منذ إطلاق ناشر ورئيس تحرير "إيلاف" مقولة إن الاعلام الالكتروني يهرول الى موت محتم، والجدل محتدم في أروقة الصحافة الالكترونية العربية، وقد تحدث عدد من رؤساء تحرير كبرى المواقع المصرية حول هذا الجدل.

إيلاف من القاهرة: بمناسبة العيد الخامس عشر لانطلاقتها، أشاد رؤساء تحرير وكتّاب مصريون بـ"مهنية ومصداقية" جريدة "إيلاف"، وأكدوا أن "إيلاف"&لا تزال تحتفظ بالصدارة في الإعلام الإلكتروني رغم انتشار الآلاف من المواقع الإخبارية الإلكترونية في العالم العربي.

واتفق غالبية رؤساء تحرير المواقع الإلكترونية التي تحدثت إليهم "إيلاف" على أن شبكات التواصل الإجتماعي والمواقع الإخبارية ليستا في منافسة، بل ترتبطان بعلاقة تكامل، مشيراً إلى أن كلتيهما لا تستغني عن الأخرى.

ريعان الشباب

ووفقاً لتصريحات رئيس تحرير جريدة وموقع فيتو، عصام كامل، فإن الإعلام الإلكتروني&لا يزال في ريعان شبابه، مشيراً إلى أن المستقبل له.

وأوضح كامل لـ"إيلاف" أن العلاقة بين المواقع الإخبارية الإلكترونية وشبكات التواصل الإجتماعي علاقة تكاملية، وليست علاقة تنافسية، مضيفاً أن المواقع الإلكترونية تكتسب أهمية &كبيرة كلما انتشرت على مساحات أوسع من شبكات مواقع التواصل الاجتماعي.

ولفت إلى أن المواقع الالكترونية يقوم عليها إعلاميون وصحافيون مدربون على كيفية المعلومات وكيفية التعامل ما يمكن أن يسمى خبراً أو مادة صحفية، بخلاف شبكات التواصل الاجتماعي التي لا يمكن الوثوق فيها كمصدر للمعلومات، كما أنها فى النهاية تعتمد فى دقة المعلومة عبر المواقع الالكترونية المحترفة.

ونبّه إلى أن المواقع الالكترونية لا يمكن أن تدير ظهرها إلى شبكات التواصل الاجتماعي، بل أنها تقوم بتدريب مجموعات من الصحافيين على التعامل مع منصات السوسيال ميديا، وفق الإجراءات الصحافية المتعارف عليها، والتأكد من صحة ودقة &المعلومات المنشورة عليها، واستخدمها كمنتج للأخبار.

وتابع: "المواقع الالكترونية تستفيد من شبكات التواصل الاجتماعي في الحصول على أعداد كبيرة من الزائرين أو القرّاء"، لافتاً إلى أن الإعلام الإلكتروني سيظل هو صاحب الكلمة واليد العليا مهما اتسعت رقعة الاستخدام البشري لشبكات التواصل الاجتماعي، والاثنان مكملان لبعضهما ولا غنى لأي منهما على الآخر".

بُعد نظر

وعن رؤيته لموقع "إيلاف" بعد مرور 15 عامًا على إطلاقه، قال كامل: "إيلاف" من المواقع الأولى التى سبقت الكثير في استخدام الوسيط الجديد بكل مفرداته، وكل القائمين عليه، ولاسيما رئيس تحريره عثمان العمير، كانوا يتمتعون ببعد النظر في قدرة هذا الوسيط على اختراق الحدود والوصول إلى أفاق أوسع بكثير جدًا عن الإعلام الورقي".

وقال كامل: "لا يزال موقع "إيلاف" من النوافذ الإلكترونية المهمة التي تحتفظ بمزايا التعامل وفق معايير مهنية ملتزمة".
&
وحسب وجهة نظر رئيس تحرير بوابة الأهرام، هشام يونس، فإنه لا صراع بين الإعلام الإلكتروني وشبكات &التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن الأخيرة أحد روافد الأولى، مضيفًا أن من مميزات شبكات التواصل الاجتماعي سرعة الانتشار.

