في زيارة هي الأولى لملك سعودي إلى الأزهر، يستقبل الشيخ أحمد الطيب الملك سلمان بن عبد العزيز في مشيخة الأزهر، كما سيزور العاهل السعودي جامع الأزهر، لتفقد أعمال الترميم التي تجرى فيه حاليًا، بناءً على توصية الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز.

القاهرة: رحب علماء الأزهر الشريف بالزيارة التي تعد الأولى لملك من ملوك السعودية لمشيخة الأزهر الشريف، والصلاة بجامع الأزهر، مؤكدين عمق العلاقات التي تربط الأزهر والمملكة العربية السعودية عبر العصور، وأن الأزهر جامعًا وجامعةً يقدر الدعم المادي والمعنوي الذي يقدمه الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين له، وتحمل المملكة بالكامل عملية ترميم جامعة الأزهر، هذا ومن المنتظر أن يتناول اللقاء المنتظر بين الشيخ أحمد الطيب والعاهل السعودي الجهود في تطوير الخطاب الديني ومواجهة الأفكار المتشددة التي تصدر عن الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش.
 
وتقديرًا من الأزهر لدور السعودية في دعم التعليم الأزهري فقد قدمت جامعة الأزهر في حفل عالمي شهادة "العالميَّة" الدكتوراه الفخرية للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، في العلوم الإنسانية؛ تقديرًا لمواقفه النبيلة للعالم وللشعب المصري خاصة بعد ثورة 30 يونيو.
 
تعاون مثمر
 
وتعطي المملكة العربية السعودية اهتمامًا خاصًا بالأزهر الشريف على مر العصور، فكان قد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله أمرًا ملكيًا بترميم الجامع الأزهر، بعد أن كانت تركيا قد تكفلت بإعادة ترميمه وفرشه في عام 2012، إلا أن اندلاع ثورة 30 يونيو أوقفت العمل في الجامع، ليصدر العاهل السعودي أمرًا بترميمه، وتتولى شركة "بن لادن" عملية التجديد للمسجد، انطلاقًا من ترميم الواجهات الحجرية الخارجية والداخلية، وترميم الزخارف الإسلامية والنقوش والأسقف، والنوافذ الخشبية والمشربيات، ومآذن الجامع، وترميم وإعادة تأهيل أرضيات الجامع، والتي ستكون بنفس الأرضيات المستخدمة في الحرم المكي، وأعمال الإضاءة الخارجية والداخلية، وأعمال مقاومة الحريق، وأعمال النقل التلفزيوني، وتأهيل السور الخارجي، وإعادة تنسيق الموقع الخارجي، والدعم السعودي للأزهر شمل أيضًا تكلفة تنفيذ العديد من المشروعات من بينها: إعادة إنشاء مبنى قناة الأزهر بجوار المشيخة على مساحة 17 ألف متر وستحتوى على 4 استوديوهات، الأول على مساحة 600 متر، والثاني على مساحة 400 متر، والثالث بانوراما على مساحة 120 مترًا، والرابع صوتيات على مساحة 50 مترًا، بالإضافة إلى غرف تغيير الملابس والمونتاج ومكاتب الإدارة وصالونات الضيوف وخدمات إلكتروميكانيكة وموقف للسيارات، كما سيتم تطوير مطبعة المصحف عن طريق تزويدها بماكينة ويب ووحدة إنتاج الألواح الطباعية وضبط الألوان، بالإضافة إلى ماكينة طباعة شيت مسطح، وماكينات قص وتطبيق وطي ، حيث تبلغ طاقة طباعة المصحف 75 ألف مصحف شهريًا بما يعادل 900 ألف سنويًا، بالإضافة إلى ماكينة طباعة الويب متوسط 25000 ملزمة في الساعة بدلًا من 4 آلاف ملزمة حاليًا.
 
