لندن: هل سيكون العالم أفضل إذا تسلمت النساء مقدراته؟ هذا ما تعتقده الناشطة النسوية لينا آغ التي تقود منذ سنوات مؤسسة في السويد تعمل مع النساء في مناطق مزقتها الحروب مثل فلسطين وصربيا.

وما اكتشفته المؤسسة خلال عملها لم يكن مفاجئاً. إذ تعلن آغ "ان المرأة في البلدان المأزومة برغماتية جدا في الحقيقة حين يتعلق الأمر بحل النزاعات، فهي تركز على ما يجب عمله حقاً وليس البكاء على الأطلال". &

وقالت آغ في حديث مع موقع لوكال الاخباري انها شهدت ذلك مباشرة في عام 1993 عندما أدى تفكك يوغسلافيا الى حرب أهلية رهيبة كان الاغتصاب المنهجي يمارس فيها كوسيلة للتطهير العرقي. ولعل أكثر من 50 الف امرأة وقعن ضحية هذه الممارسة، ولكن لا أحد يعرف الرقم الحقيقي. &

وكانت آغ وسويديات أُخريات غادرن بلدهن للانضمام الى متطوعين من انحاء العالم.

واتضح ان العناية الصحية بالنساء اللواتي تعرضن الى مثل هذه الاعتداءات تكاد تكون معدومة.

وتحرك الفريق السويدي على الفور لجمع تبرعات في السويد لتمويل عيادات صحية متنقلة وغيرها من المتطلبات العاجلة.

وانبثقت من انقاض الخراب مؤسسة فريدة لحقوق المرأة مقرها في ستوكهولم حيث تعمل آغ سكرتيرتها العامة منذ عام 2007.

وتطورت مؤسسة "من المرأة الى المرأة" الى أقوى منظمة نسوية من نوعها تكافح العنف على أساس الجنس وتدافع عن حقوق المرأة ومساواتها.

تعمل مؤسسة "من المرأة الى المرأة" الآن في 17 بلدا بميزانية حجمها 15 مليون دولار.

وهي واحدة من عدة منظمات تمثل السياسة الخارجية النسوية السويدية.

وتقول وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم "ان الحد من العنف ضد المرأة أولوية عليا وفي الوقت نفسه زيادة مشاركة المرأة السياسية".

فلسطين نموذجاً

من الأمثلة على ذلك فلسطين، حيث يعمل فرع "من المرأة الى المرأة" في احد احياء القدس الشرقية بقيادة ماغنيا مارينوسدوتير التي تقول "ان الاحتلال الاسرائيلي يقيد حصول المرأة على خدمات أساسية مثل التعليم والنشاط السياسي".

كما تشير مارينوسدوتير الى التمييز على أساس الجنس قائلة ان العنف ضد المرأة لم يُجرَّم بقانون حتى الآن، وان الموضوع حساس في فلسطين حيث ما زالت هناك "ظروف مخففة" لجرائم القتل غسلا للعار. &

ويركز عمل مؤسسة "من المرأة الى المرأة" في فلسطين على تشجيع مشاركة المرأة في السياسة المحلية وضمان حقوقها الانسانية ، بما في ذلك حقها في الميراث.

ويعمل الفريق مع منظمات محلية في مهمة شاقة هي تغيير المواقف المترسخة.

ومن اهداف المنظمة مساعدة النساء من ضحايا الاغتصاب وغيره من اشكال العنف.

الزواج القسري

تأتي مساعدة اللاجئين السوريين على رأس مهمات "من المرأة الى المرأة" في مناطق النزاع.

فكثيرا ما تتعرض النساء المهجرات والنازحات الى الاعتداء والزواج القسري بعد الوصول الى بلدان مجاورة.

وتلقت اللاجئة دارين زين العابدين خلال هروبها من سوريا الى طرابلس مساعدة كبيرة من المنظمة اللبنانية التي تتعاون مع مؤسسة "من المرأة الى المرأة".

