إيلاف من الرياض: أكد مختصون أن ترشيد الانفاق وتغيير الثقافة الاستهلاكية يعتبران من أبرز التحديات التي ستواجه الأسر السعودية خلال العام 2017، مطالبين بوجود مبادرات اجتماعية واقتصادية تساهم في توعية المجتمع وتثقيفه بأنجع الطرق والوسائل المساعدة على الترشيد وتعزيز ثقافة الاستهلاك المقنن، لا سيما مع تعوّد المجتمع على الكثير من سلوكيات البذخ والكماليات الزائدة.

وينتظر أن تنعكس السياسة الترشيدية التي اعلنت الحكومة السعودية عن البدء بها مطلع العام 2017، على كثير من سلوكيات الاستهلاك والكماليات الزائدة في المجتمع، حيث اطلقت الحكومة برنامج التوازن المالي الهادف إلى تحقيق ميزانية متوازنة تهدف الى تحسين الإنفاق و إلغاء الإعانات غير الموجهة، وتمكين المواطنين من الاستهلاك بمسؤولية، يرافقها ارتفاع في أسعار الطاقة لتصل إلى الأسعار العالمية بحلول 2020.

&

القروض الشخصية تهدد الاسر الصغيرة

&

من الفوضى الى الترشيد

الباحث الاجتماعي، عادل صالح، أوضح أن الكثير من البيوت في السعودية، تعيش حالة محبطة من الفوضى الاستهلاكية، وانتقالها فجأة وبدون مقدمات من هذه الفوضى الى مفهوم التقشف والترشيد في المصاريف يعتبر تحديًا كبيرًا لا يمكن ان تواجهه بمفردها، مشيرًا في حديثه لـ"إيلاف" الى أن ارباب الاسر بحاجة ماسة الى مقدمات تثقيفية وتوعية من خلال وسائل الإعلام، ومؤسسات المجتمع حول أنجع وسائل الترشيد.

وقال الصالح، إن ترشيد الانفاق أو شد الاحزمة، هو تعبير اقتصادي اجتماعي، يركز على الفرق بين ما تحتاجه العائلة كمستهلك وما تشتهيه، بمعنى التميّز عن الشراء بين ما الحاجة الاساسية والشيء التكميلي، مؤكدًا أن سياسة شد الاحزمة هي سياسة عالمية تقوم بها جميع دول العالم، وتشتد الحاجة لها كلما دخلت اقتصادات الدول منعطفات ترشيدية بسبب الضغط على السيولة.

محدودو الدخل

من جهته، قال المحلل الاقتصادي محمد برعي، انه من الواقع العملي عندما ينخفض راتب&الموظف، فان مصروفاته لا تنخفض مباشرة، بل تأخذ وقتاً أطول، حيث انه قد تكون لديه أقساط لم تكتمل ومصاريف ضرورية لا يمكن الغاؤها، مشيرًا في حديثه لـ"إيلاف" الى أن بعض الأسر لن تتمكن من الترشيد نتيجة ضعف دخلها الذي بالكاد يسد احتياجاتها الضرورية، ولذلك فهي بحاجة للدعم، وهذا وضع طبيعي، هو السبب الذي تم لأجله انشاء "حساب المواطن".

وأوضح برعي، أن الكثير من أفراد المجتمع كانوا غارقين في مظاهر الرفاهية، مؤكدًا ان المجتمع كان بحاجة لمثل هذه الصدمة، والتي سوف تساهم في اعادة النظر وتقييم الصرف بشكل عام، سواء على مستوى الدولة أو على مستوى الأسر والأفراد، مبينًا ان رب الاسرة لابد ان يعرف ان الإيرادات يجب أن تتحكم في المصروفات، وليس العكس، بمعنى أن نصرف بالقدر المعقول والمقبول، من دون أن نضر بالاحتياجات الأساسية، كالتعليم والصحة والسكن.

الفرق بين البخل والترشيد

الى ذلك، قال سعود الغامدي، خبير اقتصادي، إن ثقافة الترشيد تبدأ بالابتعاد عن القروض حيث ان تأثيرها كبير ومضر على الأسر الصغيرة، لا سيما ان هناك عائلات تقترض من أجل السفر والرفاهية، مؤكدًا في حديثه لـ"إيلاف" أن المستهلك المبتكر يستطيع إيجاد البدائل لسد احتياجاته لتكون متوافقة مع ميزانيته، وأضاف "غرس مفهوم الترشيد لابد ان يبدأ من الصغر ومن الخطأ أن يعطى الطالب الصغير مبلغاً أكبر من حاجته أثناء ذهابه للمدرسة".

وقال الغامدي، إن التبذير أثناء الأزمات الاقتصادية مؤشر على عدم وعي الأسرة، مشددًا على ضرورة التفريق بين البخل والترشيد، حيث ان البخل هو التقصير في الاحتياجات الأساسية، والترشيد هو الانفاق بعقلانية من خلال تحقيق الوسطية، بحيث يكون رب الاسرة على وعي باحتياجاته الأساسية والكمالية، ليصرف ميزانيتها طبقاً للأولويات من غير إسراف، مشددًا على ضرورة وأهمية قيام مؤسسات المجتمع بدور تثقيفي، لاسيما ان العديد من ارباب الاسر ليسوا على معرفة بكيفية مواجهة الأزمات الاقتصادية للتكيّف معها.
&
&