بيروت: نالت الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري الاربعاء ثقة البرلمان غداة تخطيها الملفات الخلافية بين مكوناتها الرئيسية في بيانها الوزاري، في اطار التسوية السياسية ذاتها التي اثمرت انتخاب رئيس وتشكيل الحكومة بعد عامين ونصف من الفراغ.

ومنح 87 نائبًا من اصل 92 حضروا الى المجلس النيابي الاربعاء الثقة لحكومة الحريري بعد عشرة ايام من تشكيلها، وهي الحكومة الاولى في عهد الرئيس اللبناني ميشال عون الذي انتخب في 31 اكتوبر بموجب تسوية سياسية انهت شغورًا رئاسيًا استمر لاكثر من عامين ونصف العام، وانعكس شللاً على مؤسسات الدولة كافة.

ويأتي نيل الحكومة ثقة كافة الكتل السياسية الكبرى، وبينها حزب الله، الحليف الابرز للنظام السوري، استكمالاً للتسوية ذاتها التي اثمرت ايضا تكليف الحريري تشكيل الحكومة في 3 نوفمبر، وتسهيل ولادتها في 18 ديسمبر.

ويحدد البيان الوزاري التوجهات الرئيسية لخطة عمل الحكومة في الاشهر المقبلة، ويحدد موقفها من الملفات الخلافية الرئيسية على الساحة اللبنانية، وابرزها النزاع السوري و"حق مقاومة" اسرائيل والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي تنظر في قضية اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في بيروت في 14 فبراير 2005.

ويؤكد البيان الوزاري الذي تم انجازه واقراره في سرعة قياسية مقارنة مع الحكومات السابقة، في ما يتعلق بالصراع مع اسرائيل على "اننا لن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من اراضٍ لبنانية محتلة.. مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الاراضي المحتلة".

ويتمسك حزب الله الشيعي الذي يمتلك ترسانة ضخمة من السلاح، بثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة"، ويقدم نفسه كحركة "مقاومة" ضد اسرائيل قبل كل شيء. ويقاتل الحزب منذ العام 2013، بشكل علني الى جانب قوات النظام في سوريا.

وفي ما يتعلق بالحرب المستمرة في سوريا المجاورة، شدد البيان الوزاري على "ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية" مؤكدًا التزام الحكومة بمواصلة العمل مع المجتمع الدولي "لمواجهة اعباء النزوح السوري واحترام المواثيق الدولية".&

كما طالب المجتمع الدولي ان "يتحمل مسؤولياته" بعدما بات لبنان البلد الصغير ذات الامكانيات الاقتصادية الهشة، يئن تحت عبء استقبال اكثر من مليون نازح سوري.

من جهة أخرى، اكد البيان الوزاري عزم الحكومة على ان "تتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت مبدئيًا لاحقاق الحق والعدالة بعيدًا عن أي تسييس أو انتقام" في قضية اغتيال رفيق الحريري.

وانشئت المحكمة الخاصة بلبنان في العام 2009، لكن حزب الله رفض أي تعاون معها معتبرًا انها "اداة اسرائيلية اميركية لاستهدافه"، ورفض تسليمها المتهمين الذين صدرت بحقهم في العام 2011 مذكرات توقيف دولية، نافيًا أي علاقة له بالاعتداء.

وقال الحريري في كلمة مقتضبة الاربعاء بعد نيل حكومته الثقة في البرلمان، "هناك إيجابية في البلد وهناك تعاون، لأن القوى السياسية وصلت إلى مكان اكتشفت فيه أنه لا يمكننا أن نتقدم في هذا البلد ما لم يكن هناك توافق". واضاف: "قررنا أن نسير سويًا لمصلحة الناس".

وتضم حكومة الحريري الثلاثينية ممثلين عن غالبية القوى السياسية غير المتجانسة باستثناء حزب الكتائب الذي حجب الثقة عن الحكومة. وحدد الحريري اولويات حكومته وهي وضع قانون انتخاب جديد واجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها في مايو المقبل، بعدما مدد المجلس الحالي لنفسه مرتين منذ انتخابه في العام 2009.
&