يحتفل العالم بأسره اليوم بذكرى مرور 4 قرون على رحيل أشهر الأدباء والمسرحيين الذين مروا على التاريخ ففي وقت تفتح بريطانيا، مسقط رأسه، مدرسته وصفه اللذين تعلم فيهما أمام الزوار إضافة إلى الكنيسة التي دفن فيها، فعاليات عدة قامت أو ستقام في دول غربية وعربية عدة تكريمًا لشخصية استثنائية.

لندن: شهر أبريل (نيسان) 2016 هو شهر الاحتفالات بلا منازع في بريطانيا، ففيه أكملت الملكة إليزابيث عامها التسعين، وتنافست وسائل الإعلام والمحال والمقاهي وغيرها على الكتابة وعرض كل ما يتعلق بالملكة. وفي منافسة مع عيد الملكة يبرز الاحتفال بمرور 400 عام على وفاة شاعر بريطانيا الأشهر ويليام شكسبير الذي يوافق اليوم 23 نيسان (أبريل). وامتد برنامج الاحتفال بشكسبير أشهرا طويلة مع برنامج حافل من فرقة رويال شكسبير المسرحية في مسقط رأس الكاتب ستراتفورد أبون آفون، إلى جانب فعاليات متعددة أخرى من أبرزها معرض «شكسبير في عشرة فصول» الذي يقام في المكتبة البريطانية ويستمر حتى 6 سبتمبر (أيلول) المقبل.

جعبة المكتبة البريطانية
المكتبة البريطانية فتحت خزائنها وأرشيفها لتخرج منها 200 قطعة تروي من خلالها قصة تحول شكسبير إلى أسطورة المسرح البريطاني و«الشاعر الملحمي» الأبرز عبر إلقاء الضوء على 10 مسرحيات عرضت على خشبات المسارح العالمية. ويقول منظمو المعرض إن تلك العروض ليست بالضرورة الأشهر، ولكنها تحمل أهمية خاصة في التاريخ وفي ترسيخ مكانة الكاتب، وتشمل أول عرض لمسرحية «هاملت» على خشبة&مسرح «غلوب» في عام 1600 وصولاً إلى تناول حديث ومعتمد على التكنولوجيا الرقمية للمسرحية نفسها من الفرقة الأميركية «ذا ووستر غروب» في عام 2013.

من ضمن المعروضات هناك جمجمة تحمل أشعارا محفورة أهداها الكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو للممثلة سارة برنار، واستخدمتها بدورها عندما قامت بتمثيل دور «هاملت» في عام 1899. ومن القطع المهمة أيًضا الفستان الذي ارتدته الممثلة فيفيان لي خلال أدائها دور ليدي ماكبث في عام 1955.&
ويضم المعرض أيضا&نسخة من حوار مسرحية «هاملت» الذي استعان به ممثلون قاموا بالدور مثل بيتر أوتول ومايكل ريدغريف وديريك جاكوبي وهي الآن من مقتنيات الممثل كينيث براناه. ومرورًا بالسنوات الأخيرة يقدم المعرض ملابس ارتداها الممثل مارك ريلانس أثناء أدائه دور أوليفيا في مسرحية «الليلة الثانية عشرة» في عام 2012. من بين القطع الفريدة أيضًا إعلانات عن مسرحيات تكشف عن صعود نجم أول ممثل أسود يقوم بدور البطولة في مسرحية «عطيل» على المسرح الإنكليزي.

لكن القطعة الأهم في المعروضات قد تكمن في خزائن المكتبة البريطانية وأخرجتها للعرض هي النسخة الوحيدة لمخطوطة بخط شكسبير، أيضًا نسخة نادرة من الأعمال الكاملة وأيضا نسخة من مسرحية «هاملت» نشرت عام 1603، وهي واحدة من نسختين في العالم. وفي تعليق على أهمية المعرض يقول كبير أمناء المعرض زو ويلكوكس: «من الصعب جدًا إعطاء تاريخ شكسبير حقه من التقدير على مدى 400 عام مضت. نحن لا ننظر إلى شكسبير الرجل أو أشهر مسرحياته، بل نركز على أبرز 10 عروض لأعماله، التي تقول لنا شيئًا عن الطريقة التي يعاد بها دائمًا تقديم مسرحياته عبر العصور».

فتح مدرسته ومدفنه
في ستراتفورد أبون آفون مدرسة شكسبير تحتفل بالمناسبة تحولت المدينة الشهيرة إلى قاعة احتفالات كبرى، واستعدادًا لليوم الذي سيشهد تدفق الزوار، تم فتح الفصل الدراسي الذي تلقى فيه شكسبير تعليمه للزوار، والمدرسة بدورها ستتزين، وتعد برنامًجا للاحتفال، يضم معرضًا للصور ومسيرة تنطلق منها وحتى الكنيسة التي دفن فيها لوضع إكليل من الزهور هناك.

