تناولت القمة الأردنية ـ الفرنسية التي عقدت في عمّان يوم الثلاثاء جهود محاربة الإرهاب وعصاباته، ومستجدات الأزمة السورية، وتطورات الأوضاع في عدد من دول المنطقة، وجهود إحياء مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية.


نصر المجالي: عقد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي كان وصل الى عمان محطته الثالثة في جولته للمنطقة، اجتماعا في قصر الحسينية، حيث اكدت المحادثات متانة علاقات الصداقة والتعاون التي تجمع البلدين، وأهمية تعزيز التشاور والتنسيق والتعاون بينهما في كل ما من شأنه خدمة مصالحهما وشعبيها الصديقين.

خطوة مهمة&

واعتبر العاهل الأردني أن زيارة هولاند تشكل خطوة مهمة في سبيل تعزيز العلاقات الوثيقة بين بلدينا، والتي هي راسخة وتاريخية، ليس في المجال السياسي فحسب، بل أيضا في جوانب التعاون الاقتصادي والعسكري والأمني.

وأضاف: "لقد واجهنا جميعا تحديات كبيرة في الحرب على الإرهاب والخوارج. وقد ساندنا أصدقاءنا في فرنسا لما تعرضت له من اعتداءات، وسوف نستمر في التضامن مع أصدقائنا الفرنسيين في مواجهة الإرهاب".

وأكد العاهل الأردني أن "منطقة الشرق الأوسط تشهد تحديات كبيرة، لكننا وفي كل مرة، نرى فرنسا تمارس دورا قياديا مميزا. وإن مواصلتنا تنسيق مواقفنا حيال مختلف الأمور يثبت دفء ومتانة العلاقات بين بلدينا".

وقال "إنني أتطلع إلى المحادثات، التي سنجريها معكم هنا، وأغتنم هذه الفرصة لأرحب بكم من جديد في الأردن، مقدرا دعمكم لبلدنا في مواجهة تحدي تدفق اللاجئين السوريين، إضافة إلى التحديات الاقتصادية".

كلمة هولاند

ومن جهته، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن "الأردن وفرنسا بلدان صديقان، وهذا هو الدافع الأساسي لزيارتنا لكم اليوم. إننا ندرك ما يواجهه بلدكم في هذه المنطقة من تحديات، وهي ليست وهمية، بل حقيقة ونراها واقعا".

وأضاف "إننا نتعاون في الجانب العسكري، وهو تعاون مميز حقا. ولسوف أزور القوات الجوية الفرنسية، الموجودة هنا، المساهمة في الحرب على عصابة داعش الإرهابية، وهي مهمة ما كان بإمكاننا تنفيذها دون دعمكم وشراكتكم".

وأكد الرئيس الفرنسي تفهم بلاده لأعباء اللاجئين السوريين الواقعة على كاهل الأردن، مشددا على أن الأردن قدم "جميع أشكال المساندة لهم، ولا يزال اللاجئون يفدون إليكم من سوريا، هاربين من القتل والدمار في مناطق عديدة، ومنها الرقة وتدمر".

وأضاف "إنكم في موقف تجدون فيه أن عليكم تقديم كل المساعدة الممكنة لهؤلاء اللاجئين، ولكن في الوقت نفسه، عليكم أن تتنبهوا لعدم تسلل عناصر إرهابية بين هؤلاء اللاجئين".

وأعرب عن تقدير بلاده لتضامن الأردن مع فرنسا عندما تعرضت باريس لهجمات إرهابية، وقال "في الحادي عشر من كانون الثاني، كنتم معنا، إلى جانب زعماء العالم، في مسيرة التضامن العالمي مع فرنسا وشعبها".

المفاوضات السورية

كما أكد هولاند أهمية إيجاد حلول سياسية لمختلف التحديات، وقال "لقد جئت اليوم من مصر، حيث ناقشنا تطورات الوضع في ليبيا، ونحن في الأردن الآن، مدركون تماما أهمية مباحثات جنيف، ومن المقلق للغاية أن نرى المفاوضات وقد أجلت هناك، ما يعني أن الهدنة قد تخرق بين لحظة وأخرى، وهذا يعني بدء القتال والقصف الجوي من جديد، ما سيزيد من معاناة المدنيين وويلات أخرى بفعل هذه الحرب، وبالتالي يضيع الأمل. وعليه، فإن علينا فعلا إيجاد حلول سياسية، وهذا هو أحد أسباب وجودي بينكم اليوم".

وفي ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي بين الأردن وفرنسا، أكد الرئيس الفرنسي أهمية "تشجيع الشركات الفرنسية على القدوم والاستثمار في الأردن، حيث بإمكانها أن تقدم عونا كبيرا لكم، خصوصا في مجال حل مشاكل المياه، على سبيل المثال".

وخلال جلسة المباحثات الموسعة، أكد العاهل الأردني وضيفه الفرنسي على ضرورة بذل المزيد من الجهود في سبيل إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واشار الملك عبدالله الثاني في هذا السياق، إلى أهمية الدور الذي تؤديه فرنسا، في محيطها الأوروبي والعالمي، لدعم هذه الجهود.

