يبدو أن المتحركات السياسية والدبلوماسية الأميركية بدأت ترخي بظلالها على الأزمة السورية، وهو ما يفسر اللقاء العاجل والمستغرب، في شكله ومضمونه، بين وزير الدفاع الروسي والرئيس بشار الأسد.&

إيلاف من لندن: توقف معارضون سوريون أمام توقيت ومضمون الرسالة التي حررها مجموعة من الدبلوماسيين الأميركيين، والتي دعت إلى شن ضربات ضد النظام السوري لاجباره على التفاوض بهدف الوصول الى حل سياسي للأزمة السورية، كما لفتوا الى أجواء زيارة وزير الدفاع الروسي الى سوريا.&

وتحدث أحمد شبيب، عضو المكتب السياسي في تيار الغد السوري، لـ"إيلاف" عن توقيت تلك الرسالة، وقال: "إنها تأتي في وقت يتبنى تنظيم داعش الهجوم على الملهى الليلي في ولاية فلوريدا وسقوط عدد كبير من الضحايا، بالاضافة إلى استهداف القوات الروسية لفصيل تدعمه الولايات المتحدة يعمل في منطقة غير مختلطة مع جماعات مصنفة ارهابية"، &متسائلا: "هل بات الأميركيون أقرب الى الاعتقاد أن أمنهم القومي في خطر؟".

وكان جون كيري، وزير الخارجية الاميركي، اجتمع مع عشرة من الدبلوماسيين الذين حرروا الرسالة في لقاء لم يكشف عن تفاصيله، كما لم يكشف عن كل مضمون تلك الرسالة وبقيت أجزاء منها سرية.

وفي هذا الصدد، قال شبيب: "إنه من المؤكد أن القيادة الروسية تعلم أن التذمر الداخلي من سلوك الادارة الأميركية ومحاباتها روسيا من مستويات عديدة دبلوماسية واعلامية وبرلمانية سيكون له أثر لن يروق للروس، ولا لحليفهم الجيوبوليتيكي الايراني".&

واعتبر أنه "رغم قناعة الروس أن باراك أوباما لا يعتزم تغيير سياسة بلاده تجاه الأزمة السورية، إلا أنهم وجدوا ما يستدعي تحركا عمليا لهم يضاف الى تصريحات المسؤولين الروس ومهاجمتهم المذكرة، وربما جاءت زيارة وزير دفاع روسيا في هذا الاطار".&

خرق الأعراف&

وبعيدًا عن كل ما سبق، رأى شبيب أنه "من غير المفاجئ أن يقوم وزير دفاع روسيا الاتحادية بزيارة لسوريا التي تتواجد فيها قواتهم بحالة حرب، ولكن من الناحية البروتوكولية نستطيع القول إن العرف في سوريا يقتضي بأن يصل الضيف إن كان من المستوى الأدنى الى قاعة الاستقبال برفقة نظيره من الجانب السوري، ومن ثم يدخل الرئيس ليصافحه، وبعد الجلوس يُسمح للاعلام بالدخول لدقائق قليلة لالتقاط الصور ومن ثم الانصراف".

وأكد "هذا العرف الدبلوماسي البسيط غاب كلياً عن لقاء الوزير الروسي بالأسد، وغاب وزير الدفاع السوري، وغابت حتى زجاجة الماء عن الطاولة".

أما في ما يتعلق بكلام الأسد عن المفاجأة السارة، فقال: "هنا لا بد لنا أن نتساءل كيف تم ترتيب الموعد مع ضيف مجهول الهوية ليتفاجأ به الأسد؟".

وشدد على أن "بديهيات مثل هذه اللقاءات تحتم أن يتم أولاً طلب اللقاء المستعجل .. ولا يتحرك الضيف من بلده ولا تعطى له أذونات عبور طائرته للأجواء، إلا بعد موافقة مكتب الرئاسة على الزيارة وعلى الضيف نفسه ويتم بعدها ترتب مراسم الاستقبال وبرنامج الزيارة".

وحول الجلوس على طاولة اجتماعات مستطيلة لمستويين مختلفين بروتوكولياً فهو خطيئة بروتوكولية لا يمكن تبريرها، بحسب شبيب، وهو ما يضاف الى خطيئة خلو القاعة والطاولة من علم الدولة.

وحول تصوير رئيس الدولة من الخلف أو من الجانب كما ظهر في صور لقاء الأسد والوزير الروسي، رأى أن هذا "هو بحد ذاته اهانة تضاف إلى كل ما سبق وذكرناه سابقاً، ما يوحي أن المقصود من التصوير هو الوزير الضيف وليس المضيف ولهذا دلائل كبيرة في علم الإعلام، كما ظهر الوزير الروسي أكثر ثقة وارتياحاً باللقاء، وقد يفسر ارتباك بشار الأسد خشيته من أن يكون هذا الضيف "قد تأبط شراً".&

أحمد شبيب، عضو المكتب السياسي في تيار الغد السوري

خطاب اعلامي موحد&

من جانب آخر، وعن الخطاب الإعلامي الروسي والسوري، أضاف أنه جاء "متوافقاً تماماً حول الزيارة، ومتفق على سياق الأخبار بأن الهدف من هذه الزيارة لم يكن أكثر من زيارة روتينية لتفقد القوات الروسية المقاتلة في سوريا ومكافحة الإرهاب، وكلها أمور إجرائية يدرك المتلقي العادي أنها أهداف لا تستدعي زيارة عاجلة غير معلنة، ما يؤكد وجود هدف آخر مستتر خلف هذه المفاجأة على حسب تعبير الأسد نفسه".&

كما لم ترشح أي معلومات عن الرسالة "البوتينية" للأسد، ولكن استدرك شبيب أنه "من المؤكد أن القيادة الروسية مهتمة بالوصول الى الحل السياسي - الذي يعطّله الأسد- &على طريقتها وبما يحقق مصالحها، والتصرف كراع أساسي للحل السياسي في سورية، وكإحدى أكثر الدول اهتماماً بمحاربة الارهاب، وتعمل على ابقاء الحل في سوريا قيد نظر مجلس الأمن الذي تمتلك فيه حق النقض، والتمسك بالمحافظة على مؤسسات الدولة وبالتالي على كل الالتزامات الموقعة معها، والتي ما يزال أغلبها قيد الكتمان. ويعمل الروس على اظهار تحكمهم وسيطرتهم على سوريا والقرار فيها، بما في ذلك قدرتهم على اهانة الأسد".&

وتابع: "القيادة الروسية تدرك أهمية عامل الزمن وتخشى مفاجآت غير سارة من قبل الأميركيين وحلفائهم الأوروبيين والاقليميين، وربما هم اليوم أقرب الى القناعة بضرورة ايجاد حل واقعي للأزمة في سوريا، وملء كل الفراغات"، لذلك لاحظ "السعي الروسي لاستمالة قوى معارضة، وشخصيات وطنية، معلوم موقفها المسبق والنهائي المطالب برحيل الاسد ورموز نظامه ومحاكمتهم".&
&