في المدرسة التي تعود الى القرن الخامس عشر، ولم تتوقف عن العمل منذ ذلك الوقت، أجريت عمليات ترميم وإصلاحات بعدما حصلت على منحة من الحكومة بلغت 1.8 مليون جنيه. ومن خلال الترميمات تم اكتشاف بعض الرسومات الحائطية الأثرية، فالغرفة كانت تستخدم للصلاة، وتبدو بعض الرسومات الدينية على الحائط لتدل على مكان المحراب.

استحضار الحقبة
في غرفة خصصت للطلبة الأوائل عرضت طاولات خشبية استخدمها الطلاب وحفروا أسماءهم عليها. ومن المعروف أن الفصل كان فيه 40 طالبًا يجلسون على طاولات خشبية وأمامهم وعلى كرسي ضخم من الخشب كان يجلس المدرس، وتحت الكرسي يضع بعض ثمار التفاح لمنحها للطلاب المجتهدين.

واليوم ستكون المدرسة على أهبة الاستعداد لاستقبال الزوار، فسيكون هناك عاملون يرتدون الملابس التاريخية، وسيقرع الجرس ويدعى الحاضرون للجلوس على المكاتب الخشبية العتيقة ليشعروا بالجو نفسه الذي عاش فيه شكسبير. كما سيعرض فيلم أعد بشكل خاص للاحتفال يصور يوم دراسي في العصر التيودوري.

احتفالات الغرب
بدورها قررت دول من حول العالم الاحتفال بمرور المئوية الرابعة على وفاة الكاتب المسرحي والأديب الشهير وليام شكسبير (1564-1616م)، بشكل غير تقليدي هذه المرة.

فاحتفلت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية بهذه المناسبة بمقال كبير تساءلت فيه عن السر وراء الاهتمام بالاحتفاء بأدب شكسبير أكثر من غيره من أدباء العالم.

جاء في المقال: “إن 400 عام على وفاة شكسبير، تؤكد أن مسرحياته وما نُثر فيها من حِكَم لم تقتصر على عصر معين وإنما هي لكل العصور، على حدّ تعبير الكاتب المعاصر لشكسبير، بن جونسون”.

وقررت مكتبة «فولجر شكسبير»، في مدينة واشنطن، إرسال أول كتاب مطبوع، يضم جميع مسرحيات الشاعر الإنكليزي، إلى ولاية أوكلاهوما، وذلك في بداية جولة يطوف فيها الكتاب كافة الولايات الأميركية بمناسبة مرور 400 عام على وفاته.

وذكرت الإذاعة الوطنية العامة الأميركية، على موقعها الإلكتروني، أن مكتبة «فولجر شكسبير»، أفرجت عن عدد من نسخ الكتاب النفيس، والتي تحتفظ بها في غرفة موصدة بباب مقاوم للحريق في قبو تحت الأرض، لتعريف الجمهور الأميركي بأعمال الكاتب الإنكليزي العملاق.

تمتلك المكتبة الأميركية 82 نسخة من هذا الكتاب، والذي يُعتقد أنه توجد منه 232 نسخة فقط حول العالم، وكان اثنان من أصدقاء شكسبير قاما بجمع مسرحياته في هذا الكتاب، الذي نُشِر بعد 7 سنوات من وفاته، أي عام 1623.

..وتكريمات عربية
وفي العالم العربي، هناك العديد من الفاعليات التي احتفلت بشكسبير، فهناك مهرجان "البستان للموسيقى" في لبنان، والذي احتفل في دورته الـ23، التي أقيمت في شباط/فبراير الماضي، رافعًا شعار “حلم ليلة شتاء”.

ويحقق هذا المهرجان اللبناني الوحيد، الذي يقام في الشتاء والمكرس للموسيقى الكلاسيكية أيضاً حلمه، إذ بات له أوركسترا خاصة به، تحمل اسمه أسوة بالمهرجانات العالمية. وفي تصريح لجانلوكا مارتشيانو المدير الفني للمهرجان، قال: "وليام شكسبير أحد أهم الوجوه التي طبعت تاريخ الفن والأدب".

وأصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب مسرحية "بيريكليس.. أمير صور"، لشكسبير، بعدما ترجمها الدكتور محمد عناني، أستاذ الأدب الإنكليزي بآداب جامعة القاهرة. وتعد هذه المسرحية العمل رقم 24 لشكسبير، التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهي كوميدية رومانسية، يستخدم فيها شاعر الإنجليزية الأكبر، يبعثه من القرن الرابع عشر، هو جون جاور، ليقدم الأحداث ويعلق عليها، وللمسرحية أصول تاريخية، اكتسبت أبعاداً أسطورية، ويقال إن شاعراً آخر هو ويلكنز، شارك شكسبير كتابتها.
&