أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن طرح مبادرة جديدة للتصالح مع الدولة، حيث بدأ محمود عزت، نائب المرشد العام، وضع خطة أطلق عليها "المسارات الثلاثة "، وهي: المصالحة، وهيكلة الجماعة، وتصعيد مكاتب إدارية جديدة.

القاهرة: وفقًا لبيانات جماعة الإخوان، فقد كلف نائب المرشد العام الأمين العام للجماعة، محمود حسين، بفتح قنوات اتصال مع عدد من القوى السياسية والشخصيات العامة؛ للبدء في حوار مع الدولة، يتضمن أولًا: الإفراج عن المعتقلين الموافقين على الاتفاقات التي ستتم والتحفظ على من يرفضها، ثانيًا: تخفيف الأحكام عن الموافقين على الوثيقة، ثالثًا: منع الجماعة من العمل السياسي والدعوي لمدة ٧ سنوات تعود بعدها للدعوة ثم للسياسة تدريجيًا من خلال الدولة، على أن تخضع القيادات المفرج عنها للمراقبة، والابتعاد تمامًا عن العمل العام.

وتأكيدًا لتنفيذ تلك المبادرة من جانب الجماعة، صرحت مصادر إخوانية في مصر بأن محمد بديع مرشد الإخوان ومحمد البلتاجي القيادي البارز في الجماعة وقادة من حزب الحرية والعدالة المنحل قد أعلنوا من داخل محبسهم عن الاستعداد بالاعتراف بثورة 30يونيو، وما تتبعها من تداعيات سياسية، من أبرزها عزل محمد مرسي، كما أعلنوا عن استعدادهم لتقديم الاعتذار للدولة عمّا بدر منهم من عنف عقب الثورة خلال الفترة الماضية، في مقابل فتح صفحة جديدة وتنفيذ المبادرة ذات "المسارات الثلاثة" سابقة الذكر.

إصلاحات داخلية 

وشهدت جماعة الإخوان تحركًا قويًا من جانب فريق المحافظين بالجماعة بقيادة محمود عزت، نائب المرشد العام ، حيث أصدر العديد من القرارات الهامة من أبرزها: انتخاب لجنة جديدة موقتة لتسيير الأعمال وثلاث لجان أخرى، الأولى: لتقديم مشروع رؤية جديدة لمجلس الشورى العام، والثانية: لاستكمال انتخابات الهيئات الشورية والإدارية، والثالثة: لاستكمال التحقيقات مع فصل ٢٤٠ من معارضيه بالجماعة كبداية للتوافق السياسي للمرحلة المقبلة. 

كما ستعمل اللجنة الجديدة التي شكلها "عزت"، وفقًا لتصريحات قيادات الجماعة لوسائل الإعلام ، على تجميع ما تبقى من مجالس شورى منتهية الولاية بالمحافظات، وتصعيد أفراد جدد للانضمام إليها بآلية يتم التوافق عليها لاستكمال نصابها اللائحي، والإطاحة بـ١٤ مكتبًا إداريًا (إجمالي المكاتب التي تختلف كليًا أو جزئيًا، مع قرارات "عزت" وتطالب بالانتخابات)، ومطالبة مجالس شورى المحافظات المنتهية ولايتها بتعيين مكاتب إدارية بديلة.

جهود قوية

من جانبه، أكد الدكتور عبد السلام النويري الخبير السياسي، أن هناك تخبطًا واضحًا داخل تنظيم الإخوان وخاصة بين قيادات الجماعة والشباب، حيث يسعى محمود عزت، نائب المرشد العام إلى السعي بشدة للوصول لحلول سياسية لأزمات الجماعة مع الدولة، وفي هذا الإطار فليس هناك مانع لديهم من طرح مبادرة صلح تتضمن البنود سابقة الذكر، فقيادات الإخوان بالسجون وبالخارج تدرك جيدًا أن عودة الإخوان للعمل السياسي أمر مستحيل حدوثه حاليًا في ظل رفض شعبي، وبالتالي فإن الجماعة تسعى لتحقيق بعض المكاسب السياسية مع الدولة.

وقال النويري ﻠ"إيلاف": "إن المشكلة التي تواجه مساعي قيادات الإخوان نحو التصالح مع الدولة، حالة الرفض التي يقودها بعض شباب الجماعة داخل مصر مما كانت سببًا مباشرًا في إصدار محمود عزت، نائب المرشد، بعض القرارات الخاصة بإعادة هيكلة الجماعة، وتصعيد مكاتب إدارية جديدة".

مشيرًا إلى أن الفترة الماضية شهدت لقاءات سرية بين قيادات الجماعة وشخصيات سياسية بالداخل والخارج من أجل لعب دور الوساطة لطرح مبادرة "المسارات الثلاثة " على الدولة، واستنباط رد فعل النظام المصري تجاه تلك المبادرة.

أمر مستبعد 

في الوقت نفسه يرى الدكتور محمد منصور الخبير السياسي، أن المصالحة بين الإخوان والدولة في الوقت الحالي أو على المدى القريب أمر مستبعد الحدوث، في ظل حالة الرفض الشعبي لهذا الأمر، بجانب أن النظام السياسي الحالي غير مستعد تمامًا لإتمام أي مصالحة مع جماعة الإخوان في ظل استمرار العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة في سيناء.

وقال الخبير السياسي ﻠ"إيلاف":" إن الإفراج عن قيادات الجماعة الإسلامية لا يعني ذلك استعدادًا للمصالحة مع الإخوان، فالنظام السياسي المصري استطاع إقناع الجماعة الإسلامية بالتخلي عن مساندة الإخوان، وهذا بدا واضحًا في البيانات الصادرة عن قيادات الجماعة الإسلامية التي أفرج عنهم مؤخرًا وقيامهم بمهاجمة الإخوان ".

مشيرًا إلى أن الجماعة الإسلامية قد يكون لها دور بارز في فتح حوار مع الجماعات الإرهابية في سيناء، والحث على وقف العنف ضد الجيش والشرطة، وقد يكون هذا السبب الرئيسي في عقد مصالحة مع الجماعات الإسلامية ،أما بالنسبة للإخوان فالأمر مختلف كثيرًا، والمصالحة مع الدولة لن تتحقق قريبًا حتى لو قدمت الإخوان اعتذارات رسمية عمّا بدر منها عقب ثورة يونيو، وإن كان هذا الأمر أيضًا مستبعدًا تقديمه من جانبهم بشكل رسمي .