مع استضافة البيت الأبيض قمة تجمع أوباما مع زعماء "دول الشمال" الخمسة لبحث تداعيات "العدوان الروسي" المزعوم، أكد الرئيس الروسي أن موسكو لن تنجر إلى سباق تسلح جديد، لكنه تعهد تعديل الإنفاق العسكري للتصدي للتهديدات الجديدة.


نصر المجالي: استقبل البيت الأبيض يوم الجمعة زعماء السويد ستيفان لوفين والدنمرك لارس لوكي راسموسن وفنلندا ساولي نينيستو والنرويج إيرنا سولبيرغ وأيسلندا سيغموندور غونلوغسون في إطار زيارة دولة تتضمن عقد قمة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ويتصدر العدوان العسكري الروسي مناقشاتها.

وستركز مباحثات أوباما مع الزعماء على قضايا الأمن العالمي الملحة بما في ذلك الأزمة في سوريا والعراق التي أدت إلى توافد المهاجرين على أوروبا.

نشاط روسيا

وقالت مصادر أميركية إنه من غير المستبعد أن يكون النشاط الروسي الاقتصادي والعسكري في المناطق القطبية في صلب اهتمام القمة، علما بأن موسكو تنفذ حاليا برنامجا طموحا لإعادة تأهيل قواعدها العسكرية في المناطق الشمالية.

كما تواصل الشركات الروسية تطويرها حقول النفط والغاز في المياه الإقليمية لروسيا في القطب الشمالي، رغم تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وأكدت مصادر في الإدارة الأميركية، حسب ( رويترز) أن الموضوع الرئيس للقمة سيتعلق بسبل "ردع العدوان الروسي المستقبلي"، واستعداد البيت الأبيض لدعم حلفائه في شمال أوروبيا وتهدئة قلقهم الذي نشأ بعد خروج القرم من قوام أوكرانيا وانضمامها إلى&روسيا في آذار (مارس) العام 2014.

وقال تشارلز كوبتشان كبير مدراء قسم الشؤون الأوروبية في إدارة أوباما، قوله: "تمثل هذه القمة وسيلة لإرسال إشارة مفادها أن الولايات المتحدة ملتزمة بضمان أمن المنطقة، ونحن سنبحث بنشاط عن خطوات جماعية يمكننا أن نقدم عليها لتحسين الوضع".

رد روسي

وتزامنا مع قمة البيت الأبيض، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، أن موسكو ستكون مضطرة للقصاء على التهديد ضد روسيا على خلفية نشر الدرع الصاروخية الأميركية في شرق أوروبا، لكنه أكد أن موسكو لن تنجر إلى سباق تسلح جديد.

وأكد أن موسكو ستعدل خططها لإعادة تسليح الجيش بما يتناسب مع مستوى الخطر. وأردف خلال اجتماع لقادة وزارة الدفاع الروسية ومؤسسات الصناعات العسكرية في منتجع سوتشي جنوب روسيا: "إننا لن ننجر إلى هذا السباق، بل سنواصل السير في طريقنا، وسنعمل بمنتهى الحذر".

تعديل خطط

وأكد بوتين أن روسيا لا تنوي تجاوز مستوى الإنفاق المخطط له على إعادة تسليح الجيش والأسطول، لكنها ستعدل خططها في هذا المجال التي أقرتها منذ سنوات عدة، من أجل وقف المخاطر الناشئة على أمن الدولة.

وجاءت تصريحات الرئيس الروسي تعليقا على تدشين أول قاعدة للدرع الصاروخية الأميركية مزودة بمنظومة "إيجيس أشور" في رومانيا، والشروع في بناء موقع عسكري مماثل في أراضي بولندا.

تضليل

ولفت الرئيس الروسي إلى أن الولايات المتحدة تستغل تأثيرها على وسائل الإعلام العالمية من أجل تضليل الرأي العام العالمي بشأن أهداف نشر الدرع الصاروخية، لكنها عاجزة عن إقناع المسؤولين العسكريين الروس بان هذه المنظومة تحمل طابعا دفاعيا بحتا.

وشدد قائلا: "ليست هذه المنظومة دفاعية على الإطلاق، بل هي جزء من القدرات الاستراتيجية النووية للولايات المتحدة نُقل إلى مناطق أخرى ، وفي هذا الحال بالذات إلى أوروبا الشرقية".

واستطرد الرئيس الروسي: "على أصحاب القرار بهذا الشأن (الذين قبلوا بعناصر من الدرع الصاروخية الأميركية في أراضيهم) أن يتذكروا أنهم عاشوا حتى اليوم بهدوء وأمان، أما الآن ، وبعد نشر عناصر الدرع الصاروخية في هذه المناطق، فإننا في روسيا سنضطر للتفكير في سبل وقف المخاطر التي تنشأ وتهدد أمن الاتحاد الروسي".

منصات بولندا

وأوضح بوتين أن منصات الإطلاق، التي من المقرر نشرها في مجمع الدرع الصاروخية في بولندا، مؤهلة لإطلاق صواريخ متوسطة وقصيرة المدى، ويمكن أن يتم نشر مثل هذه الصواريخ خلال فترة قصيرة جدا وبصورة خفية. وشدد قائلا: "ليس باستطاعتنا متابعة هذا الوضع، وهو يمثل خطرا إضافيا على أمننا".

وأضاف: "كان خروج الولايات المتحدة بشكل أحادي من اتفاقية الحد من منظومات الدفاع الصاروخي، الخطوة الأولى نحو محاولة زعزعة توازن القوى الاستراتيجي في العالم، أما هذه الخطوة (نشر عناصر الدرع الصاروخية في أوروبا) فستمثل الضربة الثانية إلى نظام الأمن الدولي، علما أنها تهيئ الظروف لخرق اتفاقية الحد من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى".&
وأضاف أن أي إنسان في كامل عقله يمكن أن يستخلص الاستنتاجات الصحيحة من كل هذه التطورات. وشدد الرئيس الروسي على أن نشر منظومة الدرع الصاروخية الأميركية مستمر على الرغم من أن إيران لم تعد تمثل أي خطر نووي.

رفض أميركي

وذكر بأن روسيا أعربت عن قلقها بهذا الشأن أكثر من مرة وعبرت عن استعدادها للتعاون مع الاميركيين في مجال الدفاع الصاروخي، لكن واشنطن رفضت كافة الاقتراحات الروسية، وهي في اتصالاتها مع الجانب الروسي تعرض ليس عملا مشتركا بل مجرد الانخراط في الحديث عن الموضوع بشكل دون بحث التفاصيل.

وفي الأخير، شدد بوتين على القول: "إنهم ينفذون كل شيء بصورة أحادية دون أخذ قلقنا في الاعتبار. وهو أمر مؤسف". وأضاف أن روسيا تبذل الجهود القصوى من أجل الحفاظ على توازن القوى الاستراتيجي الذي يعد أفضل ضامن يحول دون اندلاع نزاعات مسلحة واسعة النطاق.