قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قوات الأمن في وزارة الداخلية المصرية داهمت الزنازين، وأصابت مئات المعتقلين السياسيين في سجن برج العرب في الإسكندرية، خلال الأسبوع الذي بدأ في 13 نوفمبر 2016.&

إيلاف من القاهرة: وقعت الهجمات إبان احتجاج السجناء على الظروف السيئة والمعاملة المهينة. على النائب العام أن يأمر بتحقيق فوري وشفاف في الأحداث، وأن يحاسب العناصر والضباط المسؤولين عن الانتهاكات.

لمحاسبة المتورطين
قال أهالي المعتقلين ومحاموهم إن "حراس السجن هاجموا السجناء في الزنازين بالهراوات والعصي والغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل الحارق للعيون، ما أدى إلى حروق وكسور. ويبدو أن أحد السجناء أصيب بصدمة دماغية، أدت إلى فقدانه الذاكرة". وقال محامون إن السجناء يعتقدون أن قوات الأمن المركزي في وزارة الداخلية ساعدت على شن الهجوم.

قال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بدلًا من التحقيق في شكاوى المعاملة المسيئة والظروف السيئة، هاجمت السلطات المصرية السجناء وضربتهم. السلطات المصرية مسؤولة عن سلامة كل من تحتجزهم وعليها واجب التحقيق، إذا تسبب مسؤولو السجن أو الأمن في إلحاق ضرر بهم ومحاسبة المسؤولين".

بعد الهجوم، وعلى مدار 3 أيام تقريبًا، نقلت إدارة السجن 250 سجينًا على الأقل – بينهم بعض المصابين – إلى 3 سجون أخرى: المنيا وجمصة ووادي النطرون، وهي جميعًا سجون بعيدة عن الأسكندرية، الأمر الذي يعتبره السجناء والأهالي عقابًا.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى شقيقة سجين ووالد 3 سجناء آخرين ومحامين يمثلون 10 سجناء ومحامية هي أيضًا ناشطة حقوقية بارزة من الأسكندرية، كما إطلعت على كتابات لأهالي سجناء عدة آخرين تعرّضوا للضرب، على "فايسبوك".&

دون الإنسانية
قال الأهالي إن السلطات رمت متعلقات السجناء، ومنها أوعية للطعام ومستلزمات للنظافة الشخصية وملابس وأدوية، ثم نقلتهم مع عشرات السجناء الآخرين على دفعات إلى سجون أخرى. قيّدت إدارة السجن السجناء بالأصفاد، وعصبت أعينهم في زنازينهم، قبل وضعهم جبرًا في سيارات الترحيل. قال الأهالي والمحامون لـ "هيومن رايتس ووتش" إن قوات الأمن ضربت السجناء عندما وفدوا على سجني جمصة والمنيا.

لم تُصدر وزارة الداخلية أو مكتب النائب العام أي بيانات حول الأحداث، ولم يرد النائب العام على رسالة بتاريخ 16 ديسمبر الجاري، من هيومن رايتس ووتش لطلب معلومات.

زعم الأهالي أن الهجمات بدأت بعد رفض السجناء معاملة السلطات المهينة، لا سيما السجناء الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام. قال الأقارب إن الزوار في 13 نوفمبر ذكروا سماعهم أعيرة نارية وانفجارات في السجن، وكذلك ترديد هتافات وضوضاء وصخب من الداخل. تجمع الأهالي خارج السجن في الأيام التالية، على حد قولهم. نشر أهالي السجناء مقاطع فيديو على فايسبوك يومي 14 و15 نوفمبر الماضي، تُظهر تجمع الأهالي خارج السجن وطلبهم مقابلة أقاربهم، فيما حاول آخرون منع سيارات الترحيلات التي تقل السجناء من التحرك.

حد إفقاد الذاكرة
قال أهالي تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش – وقال آخرون على فايسبوك – إن أقاربهم المسجونين أمدوهم باسم لواء الداخلية، الذي قالوا إنه أشرف على ضرب السجناء ونقلهم.

