تتربع شركة غوغل العملاقة على عرش البحث الإلكتروني بلا منازع، وقد تحولت في السنوات الأخيرة إلى حاجة لا بد منها في مجال المعرفة واستحضار المعلومات، لكن عددًا كبيرًا من الكتّاب ودور النشر مستاء منها، لا سيما بعد لجوئها إلى نسخ ملايين الكتب دون موافقة أصحابها. &
&
إعداد عبد الإله مجيد: قدمت دور نشر وخبراء في حقوق الطبع ومؤازرون آخرون مذكرة الى المحكمة العليا الاميركية يدعمون فيها دعوى نقابة المؤلفين الاميركيين على غوغل بتهمة انتهاك حقوق الطبع، فيما سيحدد قرار المحكمة في القضية طرق حماية حقوق الكتاب ومصادر رزقهم في حال صدور الحكم لصالحهم. &
&
وكانت شركة غوغل توصلت قبل أكثر من عقد الى اتفاق مع عدد من كبرى المكتبات العامة الاميركية يتيح لها انتاج نسخ رقمية من كل كتاب تملكه هذه المكتبات.&
&
وفي عام 2004 ارسلت غوغل سياراتها الى المكتبات لنقل نحو 20 مليون كتاب ونسخها كلها، سواء أكانت مشمولة بحقوق الطبع أو غير مشمولة. ولم تطلب غوغل موافقة مؤلفي هذه الكتب أو دور النشر الصادرة عنها، ولم تقدم أي تعويض مقابل استخدام نتاجاتهم، لكنها اعطت المكتبات نسخًا رقمية من الكتب التي قامت بمسحها الكترونيًا. &
&
شركة تجارية
&
هذا وقدمت نقابة المؤلفين دعوى على غوغل في عام 2005، وحين لم تربح الدعوى قررت تقديم اعتراض الى محكمة الاستئناف في نيويورك، وفي تشرين الأول (اكتوبر) قررت المحكمة ان غوغل كانت محمية بمبدأ الاستخدام النزيه حين نسخت الكتب لأسباب منها ان غوغل لم تنسخ إلا نماذج محدودة من مواد متاحة للجمهور، واصفة ذلك بأنه "عملية تحويلية". &
&
ولكن مراقبين يرون ان غوغل شركة تجارية اساسًا، وان هذا الكم الهائل من الكتب المتاحة على محرك البحث العملاق هو أحد اسباب تفوق الشركة وارباحها، كما ان غوغل استخدمت هذه النصوص، دون موافقة اصحابها أو تعويضهم، لأغراضها الخاصة. ومن هذه الأغراض عمليات داخلية خفية، مثل إغناء قاعدتها البيانية اللغوية للترجمة والبحث والاحالة واستخراج المعلومات وتطوير البرمجيات وسوى ذلك من الاستعمالات غير المعروفة الى جانب المعروفة.&
&
وتستخدم غوغل هذه المواد استخدامًا تجاريًا واضحًا، لكنها تدعي ان خدمتها للبحث عن الكتب مصلحة عامة ولا يتعين على الشركة ان تدفع شيئًا الى اصحاب هذه الكتب.&
&
تعويضات
&
والجدير بالملاحظة ان عائدات غوغل بلغت نحو 75 مليار دولار في عام 2015، في حين ان المداخيل السنوية للكتّاب ذوي الخبرة التي تمتد 15 عاما أو أكثر هبطت بنسبة 67 في المئة منذ عام 2009، كما أظهر استطلاع بين الكتّاب والمؤلفين. وهذا يعني ان غالبيتهم يعيشون تحت مستوى الفقر إذا اكتفوا بما يحققونه من كتاباتهم. &
&
وكتبت الروائية روكسانا روبنسون في صحيفة وول ستريت جورنال ان الأدباء "يوفرون الأساس الفكري" للثقافة الاميركية، وان المجتمع "يحتاج الى عملهم &وأفكارهم واصواتهم ولا يمكن السماح لشركات تكنولوجية عملاقة بمصادرة عملهم دون تعويض لمجرد ان هذه الشركات العملاقة قادرة على مصادرته، وليس من المقبول ان تدعي واحدة من أغنى الشركات في العالم انها لا ترى ضرورة لدفع تعويض عن محتوى يقوم بدور حاسم في نجاحها المالي".&
&
ولم تنظر المحكمة العليا الاميركية في دعوى تتعلق بحقوق الطبع منذ عام 1994، في حين ان المحاكم الأدنى درجة استندت الى تطبيق مفاهيم قديمة على حقائق جديدة لمصلحة الشركات التكنولوجية الغنية على حساب المبدعين الذين يكافحون من أجل لقمة العيش. وعدا عن الجانب القانوني فان هذه قضية اخلاقية، وكما سيبين البحث على غوغل فان "الحضارة تعتمد على الأخلاق".&

&