تشهد العملية السياسية أي خطوة عملية& ولم تتقدم العملية السياسية على الأرض بوصلة واحدة، إذ لم يكن أي من الأطراف قادراً على فرض الحل على الآخر ناهيك على ان الارض لم تعد ملكاً لأحد، وهنا أقصد المعارضة السورية التقليدية التي تقود العملية السياسية منذ ست سنوات".

أما ما رأته اليوم فهو "ضرورة الجلوس على طاولة التحاور، فكل تأخير ثمنه دماء أبنائنا، ولست أبداً مع من يطالبون بالقتال حتى آخر سوري وهم في مآمنهم بعيدون عن النيران" .

وشددت أن "الحل يبدأ باجتماع السوريين وإجماعهم على موقف واحد وهو إيقاف الموت ونهر الدماء& مع تمسكهم بثوابت ثورتهم وشعاراتها الاولى التي خرج من أجلها الأحرار، والتي دفعنا ثمنها الكثير من دماء أبنائنا الأبرياء" .

من جانبه، استند أحمد شبيب الدبلوماسي السوري المنشق وعضو المكتب السياسي في تيار الغد السوري الى ضرورة تأكيد تفسير واحد لمرجعية جنيف في مصلحة الشعب السوري والتغيير المنشود، واعتبر أنه من غير المستغرب أن تصل الامور& في سوريا إلى ما وصلت اليه اليوم بالنظر الى" كل هذه المأساة وأمام اصرار المجتمع الدولي على عدم وجود حل في سوريا الا الحل السياسي، هذا الحل الذي يستند الى مرجعية جنيف 1/2012 غير المتفق على تفسيرها ما بين محور حلفاء النظام وأصدقاء الشعب السوري، بالاضافة الى اصرار حلفاء النظام على التشكيك بالتمثيل الحقيقي للمعارضة عند تشكيل أي وفد تفاوضي.".

ضعف الإئتلاف

وقال "في ظل هذا الحال المعقد يحاول النظام ايهام الجميع بأنه مرتاح، ويبرهن على ذلك& بضمان دعم حلفائه في مجموعة دعم سوريا أو في مجلس الأمن، وربما يساعده على التهرب من الحل السياسي عدم مهنية وبراغماتية الهيئة العليا للتفاوض، وعدم تعاملها مع الملف التفاوضي بتقنية بعيداً عن التجاذبات والمناكفات السياسية، خاصة لجهة تعيين مفاوضين تعتبرهم روسيا أعداء مباشرين، وعدم تقديم رؤية واضحة لمستقبل سوريا&".

بالاضافة الى ذلك، أشار شبيب الى أنه يظهر وخلال استعراض لوضع المعارضة "الحال الذي وصل اليه الائتلاف الوطني السوري من ضعف ومشاكل بنيوية واستقالات. وتشتت باقي اطياف المعارضة والانشغال عن العمل الوطني بحرب سياسية مفتوحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتشتت الحاضنة الشعبية للثورة وعدم قدرتها على الفعل نتيجة اليأس وعدم وجود منظومة ثورية وطنية حقيقية تستوعب طاقاتهم وتوجهها ".

تناحر الفصائل في الداخل

ولفت أيضا الى" كثرة الفصائل في الداخل وتنازعها وتناحرها وعدم وجود برنامج سياسي وطني يكون بوصلة تحركها، وتمردها على الآخر سواء أكان مدنياً في الداخل او أية جهة سياسية تعمل في الشأن العام، وما يزيد المشكلة تعقيداً هو وجود فتح الشام والتنظيمات الجهادية ذات الفكر العابر للوطن، والتي تستقطب وتخدع بأسلوبها الماكر وبخبثها تارة وبآلة الارهاب الاغتيال والتصفية تارة أخرى،&أبناء المناطق المحررة المتواجدين فيها، رغم قناعتي بحتمية زوالها وزوال أفكارها نظراً لوعي الشعب لايديولوجيتها الهدامة".

وأوضح أن هناك رغبة لدى روسيا الاتحادية للاسراع بحل الأزمة السياسية واثبات صوابية موقفها من الازمة السورية، بدليل الحديث "عن مؤتمر في الأستانة، لم تظهر بعد تفاصيله، ودوافع هذه الرغبة هي احباطها من قدرة تنظيم داعش على اعادة احتلال تدمر، والغضب العالمي على سياساتها الذي تجلى بمظاهرات حاشدة في العديد من عواصم ومدن العالم، وخشيتها من صراع قادم مع حليفتها ايران داخل سوريا، تضارب مشروعها مع المشروع الروسي، وتململ الحكومة الاسرائيلية من تمدد ايران في سوريا، بالاضافة الى قرب استلام ادارة أميركية تعادي ايران تمددها".&

ولذلك تمنى أن تستغل دول أصدقاء سوريا الصادقة في البحث عن سبيل لايقاف هذه المقتلة السورية هواجس روسيا واقناعها بضرورة البدء بخارطة طريق تحقق طموحات الشعب السوري المشروعة في الحرية وتقديم كل المجرمين الى المحاكمة العادلة.

