يقول المجلس الأطلنطي للأبحاث، في تعليق له على خبر ارسال 51 مسؤولاً بوزارة الخارجية الأميركية لمذكرة عبّروا فيها عن عدم موافقتهم على السياسة تجاه سوريا، وحثوا على "دور عسكري أميركي أكثر حزما"، إنّ المعارضة التي تواجهها سياسة اوباما من داخل الادارة نفسها، ستنتصر ضد السكوت عن القتل الجماعي.


عبدالإله مجيد من لندن: لاقت مطالبة 51 مسؤولاً في وزارة الخارجية الأميركية مؤخرًا بأن توجه ادارة الرئيس اوباما ضربات عسكرية تستهدف نظام بشار الأسد لوقف مجازره ضد المدنيين، الاسطوانة المعهودة من الاعتراضات والذرائع.

كيري يلتقي الغاضبين&

اجتمع وزير الخارجية جون كيري يوم الثلاثاء مع حوالي عشرة من 51 مسؤولاً بوزارة الخارجية أرسلوا الأسبوع الماضي مذكرة عبّروا فيها عن عدم موافقتهم على السياسة الاميركية تجاه سوريا، وحثوا على "دور عسكري أميركي أكثر حزمًا".

وقال عدة مسؤولين أميركيين إنهم لا يتوقعون أن تؤدي المذكرة -التي تم نقلها عبر قناة داخل وزارة الخارجية مخصصة للتعبير عن الآراء المعارضة - إلى تغيير سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وفي المذكرة، دعا الدبلوماسيون إلى ضربات عسكرية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد لوقف انتهاكاتها المستمرة لإتفاق هدنة في الحرب الأهلية في سوريا.

وترتكز سياسة أوباما تجاه سوريا -حيث تدور حرب أهلية منذ أكثر من خمسة أعوام- على هدف تفادي تورط عسكري أكثر عمقًا في الشرق الأوسط وتتعرض لانتقادات واسعة تصفها بأنها مترددة وتتفادى المخاطرة.

وتركز تدخل أوباما المحدود على قتال تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد، الذي سيطر على مناطق في سوريا والعراق. وطالبت المذكرة التي كتبها مسؤولو وزارة الخارجية بموقف أكثر قوة.

وفي حين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي إن كيري اجتمع مع حوالي عشرة من المسؤولين لنحو ساعة يوم الثلاثاء إلا أنه امتنع عن تقديم تفاصيل عمّا دار في نقاشهم بشأن المذكرة التي لم تنشرها الوزارة.

وقالت مسودة من المذكرة بثتها صحيفة نيويورك تايمز في موقعها الإلكتروني، "نحن نعتقد أن تحقيق أهدافنا سيستمر يراوغنا إذا لم ندرج استخدام القوة العسكرية كخيار لفرض اتفاق وقف الأعمال القتالية وإجبار النظام السوري على التقيد بشروطه، وأيضًا التفاوض بحسن نية على حل سياسي."

سينتصرون

رئيس مركز رفيق الحريري في المجلس الأطلنطي للأبحاث الدبلوماسي السابق فريدريك هوف اعرب عن ثقته بأن المعارضة التي تواجهها سياسة اوباما تجاه سوريا من داخل الادارة نفسها، ستنتصر كما انتصرت معارضة الدبلوماسيين الاميركيين ضد السكوت عن القتل الجماعي خلال حرب البلقان إبان التسعينات.

ولكنه اضاف "أن وقف الابادة الجماعية والكارثة السياسية في سوريا قد يتطلب رئيساً جديداً بخلاف ما حدث في البلقان قبل 20 عاماً".

رسالة للنظام&

لم يطالب مسؤولو وزارة الخارجية المعترضون على سياسة اوباما بغزو سوريا أو احتلالها ولا تغيير النظام بالعنف أو حملة قصف استراتيجي أو مواجهة مع روسيا، بل كل ما اوصوا به هو ان يستخدم اوباما القوات الاميركية في ضربات عسكرية توجه رسالة الى النظام بأن ما يرتكبه ضد شعبه تترتب عليه عواقب وأثمانٍ تتعدى سعر وقود الطيران المدعوم لا شك من ايران لتشغيل الطائرات التي تقتل المدنيين في بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم ومساجدهم واسواقهم، كما كتب هوف.

واشار مدير مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط في مجلس الأطلنطي الى ما حدث في داريا فور الانتهاء من إيصال المؤن الى سكانها المحاصرين، عندما قصفتهم مروحيات النظام بالبراميل المتفجرة، وقتلت عشرات منهم بينهم اطفال.

وكتب "أن رد الادارة الاميركية على مثل هذه الفظائع كان "إدانتها بأشد العبارات" من على المنابر ومناشدة روسيا للمرة المليون أن تلجم عميلها ليمكن استئناف المفاوضات في جنيف".

أعذار أوباما&

واستعرض هوف الأعذار التي تسوقها ادارة اوباما "لغض الطرف فيما يُذبح الأبرياء وتُمرغ مصداقية اميركا في الوحل"، قائلاً إن في مقدمة هذه الأعذار هو "الادعاء بأن رفع اصبع احتجاجاً ليس من شأنه إلا أن يزيد الأمور تفاقماً ومن الأفضل ان يبقى الأسد بمنأى من العقاب بصرف النظر عن الأثمان التي يدفعها السوريون وجيرانهم وحلفاء اميركا، وان الخبرة الاميركية في العراق بعد 2003 تثبت بكل تأكيد فشل أي مجهود لحماية المدنيين السوريين. يضاف الى ذلك امتناع اوباما عن إغضاب ايران في سوريا"، على حد تعبير هوف الذي يرى ان فرص المعترضين على سياسة اوباما من داخل ادارته في فرض وجهة نظرهم "ليست طيبة" من الآن الى 20 يناير 2017"، يوم تنصيب الرئيس الاميركي الجديد.

مزيد من الوقت&

ويرجح هوف ان "ايران وروسيا تريدان تشجيع البيت الأبيض على الاستمرار في سياسة تعتمد بالكامل على حسن نيتهما ونية عميلهما" لاسيما وانهما يريدان ان يمنحا نظام الأسد مزيدًا من الوقت لمواصلة حربه ضد المعارضة الوطنية ومعاقبة جماهيرها من المدنيين.

ولكنه يلاحظ "ان ايران وروسيا تواجهان خياراً حرجاً هو التوصل الى اتفاق على الانتقال السياسي في سوريا مع ادارة اوباما أو الرهان على نتيجة الانتخابات الاميركية غير ان الخطر الأكبر الآن هو ان يفهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السكوت الاميركي عن هجمية عميله التي تُفرغ سوريا من السكان، وهجماته هو على الفصائل المدربة اميركياً التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" على انه اجازة تسمح له بعمل شيء يزعزع الاستقرار بصورة خطيرة في اوروبا". &

ويقول هوف في الختام انه إذا لم يتدارك اوباما الوضع في سوريا كما تدارك الرئيس بيل كلنتون الوضع في البلقان بوقف القتل الجماعي هناك، فإن "السوريين وجيرانهم وحلفاءنا الاوروبيين سيعتمدون اعتماداً مطلقاً على انسانية سفاح وأخلاق حماته الأجانب. &والمؤكد أن الرئيس الاميركي المقبل يستطيع أن يقدم أداء أفضل من ذلك".

اعداد عبد الاله مجيد عن موقع مجلس الأطلنطي على الرابط التالي&
&