قال الأهالي إنهم عندما تمكنوا من مقابلة أقاربهم في السجون الجديدة، وجدوهم يرتدون ثيابًا مهلهلة ومصابين بكدمات ودلائل أخرى على الضرب، وحروق. قال أب إن ابنه معاذ صالح لم يتمكن من التعرف إلى أي من أفراد الأسرة عندما زاروه، وبدا أنه يعاني من فقدان الذاكرة. قدمت أسرة صالح طلبًا بفحص ابنهم على يد أطباء من الطب الشرعي في وزارة العدل، لكن تجاهلت النيابة الطلب على حد قولهم.

تابع الأهالي أيضًا إن مسؤولي الأمن في السجون الثلاثة الجديدة خالفوا اللوائح الخاصة بحقوق الزيارة، إذ حدوا من أوقات الزيارة بحيث أصبحت لا تزيد على 5 دقائق، وجعلوهم يقابلون السجناء بلا خصوصية، مع وجود سلك شائك يفصل بينهم. المفترض أن تدوم الزيارات العائلية ساعة على الأقل، بحسب لوائح السجون المصرية المعدلة في 2014.

قال محاميان واثنان من الأقارب والناشطة الحقوقية الأسكندرية ماهينور المصري إن عددًا كبيرًا من الأهالي قدموا شكاوى جماعية بشأن الاعتداءات إلى النيابة. قال المحامون إن النيابة لم تقر رسميًا باستقبال الشكاوى، وتدعو الأهل إلى تقديم شهاداتهم إلا بعدما تجمع عشرات الأهالي أمام محكمة المنشية في الإسكندرية.

ضباط متورطون
قالت شقيقة أحد السجناء إن وكيل النيابة الذي قابلها رفض في البداية أن يكتب أسماء الضباط الذين ادّعت أنهم متورطون في الضرب الجماعي، وهم أيضًا من مباحث سجن برج العرب. وبعدما أصرّت – على حد قولها – كتب وكيل النيابة الأسماء. إطلعت هيومن رايتس ووتش على الشكاوى المقدمة للنيابة، وفيها ذكر الأقارب أسماء ضباط، قالوا إنهم تورطوا في الهجمات.

قال المحامون إن النيابة زارت سجن برج العرب مرتين بعد أسبوع تقريبًا من الأحداث لسؤال السجناء عمّا حدث، لكنّ المحامين لا يعرفون أية خطوات إضافية من النيابة لفتح تحقيقات. أضاف المحامون إن وكلاء النيابة لم يزوروا أياً من مئات السجناء المنقولين إلى سجون أخرى بعد الهجوم. أشاروا أيضًا إلى أنهم لا يعرفون باستدعاء النيابة أي ضباط للاستجواب.

أوضح المحامون أن النيابة رفضت أو تجاهلت طلبات من السجناء بالخضوع لفحص الطب الشرعي في وزارة العدل. الفحوصات الطبية الفورية لا غنى عنها في حالات الزعم بالتعرّض لانتهاكات، من أجل حفظ الأدلة الطبية الجنائية.&

رفض المقابلات
قال محمد حافظ، من المحامين، إن السلطات رفضت منحه هو أو أي محام آخر حق مقابلة السجناء الذين نقلوا إلى مستشفى سجن برج العرب. وأصدرت هيومن رايتس ووتش في سبتمبر الماضي تقريرًا من 80 صفحة، وثقت فيه الانتهاكات المنهجية بحق السجناء في سجن العقرب في القاهرة، بما يشمل بعض الانتهاكات، التي يُرجح أن ترقى إلى مصاف التعذيب. كما يوثق التقرير عدم كفاية آليات الرقابة على السجن، فضلًا عن قوانين السجون التي بها مشكلات وثغرات تيسر الانتهاكات والإفلات من العقاب.

قال ستورك: "عندما لا يتحرك المسؤولون عن التحقيق في الانتهاكات، في مواجهة هذا الكم الكبير من الشكاوى، فهذا يُعزز فكرتنا عن مدى ضآلة معنى سيادة القانون في مصر الآن".
&