وكانت دارين محظوظة. فمصير كثيرات غيرها كان التعرض الى اهوال في الطريق.

في ستوكهولم تقول لينا آغ ان المؤسسة وكوادرها البالغ عددهم 99 شخصاً يعملون على مستويات متعددة، من النشاط الدولي الى دعم المبادرات المحلية على مستوى القاعدة.

وتشير آغ الى عمل المؤسسة في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث المرأة اولى ضحايا الحرب المستمرة هناك ، وقالت ان ثلثي النساء الكونغوليات يتعرضن الى شكل من اشكال العنف الجسدي في زمن حياتهن.

من الحلول البديهية لهذه القضايا زيادة دور المرأة في السياسة.

واقامت مؤسسة "من المرأة الى المرأة" ورشة عمل حول هذا الموضوع فيما اطلقت منظمات غير حكومية أخرى حملة اسفرت عن تشريع قانون جديد في الكونغو من اجل المساواة بين الجنسين.

ما هي المرأة؟

تحدثت لينا آغ خلال المقابلة مع موقع لوكال عن طبيعة المرأة ناقلة عن القائدة النسوية والفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار قولها "ان الانسان لا يولد امرأة بل يصبح امرأة". ومن الكليشيهات القديمة القول بأن "عمل المرأة لا ينتهي ابداً". &

وعمل مؤسسة "من المرأة الى المرأة" في البلقان يتواصل بلا هوادة منذ انتهاء الحرب في عام 1995. &وتقول مايا ستايتشيتش رئيسة فرع المؤسسة في بلغراد ان الحد من العنف على اساس الجنس ما زال هدفا رئيسا. فالاحصاءات تكشف عن الواقع المرير الذي تعيشه المرأة الصربية، بما في ذلك ان كثيرا من النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب ويبلغن الشرطة يُقتلن لاحقاً على ايدي افراد عائلاتهن.

وشددت ستايتشيتش على دور الاعلام قائلة انه "يتناول هذه القضية ولكن التغطية ما زالت غير كافية".

نواقيس انذار في اميركا

واجهت مؤسسة "من المرأة الى المرأة" خلال سنوات عملها مصاعب وكانت احياناً تُمنى بانتكاسات. فالفساد مشكلة عالمية ولا مكان له في المنظمات التي تتعاون مع المؤسسة في بلدان اخرى.

وفي العراق الذي تمزقه الصراعات هددت منظمات متطرفة بقتل المدافعين عن حقوق المرأة.

وهناك الولايات المتحدة ايضا. فهي ليست جمهورية الكونغو الديمقراطية أو فلسطين أو العراق ولكن انتخاب دونالد ترامب قرع نواقيس انذار بين المنظمات النسوية وقياداتها في انحاء العالم.&

واعربت لينا آغ عن قلقها الشديد قائلة لموقع لوكال "ان الرجال الذين يمارسون السياسة على اساس النزعة القومية العدوانية والشعبوية يمسكون الآن مقاليد السلطة في اكبر دولتين نوويتين في العالم. وهذا أمر مخيف".

وتأمل آغ بظهور حركة نسوية جديدة وتحالفات تقدمية في الولايات المتحدة داعية النساء في انحاء العالم الى دعم "مسيرة المرأة الى واشنطن" في 21 يناير، بعد يوم على تنصيب ترامب.

وستكون السويد نفسها موضع اهتمام مؤسسة "من المرأة الى المرأة" التي تركَّز عملها حتى الآن على مناطق النزاع. إذ ستُطلق في العام المقبل مبادرة جديدة تسعى الى تمكين اللاجئات الشابات اللواتي اصبحت السويد بلدهن الجديد.

اعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن موقع "لوكال". الأصل منشور على الرابط التالي
http://www.thelocal.se/20161222/swedens-feminist-foreign-policy-would-the-world-be-better-if-women-ran-the-show