وأوضح &يونس لـ"إيلاف" أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تهدد الإعلام الإلكتروني، ولكنها تساعده على الوصول إلى جميع المستخدمين، مستبعداً أن يحل أي منهما محل الآخر.

وأشار إلى أن الإعلام الإلكترونى يتميز بالانضباط، على العكس مما يعرف بـ "صحافة المواطن"، التي تعاني من غياب المهنية والمصداقية.

وعن رؤيته لموقع "إيلاف" بعد مرور 15 عامًا على تدشينه، قال يونس: ""إيلاف" من أول المواقع الإخبارية في مصر والعالم العربى، كما أنه يمتلك خبرات كثيرة في مجال الإعلام الإلكتروني"، مضيفًا أن "إيلاف كان ولا يزال له اسم معروف في تاريخ الصحافة الالكترونية".

لا تهديد

ويتفق رئيس تحرير "موقع مصر العربية"، عادل صبري، مع سابقيه، وقال إن الإعلام الإلكتروني ليس مهددًا من قبل مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفًا أن كل موقع يمتلك صفحات خاصة بالسوشيال ميديا.

&وأضاف صبري، لـ"إيلاف"، أنه على الرغم من أن المشاهير والمسؤولين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة المتحدث الرسمي بالنسبة لهم في التعليق على بعض الأحداث والتعبير عن آرائهم، إلا أنها لا يمكن أن تحل محل المواقع الإخبارية الالكترونية.

وأشار صبري إلى أن صحافة المواطن أصبحت حقيقة منذ سنوات ولجأت إليها الكثير من المواقع الإلكترونية، موضحًا أن صحافة المواطن ليست على القدر من المهنية على عكس الإعلام الكتروني الذي يتميز بالمهنية ويخضع لكل الضوابط، لذلك لا تمثل منافساً أو مهدداً لها.

وعن تقييمه لموقع "إيلاف" في ذكرى مولده الخامسة عشرة، قال صبري، إنه يتابع "إيلاف" منذ صدوره، كما أنه من المواقع التي حظيت بالصدارة منذ ميلاده.

ولفت إلى أن "إيلاف كان يعتمد في العشر سنوات الأولى على مخاطبة النخبة"، مشيرًا إلى أن "إيلاف" في الفترة الحالية &ابتعد عن الجمهور العادي، ما أدى إلى عدم معرفة الجيل الجديد به، وأصبح معروفًا فقط للجيل القديم"، على حد قوله.

&قارىء المواقع الإخبارية الإلكترونية هو نفسه قارىء أو متابع مواقع التواصل الإجتماعي، ولا تضاد بينهما، هكذا يرى الأديب والصحافي طارق إمام، مدير تحرير مجلة إبداع، مشيراً إلى أن صناعة الصحافة الالكترونية الآن تعتمد بشكل كبير على نشطاء السوشيال ميديا.

وأضاف لـ"إيلاف" أن بعض الموضوعات التي تبرزها مواقع التواصل الاجتماعي، تعتبر موضوعات دسمة للإعلام الإلكتروني، مشيرًا إلى أن الاثنين معاً يشكلان إعلامًا مختلفاً عن الإعلام التقليدي الذي تم التعود عليه منذ سنوات طويلة.

تنوع

وأثنى إمام على "إيلاف"، وقال: "يحسب له أولًا أنه من بواكير المواقع الإلكترونية التي دشنت هذا النوع من&الصحافة في العالم العربي"، مضيفًا أنه "مع ظهور "إيلاف" كانت هناك مواقع قليلة جدًا، ولكن كان "إيلاف" أول المواقع التي ربطت القارئ العربي بفكرة التنوع"، منوهًا بأن "الموقع يتمتع بالتنوع في تناوله من حيث السياسة والثقافة وغيرهما من المنوعات الأخرى".

وتابع: ""إيلاف" موقع معروف عنه الدقة المهنية الشديدة، ودائما يقول المعلومة الصحيحة، مما خلق ثقة بينه وبين القارىء، وهذا ما فشلت في تحقيقه في المواقع الالكترونية الأخرى".

