بيروت: قتل 25 مدنيا بينهم ستة اطفال جراء قصف جوي استهدف مدينة الرقة، المعقل الابرز لتنظيم داعش الذي يتصدى لهجمات عدة في سوريا فيما اعربت الامم المتحدة عن املها في توفر الشروط اللازمة لاستئناف مفاوضات السلام الشهر المقبل.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاربعاء عن غارات نفذتها طائرات حربية لم يتضح اذا كانت سورية ام روسية الثلاثاء على مناطق عدة في مدينة الرقة تسببت بمقتل "25 مدنيا بينهم ستة اطفال". وأشار إلى أنّ "عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب اصابة عشرات المواطنين بجروح بعضهم في حالة حرجة".

وغالبا ما تتعرض مدينة الرقة لقصف جوي تشنه طائرات روسية او سورية واخرى تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن. وتستهدف الغارات عادة مقار الجهاديين وتحركاتهم، الا انها توقع بين الحين والآخر قتلى مدنيين.

ونشرت حملة "الرقة تذبح بصمت" الاربعاء على حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر النيران مندلعة داخل شاحنة صغيرة بيضاء اللون قرب مبنى استهدفته الغارات امس، بالاضافة إلى صور اخرى تظهر مبنى، تضررت احدى طبقاته العليا. 

وبحسب المرصد، قصفت طائرات تابعة للتحالف الاربعاء مناطق عدة داخل مدينة الرقة، بينها مبنى المحافظة. وتأتي هذه الغارات بعد تراجع قوات النظام السوري والمقاتلين الموالين لها ليل الاثنين إلى خارج محافظة الرقة بعدما كانت دخلتها قبل اسابيع للمرة الاولى منذ عامين.

وبدات قوات النظام ومقاتلون من قوات "صقور الصحراء" موالون لها ومدربون من موسكو، هجوما مطلع الشهر الحالي بدعم جوي روسي وتمكنت من التقدم جنوب مدينة الطبقة التي سيطر عليها الجهاديون العام 2014 وتقع على بعد خمسين كيلومترا غرب مدينة الرقة.

انسحاب "كارثي"

كانت قوات النظام قد وصلت الاحد إلى بعد سبعة كيلومترات عن مطار الطبقة العسكري، قبل تراجعها اثر هجوم معاكس لتنظيم داعش الذي استقدم 300 مقاتل من مدينة الرقة ولجأ كما هي العادة إلى التقدم عبر هجمات انتحارية.

ووصف موقع "المصدر" الاخباري والقريب من دمشق، التراجع بـ"الكارثي" متحدثا عن "انسحاب غير منظم" لقوات النظام التي تركت خلفها "اسلحة وجنودا".

وقال مقاتل من العشائر يحارب إلى جانب قوات النظام لمراسل فرانس برس ان ما حصل في الطبقة هو "هجوم عنيف للانغماسيين والمفخخات على مواقع الجيش"، تزامنا مع استقدام التنظيم "تعزيزات كبيرة واستخدامه الصواريخ الحرارية". 

وربط الخبير في الجغرافيا السورية في معهد واشنطن فابريس بالانش لوكالة فرانس برس هذا التراجع ببنية القوات السورية المهاجمة والمؤلفة "بشكل اساسي من بدو موالين او من عناصر انضمت اليها غالبا لاسباب مالية، وبالتالي فهي ليست قوات نخبة وانسحبت مباشرة بعد اولى الهجمات الانتحارية" التي نفذها الجهاديون.

واوضح انه "في معركة الطبقة كانت القوات السورية منتشرة على مساحات واسعة بشكل اضعف قدراتها الدفاعية" خصوصا في هذه المنطقة الصحراوية.

وفي محافظة حلب المجاورة، تخوض قوات سوريا الديموقراطية منذ 31 مايو معارك عنيفة ضد تنظيم داعش للسيطرة على مدينة منبج، احدى ابرز معاقل الجهاديين في المحافظة. وتمكنت هذه القوات من تطويق مدينة منبج وقطع طرق امداد التنظيم إلى مناطق اخرى تحت سيطرته ونحو الحدود التركية.

ويتبع تنظيم داعش استراتيجية التفجيرات الانتحارية ذاتها، ما يعيق تقدم قوات سوريا الديموقراطية. ونفذ التنظيم وفق المرصد، خلال الـ24 ساعة الماضية ثلاثة تفجيرات انتحارية بعربات مفخخة في غرب وجنوب شرق منبج.

وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية، بحسب قيادي في قوات سوريا الديموقراطية متواجد في جبهة منبج، "من استيعاب الهجمات وصدها (...) نتيجة وصول تعزيزات وسرعة تعامل الطيران (التابع للتحالف) مع الاهداف المعادية".

تسمية رئيس حكومة

تزامنا مع هذه التطورات الميدانية، كلف الرئيس السوري بشار الاسد الاربعاء وزير الكهرباء عماد خميس بتشكيل حكومة سورية جديدة خلفا لرئيس حكومة تصريف الاعمال الحالية وائل الحلقي، وفق ما اوردت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا).

وخميس الذي شغل منصب وزير الكهرباء في الحكومات المتعاقبة منذ 2011، هو في عداد الشخصيات التي فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات عليها العام 2012، ومنع بموجبها منحه تأشيرة دخول إلى دول الاتحاد.

وتشهد سوريا نزاعا داميا منذ اذار/مارس 2011 تسبب بمقتل اكثر من 280 الف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

واعرب موفد الامم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا مساء الثلاثاء امام الجمعية العامة للامم المتحدة عن امله ببدء جولة جديدة من مفاوضات السلام في تموز/يوليو، معتبرا انه يجب اولا "احترام وقف الاعمال القتالية وزيادة المساعدات الانسانية والتوصل إلى اتفاق مبدئي حول العملية السياسية الانتقالية".

واوضح ان النظام والمعارضة في سوريا لا يتفقان على مفهوم العملية الانتقالية وخصوصا على دور الاسد، فضلا عن تباين المواقف بين روسيا والولايات المتحدة. واكد ان "المباحثات السياسية لا يمكن ان تستمر (...) طالما ان وتيرة المعارك تزداد ويتعرض المدنيون لمجاعة".

وجرت منذ يناير ثلاث جولات غير مباشرة من مفاوضات السلام بين الحكومة والمعارضة السوريتين في جنيف برعاية الامم المتحدة، الا انها لم تحقق اي تقدم في ظل الخلاف على مستقبل الاسد.