القاهرة: طغى ملف حقوق الانسان على مستهل زيارة الرئيس الفرنسي للقاهرة على خلفية اتهام نظام الرئيس المصري بقمع المعارضة، وفي حين اكد فرنسوا هولاند أن احترام هذه الحقوق هو "وسيلة لمكافحة الارهاب" ربط عبد الفتاح السيسي هذه القضية بالظروف الاقليمية منددًا بـ"قوى شر تسعى الى هدم مصر".

وقال هولاند في مؤتمر صحافي مشترك مع السيسي إن مكافحة الارهاب "تفترض حزمًا ولكن ايضًا دولة، دولة قانون، هذا ما تقصده فرنسا حين تتحدث عن حقوق الانسان. حقوق الانسان ليست اكراهًا، انها ايضًا وسيلة لمكافحة الارهاب".

واكد ايضًا أن "حقوق الانسان هي حرية الصحافة. حرية التعبير. ان يكون هناك نظام قضائي قادر على الاجابة على جميع الاسئلة المطروحة".

الا أن الرئيس المصري بدا منزعجًا من اسئلة الصحافيين الفرنسيين عن هذا الموضوع، واذ اشار الى أن الرئيس الفرنسي تناول معه مسألة حقوق الانسان خلال اجتماعهما، قال مخاطبًا نظيره إن "المنطقة التي نعيش فيها منطقة مضطربة جدًا".

واضاف "لا يمكن للمعايير الاوروبية (وهي) في اعلى مستويات التقدم والحضارة في كافة المناحي أن ينظر لها في الظروف التي تمر بها دول المنطقة ومن ضمنها مصر".

واشار السيسي الى أن حقوق الانسان تشمل ايضًا "الحق في التعليم والعلاج والسكن".

وعشية الزيارة، دان الاتحاد الدولي لحقوق الانسان ومنظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش "الصمت المدوي" لفرنسا ازاء "خطورة القمع الذي تتعرض له منظمات المجتمع المدني والزيادة الهائلة في ممارسة التعذيب فضلاً عن الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والعنف (...) غير المسبوق في تاريخ مصر الحديث".

ومنذ اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، شنت السلطات المصرية حملة قمع واسعة ضد جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها قتل فيها اكثر من 1400 شخص، كما جرى توقيف آلاف آخرين.&

وشملت حملة القمع بعدها الناشطين الشباب من الحركات الداعية الى الديموقراطية، والذين ايدوا الاطاحة بمرسي قبل ان يعارضوا حكم السيسي.

"نتعرض لقوى شر"

وسئل السيسي عن قضية الطالب الايطالي جوليو ريجيني الذي اختفى في مصر ثم عثر على جثته وعليها آثار تعذيب في القاهرة، الامر الذي دفع روما الى استدعاء سفيرها من القاهرة، فدافع بشدة عن موقف بلاده، معتبرًا أن الحديث عن تجاوزات في سجل حقوق الانسان في عهده هو من صنع "قوى الشر التي تريد هدم مصر".

وقال السيسي "نحن نتعرض لقوى شر تسعى بكل قوتها أن تهدم مصر وتعطي انطباعًا غير حقيقي عمّا يحدث في مصر".

ويشتبه المسؤولون الايطاليون في أن يكون عناصر في اجهزة الامن المصرية قد خطفوا ريجيني طالب الدكتوراه في جامعة كامبريدج البريطانية، وعذبوه حتى الموت، الامر الذي تنفيه الحكومة المصرية بشدة.

واعتبر السيسي أن "ما يحدث في مصر هو محاولة لتحطيم مؤسسات الدولة، مؤسسة مؤسسة. اليوم يتم إلصاق التهم بالشرطة لإسقاطها ثم القضاء ثم البرلمان".

واضاف: "لو سقطت هذه الدولة، انتم لا تعرفون ما الذي سيحدث &للمنطقة واوروبا".&

وكان هولاند وصل بعد ظهر الاحد الى القاهرة في زيارة دولة تستمر يومين لتأكيد دعمه لنظيره المصري وليبحث ايضًا ملفات سياسية وأخرى تجارية، منها توقيع اتفاقية لتمويل خط مترو ثالث في القاهرة بقيمة 1,2 مليار يورو.

وتندرج هذه الزيارة في اطار جولة في المنطقة للرئيس الفرنسي بدأها في لبنان ويختتمها في الاردن.

ويرافق هولاند وفد كبير يضم نحو ثلاثين من رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى، وكذلك رؤساء شركات صغيرة ومتوسطة سيشاركون في "منتدى الاعمال" المصري-الفرنسي، ويحضرون توقيع اتفاقات في قطاعات مختلفة وخصوصًا في مجالات النقل والطاقة المتجددة والتدريب المهني.

وتأمل مصر بعقد صفقات استثمار لتنشيط اقتصادها المتداعي بفعل تراجع عائدات السياحة وانحسار الاستثمارات الاجنبية منذ اطاحة الرئيس الاسبق حسني مبارك في العام 2011.&

ووقع مسؤولو البلدين الاحد نحو 18 اتفاقًا ومذكرة تفاهم في مجالات النقل والطاقة والكهرباء، من بينها اتفاق لايصال الغاز للمنازل بقيمة 68 مليون يورو واتفاق لإنشاء محطات لتوليد الطاقة من الرياح بقيمة 50 مليون يورو.&

محاربة "الجهاديين"

وفي اول زيارة دولة يقوم بها هولاند للقاهرة، ستركز المحادثات السياسية على النزاع العربي-الاسرائيلي والحرب في سوريا والوضع المتوتر في ليبيا ومكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.

ويشن الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية الذي يسمي نفسه "ولاية سيناء" حربًا شرسة على قوات الامن المصري قتل فيها مئات الجنود وعناصر الشرطة.

واعلن هذا التنظيم مسؤوليته عن اسقاط طائرة ركاب روسية فوق سيناء في اليوم الاخير من شهر تشرين الاول/اكتوبر الفائت، قتل فيها 224 شخصًا كانوا على متنها.

ويروج السيسي لمصر كركن رئيسي في الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي تقود الولايات المتحدة تحالفاً دولياً ضده في العراق وسوريا.

كذلك، تعد مصر سوقًا رئيسية لفرنسا خصوصًا في مجال الاسلحة، حيث كثف البلدان تعاونهما العسكري بعقد صفقات باهظة.&

وفي شباط/فبراير 2015، كانت مصر اول مشترٍ لطائرات رافال الفرنسية.

واشترت مصر 24 مقاتلة من نوع رافال في عقد قيمته 5,2 مليارات يورو. وتسلمت مصر ست مقاتلات رافال بالاضافة الى فرقاطة متعددة المهام من نوع "فريم" منذ ذلك الحين.

وفي تشرين الاول/اكتوبر 2015، اتفقت مصر على شراء سفينتين حربيتين من طراز ميسترال من مجموعة "دي سي ان اس" بعد شهرين من تراجع فرنسا عن بيع السفينتين لروسيا بسبب العقوبات المفروضة عليها جراء النزاع في اوكرانيا.

وبداية اذار/مارس الفائت، أجرى الجيش المصري مناورات عسكرية بحرية وجوية مشتركة مع قوات الجيش الفرنسي على السواحل المصرية تحت اسم "رمسيس 2016" شاركت فيها قطع عسكرية اشترتها القاهرة من باريس ابرزها مقاتلات رافال والفرقاطة فريم.