ونوّه بأن "الميزة الأخرى التي يتمتع بها "إيلاف" هي كثرة المواد الخبرية وتنوعها، مما ساعد على استمراره بقوة والحفاظ على الصدارة".

وحسب وجهة نظر رئيس قسم الشؤون الإسرائيلية بجريدة المصري اليوم، محمد البحيري، فإن "مستقبل الصحافة الالكترونية مضطرب وسيواجه مزيدًا من التحديات، لا سيما على صعيد المصداقية، ومعايير النشر، وتعزيز الاتهام الموجه لها بأنها تزيد من سطحية القارىء".

وأوضح لـ"إيلاف" أن "مع شعارات الاخبار القصيرة، والصحافة السريعة، وعدم التدقيق، وسهولة الإصدار، باتت الصحافة الإلكترونية في مأزق، ويمكن التيقن من ذلك، عبر حصر عدد المواقع الالكترونية، ورصد ما يحظى منها بالثقة اللازمة، على غرار موقع "إيلاف" مثلًا، فعندها سيتضح المأزق الحقيقي، في أن الغالبية غير المنضبطة تهدد مستقبل الأقلية التي تتمتع بالمهنية".

وتابع: "لا أعتقد أن الصحافة الإلكترونية أكثر رسوخًا من الورقية حتى الآن، فما زالت خدمة الانترنت بعيدة عن غالبية سكان الوطن العربي، وما زال النشر في الصحيفة الورقية هو الأكثر مصداقية، ربما لعدم استحالة تغيير ما تم نشره، على غرار طبيعة الصحافة الالكترونية، التي يمكن لها أن تنشر خبرًا كاذبًا ثم تسارع بإزالته بعد ذلك!".

استخبارات!

ويرفض البحيري "ما يسمى بصحافة المواطن، في ظل تقارير تعتبرها وسيلة لجأت إليها أجهزة الاستخبارات الغربية للحصول على معلومات دقيقة من مختلف أنحاء العالم مجانا"! على حد تعبيره.

وأوضح: "بات المواطن ينشر ما يراه ويسمعه ويعرفه في أية بقعة من العالم، دون أية محاذير أمنية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ولم يعد مطلوبًا من أجهزة الاستخبارات سوى مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات ومواقع ما يسمى بصحافة المواطن، فتحصل على كنوز "مجانية" من المعلومات، وهذه كارثة من وجهة نظري".

واتهم البحيري ما يعرف بـ"صحافة المواطن" بأنها "جاءت لتهمش الصحافي المحترف، بل وربما تقضي عليه، فالصحافي في الماضي كان مطلوبًا منه حدًا معينًا من العلم والثقافة وإجادة اللغات الأجنبية والعلاقات الوطيدة بالمصادر والمسؤولين، وتحري الدقة، والاستقصاء حول قضية ما. أما ما يسمى بصحافة المواطن، فليس مطلوبًا لها أي شيء سوى أن يكون لديك جهاز كمبيوتر وخدمة انترنت، وبوسعك أن تروج للإرهاب، وان تروج الاكاذيب، وتسفه من الآخر، وتعتدي على سمعة الآخرين".

ولفت إلى أن صحافة المواطن تسببت في ظهور "ما بات يعرف باللجان الالكترونية، أي أن جهة معينة تستأجر مجموعة من الاشخاص، وتكلفهم بالترويج لفكرة ما أو موضوع ما او أكذوبة ما، لتوجيه الرأي العام".

وتابع: إسرائيل كانت من أسرع الدول التي اهتمت بالفضاء الالكتروني العربي كمصدر ذهبي للمعلومات الاستخباراتية، وكوسيلة لإشعال الفتن بين ابناء الوطن العربي، بل وبين أبناء الوطن الواحد، وأنا هنا اتحدث عن معلومات لكوني امتلك خبرة 21 عامًا في هذا الشأن"، على حد قوله.

ويرى البحيري أن "إيلاف بعد 15 عامًا، باتت أكثر رشاقة، لكنني أرى أنها تضررت أيضًا من فوضى انتشار المواقع الالكترونية التي لا تستند إلى المهنية أو الدقة أو الاحترافية في التناول".
&