كسرت النساء منذ عام 1916 هيمنة الرجل على علم الفلك، وذلك عبر سلسلة من المحطات المفصلية التي أثبتت عبرها القدرة على الابتكار والمقارعة الخلاّقة في هذا المجال، وقد بدأت مع منح زمالة الجمعية الملكية الفلكية لأربع نساء، رصدت اثنتان منهما النيازك التي تتساقط على الأرض.
&
إعداد عبد الاله مجيد: فيما كانت القنابل تنهمر على لندن خلال الحرب العالمية الأولى، كانت العالمتان "فيامينتا ولسون" و "غريس كوك" ترصدان النيازك التي تضيء السماء أثناء سقوطها على الأرض، وتحفظان سجلات للنيازك في ميدان طالما كان حكرًا على الرجال.&
&
وكانت "ولسون" و "كوك" من بين أول اربع نساء مُنحنّ زمالة الجمعية الملكية الفلكية عام 1916، وقد شكل ذلك محطة مهمة على طريق قبول المرأة في هذا المجال العلمي.
&
&
انجاز مهم
&
إلى ذلك، قالت الدكتورة ماندي بيلي، عضو الجمعية الفلكية الملكية، إن "ولسون" و "كوك" اخذتا على عاتقهما رصد النيازك، فيما كان زملاؤهن يقاتلون في الحرب.
&
ونقلت "بي بي سي" عن "بيلي" قولها إن "ولسون" رصدت بين عامي 1910 و1920 نحو 10 آلاف نيزك، وحسبت بدقة مسارات زهاء 650 نيزكًا منها، "وما هذا بالانجاز البسيط"، على حد قولها، فقد كانت "ولسون" تراقب السماء 5 أو 6 ساعات حين لم تكن فيها إلا نجوم قليلة مرئية وسط الغيوم، وكثيرًا ما كان صبرها يُكافأ باكتشاف نيازك مشتعلة تندفع صوب الأرض.
&
بعد وفاة "ولسون"، كتبت "كوك" أن تفاني زميلتها من أجل العلم أسفر عن اتهامها بالتجسس للالمان خلال الحرب، وقالت: "فيما كانت مناطيد المانيا تلقي القنابل على الحي، رصدت ولسون السماء بهدوء في عدة مناسبات، ورغم أن الشظايا المتساقطة جعلت الوضع شديد الخطورة، لكنها تمكنت من إعداد سجلات جيدة".
&
&
هزة اجتماعية
&
وقد فتحت "ولسون" و "كوك" الباب أمام نساء من شرائح المجتمع المختلفة لدراسة علم الفلك والتفوق فيه، ففي القرن التاسع عشر منحت الجمعية الملكية الفلكية زمالة فخرية للعالمتين كارولين هيرشل وماري سومرفيل، لكنها رفضت قبول الفلكيات اعضاء كاملات العضوية فيها، قائلة إن ميثاقها لا يصف العضو إلا بضمير الغائب "هو".
&
ولم يحدث تغيير في هذا الموقف من المرأة إلا بعد الهزة الاجتماعية الناجمة عن الحرب العالمية الثانية، وانطلاق حركة اجتماعية قوية من اجل مساواة المرأة. وبعد 100 عام على تلك المرحلة، شهدت نسبة النساء في علم الفلك زيادة كبيرة. وبحسب أحدث الأرقام المتوافرة من الجمعية الفلكية الملكية، تشكل النساء 7 في المئة من اساتذة علم الفلك، و 28 في المئة من المحاضرين.
&
ونقلت "بي بي سي" عن كلير ماكلافلن، مسؤولة التوعية والتنوع والتواصل في الجمعية الملكية قولها: "تمثيل النساء&لا يزال قاصرًا، خصوصًا على المستويات العليا، لكنه تمثيل يزداد قوة في كل عام"، واضافت: "هناك حملة كبيرة لتشجيع الفتيات على دراسة الفيزياء، لا سيما بتقديم قدوات من النساء في مجال العلوم".
&
كما لاحظت ماكلافلن أن نساء 1916 كنّ معروفات في الأوساط الفلكية، لكن ليس بين الجمهور الأوسع، وقالت إن هؤلاء النساء واصلن المحاولة إلى أن كسبن الرأي العام تدريجيًا ولم يستسلمن قط.

&