تعاون عسكري واقتصادي

كما جرى بحث التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، خصوصا العسكرية والدفاعية منها، وأعرب العاهل الأردني في هذا الإطار عن تقدير الأردن للدعم الذي تقدمه فرنسا للمملكة، ولا سيما دعم قدراتها في محاربة الإرهاب والتصدي لعصاباته المتطرفة.

وأكد الرئيس الفرنسي من جانبه، مواقف فرنسا الداعمة للأردن في المجالات الاقتصادية، خصوصا في ما يتصل بتسهيل قواعد المنشأ لغايات التصدير إلى دول الاتحاد الأوروبي، ودعمها لتنفيذ قرارات مؤتمر لندن للمانحين المتعلقة بدعم الدول المستضيفة للاجئين السوريين، وفي مقدمها&المملكة.

كما عبر عن إدراك بلاده الكامل للتحديات التي تواجهها المملكة جراء الأزمات الإقليمية، مشيدا، في هذا الإطار، بالجهود المقدرة والكبيرة التي يبذلها الأردن ولبنان في سبيل تقديم الخدمات للاجئين السوريين، رغم ما تشكله أزمة اللجوء من ضغوط على البنية التحتية وقطاعات خدمية واقتصادية عدة.

وحول تطورات الأوضاع في سوريا، تطابقت وجهات النظر بين الزعيمين حيال بذل المزيد من الجهود للتوصل إلى حل سياسي للأزمة هناك، ووضع حد لمعاناة الشعب السوري الناتجة عنها.

اتفاقيات

وشهد الملك عبدالله الثاني والرئيس الفرنسي توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين، والتي من شأنها تعزيز التعاون في قطاعات المياه وإدارتها، والزراعة، والقضاء، والطاقة المتجددة.

وجرى توقيع مذكرة تفاهم ثالثة بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية والوكالة الفرنسية للإنماء للأعوام (2016- 2018)، وقعها وزير التخطيط والتعاون الدولي، عماد فاخوري، ونائب المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية، جاك موانفيل، والسفير الفرنسي في عمان ديفيد بيرتولوتي.

ووقعت مذكرة تفاهم بين وزارة التخطيط والتعاون الدولي وشركة إيجس الفرنسية لإعداد مشروع برنامج فاقد المياه وإدارة الأصول في محافظات الشمال في الأردن، التي وقعها عن الجانب الأردني وزير التخطيط والتعاون الدولي، وعن الجانب الفرنسي الرئيس التنفيذي للشركة، نيكولاس جاشيت، وأمين عام وزارة المالية الفرنسية الدكتور توماس شتيفن.

وجرى توقيع ملحق لبروتوكول التعاون، الذي وقع في 4 أيار (مايو) 2009 بين وزارتي العدل في البلدين، وقعه عن الجانب الأردني وزير العدل بسام التلهوني، وعن الجانب الفرنسي السفير الفرنسي، ديفيد بيرتولوتي.

ووقعت أيضا اتفاقية إعادة تأكيد الشراكة بين أورانج الأردن، وشركة نووين، وكاتاليست وميلينيوم إنرجي اندستريز، وقعها الرئيس التنفيذي لشركة أورانج الأردن، جيروم هاينك، والرئيس التنفيذي لشركة نووين، إيفيير باربارو، وعن شركتي كاتاليست وميلينيوم إنرجي اندستريز، أنس الريماوي.

كما تم، على هامش الزيارة، توقيع رسالة نوايا متبادلة بين حكومتي المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية الفرنسية في القطاع الزراعي، والتي وقعها وزير الزراعة، عاكف الزعبي، والسفير الفرنسي في عمان، هذا بالإضافة إلى توقيع رسالة نوايا لاتفاقية تقديم الدعم الفني لوحدة مشاريع الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في وزارة المالية، التي وقعها أمين عام وزارة المالية، عزالدين كناكرية والمدير العام لخبراء فرنسا، بيرتراند باربي.

مفتاح عمان

وجرى بحضور العاهل الأردني تسليم رئيس الجمهورية الفرنسية، فرانسوا هولاند، "مفتاح عمان"، تأكيدا للعلاقات الراسخة التي تجمع الأردن وفرنسا، وتعزيزا لعلاقات الصداقة التي تربط بينهما.

ويمثل "مفتاح عمان"، الذي سلمه أمين عمان، دلالة رمزية على الهوية التاريخية والتراثية والسياحية المميزة للعاصمة عمان.

ويجمع تصميم المفتاح، الذي صدر قرار اعتماده من لجنة أمانة العاصمة العام 1965، بين الأعمدة الرومانية وكلمة عمان مكتوبة بالخط الكوفي، والتاج الذي يمثل المدرج الروماني.

وحضر المباحثات وتوقيع الاتفاقيات: رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومستشار االملك رئيس هيئة الأركان المشتركة، ومستشار الملك لشؤون الأمن القومي مدير المخابرات العامة، ومدير مكتب الملك، ومستشار الملك مقرر مجلس السياسات الوطني، ووزير التخطيط والتعاون الدولي، رئيس بعثة الشرف المرافقة لرئيس الجمهورية الفرنسية، ووزير الدولة لشؤون الإعلام والسفير الأردني في باريس، ومحافظ العاصمة.

وحضرها عن الجانب الفرنسي وزير الدفاع وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة الفرنسية، والسفير الفرنسي في عمان.