وأمام هذا الواقع واللقاءات الدولية العديدة بشأن الازمة السورية، والتي يغيب عنها السوريون، &قال شبيب: "لابد من مراجعة صريحة وبناءة من قبل النخب السياسية السورية والعمل على افشال الخطة الايرانية بإغراق المنطقة بحرب طائفية يكون وقودها أوطاننا واهلنا من العرب السنة والشيعة ثأراً لعرش كسرى وخرافاتهم. ".

المشتركات الوطنية بين السوريين

ودعا الى "ضرورة عقد مؤتمر وطني سوري، يشارك فيه الجميع دون استثناء، يرتكز على المشتركات الوطنية بين السوريين ونظرتهم لمستقبل البلد بعيداً عن النظام وشياطينه وبعيدًا عن الاستقطابات السياسية الداخلية الدولية والاقليمية. يخرج عن المؤتمر برنامج عمل سياسي وطني واضح محدد الأهداف والعمل &من أجل الخلاص من الديكتاتورية الأسدية، ومحاربة وطرد كل الأفكار والتنظيمات الارهابية، والعمل ضمن منظومة قانونية وخدمية واقتصادية وأمنية وعسكرية قادرة على استيعاب وتسخير كل الطاقات في سبيل المشروع. ويجب ان تعمل كل البنادق الموجودة من أجل تحقيق هذا البرنامج، بندقية تخضع للرقابة والمساءلة، ومحاربة كل بندقية لاتحمل هوية تحررية وطنية. وهنا لابد من التركيز على الاستفادة وتعزيز الرأي العام العالمي المناصر للثورة والمستنكر لمذبحته".&

وشدد على أن الانسانية لا تتجزأ، فالثائر "لا يحاصر المدنيين ولا يعتقلهم، ولا يسرق، وأي حصار تفرضه قوى تدعي محاربة النظام ولكنها تخلق ظروف انتصاره بشكل غير مباشر ( القاعدة) أو احتجاز أي مدني هو عمل مدان وغير وطني، ولن تنجح محاولات النظام تسليط الضوء عليه كما حصل البارحة من تفاوض على اجلاء مسلحين من كفريا والفوعه ليقول للعالم انه يتقاسم الجريمة والحصار مع قوى الطرف الآخر، وعلى سبيل المثال تمثيلية حرق الباصات" .&

وأوضح شبيب أنه ربما كانت مفاوضة النظام مجدية قبل عام، أما اليوم فقراره مرهون بمصالح روسيا الاتحادية وايران، وربما بانتظار أن يتحدث الرئيس الاميركي الجديد عن تصوره للحل في سوريا. وأهم ما كان يجب على الهيئة العليا للتفاوض عمله وربما كان المناخ مواتياً هو "السعي من أجل تخفيف مستوى العنف في سبيل تخفيف معاناة الناس والاستفادة من عودة الحراك السلمي في حرب التحرير. والعمل على ملف المعتقلين المنسيين. أما اليوم وبعد أن انتشى النظام بالانتصارات الوهمية ربما يرى أنه ليس مضطراً للتنازل للمعارضة عن أكثر من عدة وزارات في حكومة وحدة وطنية ويقبض الثمن عودة شرعيته الدولية وبدء الاعمار، متجاهلاً الحال المعاشي الصعب في ظل عوز المناطق التي تحت سيطرته للكهرباء وامان والماء، هذه المناطق التي تعيث فيها الميليشيات المحلية والمستوردة فساداً وقتلا وتنكيلاً وتعذيباً واعتقالاً".

وعلى الارض فعليًا أكد أن "النظام لم ينتصر ولن ينتصر فهو سقط منذ أول صيحة حرية صدح بها الثوار في ساحات العز والكرامة. ولكن كانت كما أسلفت فإن المعارضة فشلت في إدارة الأزمة قانونياً وشعبياً وتنظيمياً ووطنياً ".

ولكن اليوم ورغم الصورة القاتمة رأى" أن الظروف مواتية للعمل بشكل منظم إن استثمرنا ذلك، حيث عادت روح الثورة للشعب السوري الحر الكريم الذي حرق سفنه وسيسير في طريق تحقيق أهداف الثورة حتى النهاية".