كما تتضمن المنح السعودية لجامعة الأزهر إنشاء كليات للطب والصيدلة وتوسعة كلية البنات بالأقصر ، بالإضافة إلى تأهيل مطابخ المدن الجامعية بنين وبنات بمدينة نصر ، كما سيتم التوسع في إنشاءات مدينة البعوث الإسلامية الحالية بالدراسة، فسيتم رفع كفاءتها بإنشاء 7 مبانٍ سكنية بطاقة استيعابية قدرها 1750 بدلًا من 420 طالبًا، وإنشاء مبنى خدمات متعدد الاستخدامات، وتحسين شبكات المياه القائمة،وكانت المملكة العربية السعودية قد تبرعت بثمانين مليون جنيه لتطوير المدن الجامعية في الأزهر عام 2013.
 
علاقة مميزة 
 
من جانبه قال عباس شومان وكيل الأزهر: "إن زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، للأزهر تؤكد العلاقات المتميزة بين الأزهر الشريف والمملكة العربية السعودية، وبين علماء جامعة الأزهر الشريف، وجامعات المملكة، وهو دليل قوي على الارتباط الوثيق بينهما"، وتابع: "التعاون بين الأزهر والسعودية عبر التاريخ بوجود العديد من المشاريع التي يقوم بها الجانب السعودي مثل ترميم الجامع الأزهر الشريف، وإنشاء مبانٍ خاصة للطلبة الوافدين، وإنشاء العديد من الكليات الجديدة في جامعة الأزهر الشريف"، مشيرًا إلى أن المملكة سوف تقدم خلال الزيارة بعض المنح المالية للأزهر، وسيتم الاستفادة منها بتطوير بعض المساجد، ودور العبادة في مصر، وتنمية وتطوير التعليم.
 
وأكد شومان أن زيارة خادم الحرمين الشريفين للأزهر، تدل على تقديره لهذه المؤسسة العريقة ودوره العلمي والدعوي في خدمة الإسلام، والزيارة ستكون مثمرةً وبدايةً لوحدةٍ عربيةٍ إسلاميةٍ تحقق مصالح الدول العربية، حيث سيتناول لقاء الملك سلمان والإمام الطيب شيخ الأزهر توحيد الفتاوى الدينية بين البلدين من أجل مواجهة الأفكار المتشددة التي تستغلها الجماعات الإرهابية في استقطاب الشباب، وذلك عن طريق تجديد الخطاب الديني ، كما سيتناول اللقاء جهود الأزهر في هذه الشأن.
 
ترحيب رسمي 
 
هذا وقد حرصت دار الإفتاء المصرية على الترحيب بزيارة خادم الحرمين الشريفين للقاهرة، حيث أكد شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة، لها أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية ودينية، خصوصًا بعد تولي السعودية زمام قيادة العرب والمسلمين ودعمهما الدائم للحرب على الإرهاب الدموي، أو الأفكار الإرهابية المتطرفة، وأن التعاون بين البلدين نتاج الضميرالأخوي بين السيسي وسلمان اللذين نجدهما متكاتفين من أجل خدمة العرب ، والزيارة بمثابة "زفة ببشارات الخير لتقوية التعاون بين البلدين".
 
وأوضح مفتي الجمهورية في بيان صادرعن دار الإفتاء أن المؤسسات الدينية بين مصر والسعودية وقعت اتفاقية منذ فترة بينهما للقضاء على التطرف الفكري، ودائمًا تجد الدار المساندة الفعالة من القيادات السعودية في خطاها كافة؛ وذلك "للقضاء على الخلافات الفقهية ، ووضع المسائل الصحيحة التي تخدم الدين فقط بعيدًا عن التشدد المذهبي والعرقي، والخروج بخطاب ديني وسطي يخدم مبادئ الإسلام السمحة، وهذا الشيء ليس بجديد على الجانبين، فعلاقة مصر والسعودية قائمة بإرادة الله تعالى وقوته".